4 جمادى الأول 1431

السؤال

السلام عليكم أتمنى أن تساعدوني في أقرب وقت.. أريد حلاً، أنا تعبت وزهقت من حياتي، زوجي من بداية حياتي وهو يضربني ويسبني ويسيء معاملتي وكلامي وأنا أسكت وأصبر ولست مقصرة معه في أي شيء. هو شخصيته غريبة وخلقه سيئ جداً، وأود أصارحه في أسلوبه أنه غلط لكن أخاف أصارحه فيثور عليّ وأنا لا زلت ساترة عليه.. ساعدوني.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وفرج الله همك، وهدى زوجك.
أيتها الموفقة ما دمت تعرفين طبيعة زوجك فتجنبي قدر الإمكان ما يؤدي لانفعاله، وإذا غضب فلا تناقشيه أو تثيريه بأي تصرف، وتذكري أن من أسباب حسن الصحبة بين الزوجين مراعاة حال الطرف الآخر ساعة غضبه، وقد أثر عن أبي الدرداء أنه قال لزوجته _رضي الله عنهما_: "إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب". وتذكري كذلك أن الغضب يعمي ويصم، والذي يشتد غضبه يتكلم ويتصرف بغير وعي، فإذا ما ذهبت سورة الغضب وفاء إلى رشده وتذكر تصرفك معه ساعة ثورته ولمس فيها ما يدل على احترامك ومحبتك له ارتفعت في عينه درجات وربما حرص على تعديل طبعه، ومراعاة مشاعرك. كما أنه سيكتسب منك هذا الخلق بكثرة تكراره، وهذا مشاهد فكم من إنسان تعدلت أخلاقه بسبب حسن صحبته، وكم من أناس انتقلت لهم عدوى العصبية من رفاقهم وأزواجهم. حاولي أن تنظري إلى الموقف الذي أثار غضبه بمنظاره هو، فربما تصرفت تصرفاً ترينه مناسباً لكنه يفهمه على نحو غير الذي عنيته، ثم تبادري لترضيته والاعتذار له قبل أن يتطور الأمر. المهم أشعريه بأنك زوجه المطيعة المحبة، الحريصة على دنياه وأخراه. ويمكن أن تهديه بعض الأشرطة ليسمعها أثناء قيادته للسيارة وليكن من بينها أشرطة تتكلم عن حسن الخلق، ومضار الانفعال، وكيفية تطوير الذات والسيطرة على التصرفات ونحو ذلك. ولتكن من ضمن المواضيع التي تتحدثون فيها لاسيما في ساعات صفائه كيفية اكتساب العادات الحميدة والتخلص من الصفات السيئة وتطوير القدرات وليضع كل منكم قائمة بما يريد أن يكتسبه وما يريد أن يتخلص منه ثم لتتعانوا على الوصول للهدف. المهم لا تشعريه بالوصاية عليه، أو توجهي له الكلام على سبيل الأمر فربما دعاه ذلك للمكابرة. واعلمي أنه ما من أحد يرضى لنفسه بأن يكون سيء الخلق لكن ما كل الناس يستطيعون ترويض أنفسهم، ولا كل شخص قادر على تقبل التوجيه من غيره حتى ولو كان في مصلحته. واسأليه صراحة كذلك عما يعجبه وما لا يعجبه، وبيني له كذلك ما تحبيه وما لا تحبيه بصورة مناسبة وصريحة كذلك، فربما يصدر منه فعل يراه عادياً لكنه يضايقك فتتجاوزين عنه أول مرة ثم يتكرر فتصبرين ولا يشعر بضيقك فلا يجد حرجاً في تكراره وتفقدين القدرة على الصبر وتتفجر المشكلات بسبب شيء كان يمكن تفاديه ابتداء. إن لم يكن من عادتكم الحديث بهدوء وصراحة لسبب أو لآخر، أو تخشين أن يسيء فهمك أو غير ذلك فارسلي له رسالة يقرؤها بعيداً عنك على بريده الالكتروني مثلاً، ولا تكن لهجتك هي لهجة المهاجِم أو المتهِم، بل تكلمي كلام المحب المشفق الحريص على تمتين الروابط وإزالة سوء التفاهم، وأشيري إلى أنك ترينه أولى الناس بك، وهو أول من تلجئين إليه من الناس لذلك تكاتبينه وتسألينه أن يحل المشكلة وأنك ترين المشكلة المعينة من الزاوية الفلانية ويسعدك أن تعرفي وجهة نظره، وأن تتعاوني معه للوصول لحل يرضي الطرفين. ومهما كان زوجك سيء الخلق فإنه إنسان يتأثر بالكلام الطيب، والمعاملة الحسنة. ويمكنك استعمال ذات الأسلوب في قضية سلوكه مع الآخرين. أما كونك غير مقصرة في حقه فهذه وجهة نظرك لكن ليس بالضرورة أن يراك كذلك، وما من امرأة مهما كانت تستطيع أن تزعم بأنها غير مقصرة في حق زوجها فإنه لو جاء ذات يوم وبه قرحة تسيل صديداً فلحستها بلسانها لم توفه حقه كما في الأثر. فلا تتصرفي بنفسية الضحية البريئة، فربما كان هو الآخر يعيش ذات الدور، ويراك بذات المنظار. بل تذكري أنه ما دام ارتضاك زوجة له واختارك من دون النساء طائعا مختاراً فإن فيك ما يعجبه فتعرفي على ما يعجبه وابذليه له، وما دمت رضيت به زوجاً من دون الرجال فإن فيه ما يغريك على البقاء معه، ويمكنكما معالجة الأخطاء، والتجاوز عن العثرات، والتعاون على بناء حياة مستقرة هانئة.
على أي حال إن لم يكن بمقدورك التأثير عليه وتوصيل وجهة نظرك له، فيمكنك الاستعانة بعاقل من أهلك أو أهله. ولا يكن حرجك مما يقوله الناس أشد عليك من واقع زوجك فإنه إن كان دافعك إصلاحه خوفاً عليه وحرصاً على مصلحته فلن تعدمي سبيلاً لذلك، فاحرصى واصبري واحتسبي الأجر عند من لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
واستعيني بالدعاء فإنه رافع للبلاء، وهو عبادة في حد ذاته ترفع الدرجات وتقرب من رب العباد.
أصلحكما الله، وألف بين قلبيكما، ووفقكما لما يحب ويرضى.