انتخابات عراق 2010 .. عودة قوية لـ "السنة" أم مزيد من الإضعاف ؟
22 صفر 1431
جمال عرفة

برغم استمرار تشتتهم وانقسامهم ومقاطعة قسم معتبر منهم للانتخابات التي تفرز مؤسسات الدولة، لأنها تجري في ظل الاحتلال الأمريكي وبواسطة أعوانه، فقد ظهرت قبل بضعة أشهر مؤشرات علي عودة قوية لسُنة العراق في انتخابات 7 مارس المقبل 2010 – لو أرادوا وتوحدت لوائحهم- بعد موافقة البرلمان علي قانون الانتخابات الجديد، وتبدل التحالفات السنية والشيعية القائمة، ونزوع الناخب السني للمشاركة عموما علي خلفية تصور أن غيابه في الانتخابات السابقة نتج عنه ضعف السنة سياسيا وأن المقاطعة هي من غيبت السنة وسمحت لأعوان الاحتلال بتبوء مناصب الدولة المختلفة.

 

ويبدو أن هذا النزوع من جانب قسم كبير من العرب السنة – بخلاف أنصار هيئة علماء المسلمين – للمشاركة لوقف تهميشهم وإعادة الهوية الحضارية العربية الاسلامية للعراق، قد دفع النظام الحاكم بدعم الاحتلال الأمريكي للتحرك من أجل وقف هذه العودة السنية القوية عبر تشريعات وقوانين جديدة استهدفت في الظاهر منع عودة حزب البعث العراقي، ولكنها في باطنها تحمل مهمة منع أي عودة قوية لهذا التيار العروبي الاسلامي السني في حكم العراق في ظل التقاء المصالح الأمريكية الخاصة بالرغبة في تمييع هوية العراق العربية الاسلامية مع مصالح التحالفات الشيعية الكردية المهيمنة علي الحياة السياسية.

 

لذلك قررت هيئة "العدالة والمساءلة" العراقية (هيئة اجتثات البعث سابقا ) منع 14 كيانا سياسيا – غالبيتها تتضم سنة عرب – وتضم قرابة 500 مرشح، من خوض الانتخابات بزعم الانتماء لحزب البعث المنحل بهدف "تهميش" العرب السنة عن الانتخابات بعدما همشوهم بالقوة سابقا ثم بالمقاطعة واخيرا بمنعهم بالإجراءات التعسفية الأخيرة، وجري حديث عن ضغوط علي المحاكم العراقية لرفض تظلمات هذه الأحزاب!.

 

وربما يكون ولادة تحالف علماني كبير هو "الكتلة العراقية" يوم 16 يناير الجاري والتي ضمت طيفاً واسعاً من الشخصيات ذات الاتجاه العلماني تمثل مختلف الطوائف أبرزهم سنة العراق محاولة للتحايل علي هذا المنع، إذ يتصدر هذا التحالف رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي (شيعي علماني) ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي (سني)، ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي وزعيم جبهة الحوار الوطني صالح المطلك، بخلاف شخصيات عشائرية مثل عبد الكريم ماهود المحمداوي الملقب بـ"امير الاهوار"، والنائب النافذ في الموصل اسامة النجيفي والكاتب المعروف بانتقاداته للقيادات النافذة حالياً حسن العلوي.

 

حيث تسعي هذه "الكتلة العراقية" لمنافسة التحالفات الشيعية والكردية المعروفة مثل "ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي و"الائتلاف الوطني العراقي" والتحالف الكردستاني و"ائتلاف وحدة العراق" بزعامة وزير الداخلية جواد البولاني (يضم سنة عرب)، وقادة الصحوات وخصوصاً احمد ابوريشة.

 

وبرغم أن هناك عدة سلبيات أخري بخلاف الاستبعاد، سوف تجري في ظلها الانتخابات، مثل استمرار التدخل الفج للاحتلال في الحياة السياسية حتي أن السفير الأمريكي مكث في البرلمان بنفسه يمارس ضغوطا مختلفة لحين تمرير قانون الانتخابات وأيد موقف الأكراد من أزمة كركوك علي حساب العرب والتركمان، وإجراءها في ظل استمرار الاحتلال وسيطرة أعوانه علي مجرياتها، وهم الذين يجري الكشف كل يوم عن خيانتهم للشارع العراقي وتلقيهم رشاوي ( أخرها الفضيحة التي كشفتها شركة المرتزقة "بلاك ووتر" عن رشوة مسئولين للتغطية علي جرائمها في الفالوجة)، فإنه يمكن القول أن هناك عدة مزايا أخري في هذه الانتخابات ربما لو ركز عليها السنة العرب في العراق لشهدت نتائج هذه الانتخابات عودة قوية لهم.

 

من هذه المزايا مثلا أن هذه الانتخابات سوف تختلف عن انتخابات 2005 في أنها ستشهد منافسة بين (قوائم سياسية) بدرجة أكبر، لا (قوائم طائفية)، وسيسمح القانون الأنتخابي الجديد لكل مواطن أن يختار (الشخص) الذي يرغب فيه من اي قائمة دون أن يكون مجبرا – كما في الانتخابات السابقة – علي انتخابات كل القائمة وإلا بطل صوته، حيث سيتسنى للناخبين هذه المرة، وفقا لنظام التحالفات السياسية، اختيار المرشحين بالاسم الذي يفضلونه وفق تاريخه السياسي والمهني او اعطاء الصوت للقائمة التي ينتمي اليها، الامر الذي يختلف عن انتخابات 2005، حيث كانت القوائم مغلقة.

 

ومن هذه المزايا أيضا أن هناك رغبة لدي سنة العراق في الإقبال علي الانتخابات في المحافظات ذات الغالبية السنية يفوق مثيلاتها الشيعية بعدما أتعظ العرب السنة مما حدث في انتخابات العام 2005 ولا يريدون تكرار ذلك، كما أن هذه ربما تكون أخر انتخابات تجري في ظل الاحتلال الأمريكي الكامل للعراق، بسبب خطة الأنسحاب الأمريكية من العراق عام 2011 للحاجة لهذه القوات في أفغانستان، ورغبة الاحتلال في إعطاء دور ما للسنة وباقي الأطياف العراقية خشية أن يقع العراق في القبضة الايرانية الشيعية، وهو ما قد يعتبر فرصة للسنة لإختبار المصداقية الأمريكية ومصداقية العملية الانتخابية والانخراط في هذه العملية علي أمل إكتساب خبرات تفيد في انتخابات اخري مقبلة بعد خروج الاحتلال من العراق.

 

خريطة التحالفات السياسية
سوف تختلف الانتخابات القادمة أوائل 2010 عن تلك التي جرت في نهاية 2005، من حيث إنتهاء أو تخفيف حدة التحالفات الطائفية الفجة خصوصا تلك القوائم الأنتخابية الشيعية والكردية الموحدة التي اكتسحت الانتخابات السابقة في غيبة أو انقسام السنة وأقتسمت المناصب فيما سمي "العراق الجديد"، ويظهر هذا في تفتت التحالفات السابقة وكثرة عدد الأحزاب المشاركة في انتخابات 2010 حيث بلغت 296 حزبا (مقابل 228 كتلة في انتخابات 2005).
والجديد أيضا أن هناك رغبات لبعض السنة – من منتسبي حزب البعث السابقين - في تشكيل تحالفات سياسية جديدة تستهدف الحفاظ علي هوية العراق الاسلامية العربية ولو مع أحزاب شيعية علمانية مثل تحالف "المطلك" و"علاوي"، حيث يرغب "المطلك" في تشكيل تحالف أعرض تدعمه دول عربية أملا في عودة سنة العراق لحكم العراق ورئاسة العراق بعدما أدت الرئاسة الكردية الحالية لتمييع الموقف العراقي العربي وإبعاده عن وسطه العربي وخدمة التوجه الكردستاني الانفصالي عن الدولة العراقية الأم وربما لهذا جري حرمانه من المشاركة.

 

والحقيقة أن ظاهرة تفكك الكتل السياسية العراقية التي هيمنت علي الساحة العراقية وزياة مشاركة أو صعود نفوذ السنة الحقيقي، بدأت تظهر منذ انتخابات مجالس المحافظات (المحليات) التي جرت في 31 من يناير الماضي 2009، وكان أبرز مظاهرها تفكك "الائتلاف العراقي الموحد" الحاكم (شيعي) الذي يضم حزب الدعوة، وحزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الفضيلة، والتيار الصدري، وكذا جبهة التوافق العراقية (سنية) التي ضمت (الحزب الإسلامي بزعامة طارق الهاشمي، ومؤتمر أهل العراق بزعامة عدنان الديلمي، ومجلس الحوار الوطني بزعامة خلف العليان، وتجمع الحوار الوطني بزعامة صالح المطلق) بعد خروج الحزبين الأخيرين منها، وسعيهما حاليا لتشكيل تحالف مختلف.

 

والأن بعد مقاطعة غالبية الأحزاب السنية لانتخابات 2005، عاد بعضها ليشارك بقوة في انتخابات 2010 ليعوض غيابه ويثبت ان السنة قوة انتخابية كبيرة بدليل ما جري في انتخابات المحليات الأخيرة أوائل العام الجاري 2009، عندما عاد السنة للمشاركة في انتخابات بعض البلديات بقوة وفازوا فيها وسيطروا علي مجالسها التي كان يسيطر عليها أكراد أو شيعة سابقا بسبب الغياب السني خصوصا بلدية نينوي وديالي.

 

وقد يكون هذا الحضور العربي الاسلامي في انتخابات 2010 مقدمة لعودة قوية لكل السنة العرب خصوصا أن هناك قوي بارزة يمثلها هيئة علماء المسلمين بزعامة الشيخ حارث الضاري، وقوي المقاومة الاسلامية (التي دخل الأمريكان في حوارات مع بعضهم في مارس الماضي) لا تزال ترفض المشاركة وتعتبرها انتخابات ناقصة في ظل الاحتلال وغياب الأمن وسيطرة الفاسدين علي السلطة، ولو شاركت هذه القوي وجري توحيد قسم كبير من هذا الصوت الاسلامي السني – في وقت تتفتت فيه القوائم الشيعية – سيكون لسنة العراق العرب شأن كبير في إدارة عجلة العراق مرة أخري كما كان الحال قبل الاحتلال الأمريكي للعراق.

 

ومن أبرز المتغيرات التي اقرت في قانون الانتخابات الجديد، زيادة عدد اعضاء البرلمان من 275 الي 300 نائب، واعطاء 25% من المقاعد للنساء وتخصيص 8 مقاعد للاقليات.ويفترض نظريا ان تكون هذه اخر انتخابات تجري بوجود القوات الاميركية، التي تبلغ حاليا 117 الف جندي، ويفترض ان تنسحب تماما نهاية 2011 كما جاء في الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن باستثناء قوات تبقي بحجة تدريب القوات العراقية.
ويبدو مشهد التحالفات حتى الأن ضبابيا بعض الشيء، داخل العديد من التيارات السياسية التي حدث ببعضها انشقاقات، وحدث ببعضها الآخر تشكيل تحالفات جديدة، ويمكن رصد هذا فيما يلي :

 

* التيار الشيعي: بعد أن كان متماسكا في الانتخابات السابقة تحت اسم الائتلاف العراقي، وتمكن من تحقيق فوز ملحوظ فيها، حدث فيه مؤخراً انشقاق كبير بتشكيل الائتلاف العراقي الموحد، بزعامة الراحل عبد العزيز الحكيم الذي تولى من بعده نجله عمار الحكيم راية الزعامة، هذا الائتلاف استطاع وبسرعة أن يضم في جنباته أهم التيارات الشيعية، كان آخرها تيار "وائل عبد اللطيف"، والذي تولى وزارة العدل في حكومة إياد علاوي.
وقد رفض رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الانضمام إلى هذا التحالف، مفضلاً دخول الانتخابات بتحالفه المعروف بدولة سيادة القانون، والذي حقق نجاحا ملحوظا في الانتخابات المحلية السابقة (يناير 2009). وقد أدى موقف المالكي الرافض للانضمام إلى الائتلاف العراقي إلى انشقاق شيعي، وهذا الانشقاق سيؤدى إلى تفتيت الأصوات الشيعية، وربما يؤدى إلى يأس الناخب الشيعي من العملية السياسية وهو يرى هذا الانقسام؛ فيعزف عن المشاركة معيدا تاريخه السابق في الابتعاد عن العملية السياسية في فترات تاريخية سابقة كما يفعل السنة، ولذلك هناك شكوك أن يحقق المالكي ما سبق من نتائج في الانتخابات المحلية السابقة.

 

* التحالف الكردستاني: هذا التيار الكردستاني حدث فيه لأول مرة هو الآخر انشقاق كبير، وظهر ذلك واضحاً في الانتخابات البرلمانية الكردستانية؛ فقد انشق نيشروان مصطفى أمين عن الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة جلال طالباني). ونيشروان هو أحد القادة التاريخيين في الحركة الكردية وثالث ثلاثة اشتركوا في تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني. حيث شكل نيشروان في الانتخابات البرلمانية الكردستانية ما سمي بـ "جبهة التغيير"، وحققت نجاحاً ملحوظاً وحصلت على ما يقرب من 40% من المقاعد البرلمانية رغم حداثة عهدها، ولقد رفض نيشروان مشاركة جبهته في حكومة ائتلافية كردستانية وفضل أن يعمل في مقعد المعارضة كحكومة ظل وفق الأعراف الديمقراطية، ولذلك لن يكون التحالف الكردستاني متماسكا كما كان في الماضي، في انتخابات يناير 2010.

 

* التيار العلماني: في مقدمة هذا التيار نجد إياد علاوي وصالح المطلك وعدنان الدليمي، الأول: شيعي علماني، والآخران عربيان سنيان وهؤلاء كانوا أعضاء في حزب البعث سابقا وجري فصلهم منه وهؤلاء يسعون لتيار أوسع سضم شيعة وسنة علي خلفية سياسية ترفع شأن العراق الموحد العربي الاسلامي الهوية.

 

* التيار الإسلامي السني المتمثل في الحزب الإسلامي، والذي يترأسه طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الحالي، ومعه إياد السامرائي رئيس البرلمان الحالي، ومحمود المشهداني رئيس البرلمان السابق، وعلى القرب منهم مجالس الصحوات والعشائر، وكلها لم تحدد مواقفها بعد، وإن كانت ستدخل تلك الانتخابات منفردة أو يحدث فيما بينها قدر من التحالفات والمرجح ان تتوحد.

 

ولا يمكن الحديث هنا عن التيار السني دون ن نذكر تيار أخر كبير مقاطع للانتخابات تمثله هيئة علماء المسلمين والمقاومة العراقية النشطة والذي يعتبر ما يجري (خداع انتخابي مفضوح ) حيث يري هذا التيار أن ما يجري تحت حراب الاحتلال "عملية خداع سياسي مفضوح لا يمكن أن ينطلي على أبناء العراق الرافضين للمحتل ومن جاء معه " ولذلك تقاطع الانتخابات وتدعو لاستمرار المقاطعة علي اعتبار أن العراق الجديد بني علي أسس ظالمة تخدم الاحتلال وأعوانه وتبعد السنة العرب عن مراكز السيطرة والنفوذ في البلاد، وأن من يحكمون "لا يملكون غير الانقياد الأعمى لأجندات احتلالية وإقليمية"، وان الانتخابات من حيث الشكل والمضمون "لا تضمن صعود من يحاكي تطلعات أبناء العراق كون قانونها المكتوب بأيدي من يريد الاستفراد ويؤمن بالإقصاء ".

 

واقع سنة العراق الإنتخابي !
برغم دعوات التوحد، فسوف تخوض احزاب العرب السنة الذين سيطروا على الحياة السياسية في العراق على مدى عشرات السنين حتى سقوط النظام السابق العام 2003، الانتخابات التشريعية منفصلة عن بعضها أو ضمن تحالفات علمانية، وقد اعلنت جبهة التوافق العراقي السنية، ابرز ممثل للعرب السنة، لائحتها التي ضمت 49 مرشحا استعدادا للانتخابات التشريعية في غياب مكونات اساسية كانت تتألف منها لدى خوضها الانتخابات السابقة العام 2005.

 

ويعد الحزب الاسلامي العراقي (25 مقعدا في البرلمان) الذي ينتمي اليه رئيس البرلمان العراقي اياد السامرائي، المحور الرئيسي الذي يلتف حوله الائتلاف اضافة لحزب "مؤتمر اهل العراق" الذي بات يحمل حاليا اسم "تجمع اهل العراق" بزعامة عدنان الدليمي (سبعة مقاعد) اضافة لزعماء عشائر ورجال دين، ولكن غاب عن هذا الائتلاف "مجلس الحوار الوطني" (سبعة مقاعد في البرلمان) بزعامة خلف العليان الذي لم يحدد تحالفاته بعد، كما غابت عن الائتلاف "الكتلة العربية المستقلة" بزعامة عبد المطلك الجبوري (ثمانية مقاعد) وانضم الجبوري واثنان من نواب الكتلة الى قائمة "ائتلاف دولة القانون" التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي، ولم يقرر الخمسة الباقون الى اي كتلة سينضمون.
ومثل انفصال نائب الرئيس العراقي والامين العام السابق للحزب الاسلامي طارق الهاشمي، صورة اخرى من الانفصال الذي تعرضت له قائمة التوافق السنية، والذي سعي صالح المطلك زعيم الجبهة العراقية للحوار الوطني لضمه "الهاشمي" الي ائتلاف (الحركة الوطنية العراقية) مع حزب رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي.

 

وقد يكون في صالح السنة حالة الانقسام والانفصال التي شهدتها تحالفات شيعية حاكمة خصوصا بين تياري "المالكي" و"الإبراهيمي" حيث ظهر الائتلاف الشيعي هذه المرة، والذي حصل على اغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات الماضية، بقائمتين يتزعم احداهما رئيس الوزراء والثانية لخصومه، وهو أمر إيجابي لا سلبي لصالح العراق عموما والسنة ايضا، لان الناخبين لن يصوتوا لاعتبارات طائفية وانما سياسية في هذه الحالة، وقد يقلل هذا من خسائر السنة في هذه الانتخابات بسبب فشل سنة العراق في تشكيل كتلة موحدة تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ومخاطر هذا الانقسام الذي قد يطيح بهم من المشهد السياسي العراقي في هذه الانتخابات أيضا مثلما جري في انتخابات 2005 بسبب عزوف الناخب السني العربي عن الانتخابات نتيجة غياب صوت متجانس للعرب السنة قد يكلفهم الكثير على الصعيد السياسي بحسب مراقبون عراقيون وأجانب لأنه يظهر السنة وكأنهم لا يستطيعون اتخاذ قرار مشترك بشأن أي شيء برغم ما يتردد عن ضغوط عربية علي السنة لتشكيل تيار وائتلاف موحد والتي لم تفلح.

 

التدخلات الخارجية تحسم النتائج ؟
لأن العراق مفتوح علي كل الاحتمالات وحياة أبناؤه باتت محط تدخلات لكل القوي الاقليمية والدولية بعد انهيار دولته الموحدة، فمن الطبيعي أن يكون هناك تاثيرات وتدخلات لقوي مختلفة خارج العراق علي الأحزاب بهدف الحفاظ علي مصالح هذه الدولة وتوجيه العراق بما يخدم سياساتها.

 

هنا نجد عدة لاعبين علي الساحة العراقية : أبرزهم الاحتلال الأمريكي، وايران الدولة الجارة التي يدور بينها وبين امريكا مباراة نفوذ وحرب عضلات، إضافة للدور التركي المتنامي المتخوف من استقلال الأكراد بدولة مستقلة تؤثر علي أمن تركيا، والدور العربي الذي تقوده دول عربية خصوصا السعودية ودول الخليج الساعي لإعادة نفوذ العرب السنة للعراق مرة أخري ومنع انجراف العراق نحو ايران والتشيع.
فالولايات المتحدة، تسعى لأن تسفر الانتخابات القادمة عن نظام موال لها ليس على وفاق مع إيران، أو عند الحد الأدنى ليس مواليا لإيران؛ ولذلك تؤيد وتشجع تكوين ائتلاف قوي يضم التيار العلماني والقوى السنية والأكراد، وربما تيار نوري المالكي، في محاولة لسد الطريق أمام ائتلاف الحكيم أو الائتلافات الشيعية الطائفية أو على الأقل حرمانها من الفوز بأغلبية كبيرة وبالتالي حرمانهم من الانفراد بالحكم.
وإيران تسعى إلى العكس تماما، وتحاول تدعيم التيار الشيعي والتقليل من آثار الانشقاقات التي لحقت بتحالفات الشيعة الحاكمة هناك، وتزيد تدخلها بهدف إيجاد حكم عراقي موال أو محايد في صراعها مع الامريكان وبما يضمن تحييد هذه الجبهة العراقية في اي صراع مقبل مع الأمريكان قد يكون عسكري.

 

وتركيا تسعى لمنع انفصال الأكراد أو تعظيم قوتهم السياسية خشية أن ينعكس هذا علي أكراد تركيا، وتسعي لضمان المحافظة على مصالحها داخل العراق، ما الدول العربية خصوصا دول الجوار العراقي مثل السعودية والأردن وسوريا، فهم يضغطون من أجل بقاء وجه العراق العربي ويجاهدون لتوحيد قوي سنية عربية أو حتي شيعية علمانية عربية ليست لها أجندة طائفية أو ايرانية، ولكن نفوذ هذه الدول لا يزال ضعيفا في التاثير علي الساحة العراقية.
ويبقي الدور الصهيوني الذي يلعب في الساحة العراقية وخصوصا في الشمال لأهداف استخبارية واقتصادية ويستهدف تحويل العراق الي مركز استخباري يقفز منه علي دول الخليج والسعودية، فضلا عن أن هناك اهداف صهيونية دينية لاعتقاد الصهاينة في أهمية بابل العراقية في مسيرتهم الدينية.

 

انتخابات 2010 قد تشكل بالتالي فرصة لصعود وعودة السنة مرة أخري لواجهة الأحداث أو علي الأقل استعادة بعضا من قوتهم لو أرادوا وتوحدت قوائم السنة قبيل اجراء الانتخابات بما يغري الناخب السني بالمشاركة وعدم العزوف، وقد تشكل الانشقاقات الأخيرة في التحالف الحاكم وعلي مستوي الاكراد فرصة للسنة أيضا، في حين ان استمرار الانشقاق بين السنة قد يؤدي للعكس واستمرار تهميش دورهم السياسي لحين قطف المقاومة مكاسب أخري أكبر لاحقا.