الإعلام الغربي المتلاعب بمعاناة البشر.. الظلم المكعب!!
17 صفر 1431
منذر الأسعد

تتباهى وسائل الإعلام الغربية تقليدياً بما تزعمه من حرص على الموضوعية والأمانة في تغطية القضايا التي تتناولها والمشكلات التي تعالجها.غير أن نصيب هذا الادعاء من الصحة محدود وضئيل، ولم تعد معرفة الحقيقة بدلاً من الشعار الصاخب، لم تعد حكراً على أهل المهنة أو المثقفين المتبحرين، بل باتت مشتهرة لعامة الناس في عصر الفضائيات والإنترنت.

 

فأكثر شرائح الإعلام الغربي موضوعية ما دام الموضوع المطروح للمناقشة لا يصطدم بالخطوط الحمراء اليهودية، ولا بكراهية الإسلام في المقابل، سواء أكان الموضوع محلياً يخص ساحة داخلية هناك، أم قضية دولية خارجية. ولا حاجة إلى سرد الشواهد من فلسطين والعراق وأفغانستان والبوسنة....

 

هذا بالطبع لا ينفي وقوع الاستثناءات ولا سيما على صعيد الأفراد، الذين يحاصرهم الاتجاه السائد، ويضيق عليهم الخناق، ويفتري عليهم اتهامات شنيعة.وربما كان المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي أبرز الأمثلة في هذا المضمار، فلم تشفع له يهوديته ولا جنسيته، ولا نتاجه العلمي الرصين في علم النحو التوليدي على الأقل!!ولم ينفعه موقعه الأكاديمي الرفيع في معهد ماساشوستس ذائع الصيت.فمن يصدق أن هذا الرجل معتمٌ عليه فلا يكاد مواطنوه يعرفون اسمه، ما عدا قلة قليلة من النخبة ذات الثقافة العميقة أو المؤيدين ذوي الميول اليسارية بالمقاييس الأمريكية؟!

 

وفي هذه العجالة نلقي الضوء على حالة طازجة تقدم شاهداً موثقاً على أن النزاهة في الإعلام الغربي تمثل الاستثناء لا القاعدة السائدة. إنها كارثة هايتي التي نكبها زلزال هائل قبل اسابيع، أسفر عن أكثر من 120ألف قتيل، وزهاء ضعفي عددهم من المشردين بلا مأوى ولا غذاء ولا كساء ولا غطاء.

 

هي محنة إنسانية بكل تأكيد. لكن الإعلام الأمريكي خان شرف الكلمة مرات في تعامله مع تلك المأساة، فقد سعى بكل ثقله إلى التعتيم بقدر طاقته على الطابع العسكري شبه الاحتلالي لل"إغاثة"التي قدمتها أقوى وأغنى دولة في العالم لجار قريب وشعب فقير منكوب.

 

أما الخيانة الثانية فكانت في تجاهله المطبق لجميع المساعدات الآتية من مسلمين، ابتداء من منظمات الإغاثة الأمريكية وصولاً إلى إسهامات بلدان عربية عديدة!!

 

ولولا قناة الجزيرة القطرية وموفدها إلى هايتي-من واشنطن!!-لما علمنا بحضور النجدة الإسلامية من داخل الساحة الأمريكية ذاتها!! ولما اطلعنا على بوادر انتشار ديننا الحنيف هناك في وقت قريب جداً!!

 

أما ثالثة الأثافي-كما تقول العرب-فهي طمس الإعلام الغربي كله معالم فضيحة صهيونية مدوية، بالرغم من سخط مؤسسات الإغاثة الدولية وجماعات حقوق الإنسان الغربية، التي عبّرت عن استنكارها الشديد لانتهاز الكيان الصهيوني نكبة شعب هايتي لسرقة أعضاء الضحايا وبخاصة القتلى، والأشد انحطاطاً أن تتم تلك الجريمة تحت دثار العون والمساعدة!! وبئس العون وبئست المساعدة!!

 

هنالك أصبح إعلام الغرب كله أصم أبكم أعمى.ولكي تتضح الصورة بأبشع دلالاتها، فلنتصور أن شخصاً واحداً مسلماً استغل العمل الإنساني لسرقة قلبٍ أو قرنية عينٍ أو كبدٍ أو أي عضو من أحد قتلى زلزال هايتي، فما الذي كنا سنتابعه في إعلام النفاق الغربي؟أليس استغلال حادثة فردية يتيمة لشتم المسلمين كافة في العصر الحاضر، ثم العودة بالكذب إلى الوراء لدمغ سلفنا الصالح بالمتاجرة في آلام الآخرين؟بل إن كبار الأفاقين من أدعياء المعرفة سوف يغطون الشاشات وهم يسبون الإسلام نفسه بفرية أنه دين غير إنساني؟

فهلا يستحيي بقية التغريبيين بيننا من الترويج لأسطورة الغرب الإنساني والإعلام الغربي المهني الراقي؟