25 صفر 1431

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا شاب عمري 24 سنة، الحمد لله ملتزم، أريد الزواج من بنت عمتي (بكر)، تكبرني بـ11 سنة، عمرها (36) سنة، وهي بنت صالحة، ظهرت عليها الاستقامة، ولكن والدي غير راضٍ بزواجي منها، بسبب فارق السن، والبنت تريد الزواج مني، ولكن أهل البنت غير موافقين، بسبب عدم موافقة والدي، الذي هو خالها، وأنا مُصرٌ على الزواج منها.
أفتونا جزاكم الله خيرًا.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الفاضل:
قرأت سؤالك جيدًا؛ وهو يدور حول رغبتك وإصرارك على الزواج من ابنة عمتك؛ التي تصفها بالصلاح والاستقامة، فضلا عن كونها تبادلك الرغبة في الزواج منك؛ وفهمت من سؤالك أن المشكلة تتلخص في "رفض والدك" لهذه الزيجة بسبب فارق السن (11 عامًا)، و"اشتراط أهلها موافقة والدك" ليتم الزواج.
وأستعين بالله وألخص لك إجابتي في النقاط التالية:
1- الزواج سنة متبعة: قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21)، وهو أمر مندوب إليه في حال القدرة عليه؛ فقد أوصى به حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم شباب أمته، فقال لهم: "‏يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‏".
2- للزواج فوائد عديدة: منها؛ غض البصر وصيانة الأعراض وحفظ النسل، وتكوين الأسرة الصالحة، وإعفاف الزوج وصيانته عن الوقوع في الحرام، وإعفاف الزوجة وقضاء الوطر وتكثير الأمة، واستمرار عمارة الأرض لتنفيذ شرائع الله وأحكامه.
3- فارق السن ليس أمرًا سلبيًا بإطلاق : بل في بعض الأحيان قد يكون له من المحامد ما لا يدركه المرء إلا بعد الزواج، ومن ذلك: العقل والاتزان والحكمة في معالجة الأمور، والمشاركة الجدية في تحمل المسئولية، ودعم الزوج وإعانته على مصاعب الحياة وعثراتها، ولم لا وقد تزوج قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة وهي تكبره آنذاك بأعوام.
4- نصيحة التربويون دائما هو الزواج ممن تصغرنا عمرا لكونها ستستمر بصحتها وطاقتها النفسية في خدمة زوجها وبناء بيتها وحتى لايستشعر الزوج نقصا في جانب الخبرة الحياتية بجانبها وذلك يدعوك من وجه آخر إلى التَرَوِّي والتفكر والدراسة لأمرك جيدا وألا تأخذك حماسة نفسية غير مدروسة
5- الصلاح والاستقامة شرطان أساسيان: فلا يستطيع عاقل أن ينصحك بالتغافل عن هذين الأمرين؛ فصلاح الزوجة واستقامتها على الدين هما صك النجاح – بإذن الله- لهذا المشروع الكبير، الذي هو بمثابة اللبنة التي تقوم عليها الأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم، فالأمة المسلمة. وأحسب أنهما متوفران في ابنة عمتك حيث قلت في رسالتك: (هي بنت صالحة، بانت عليها الاستقامة).
6- أقنع والدك واحذر عقوقه: عندما نفكر في محاصرة المشكلة، ومحاولة تحديدها، نجدها تنحصر في "رفض والدك"، وهنا أدعوك للتفكير واستشارة الخبراء والبحث عن حل لاسترضاء والدك وإقناعه، بمنتهى الأدب والحكمة، وأحذرك من استدراج الشيطان لك، لإيقاعك في فخ العقوق.
أخي الكريم:
وللخروج من هذه المعادلة "الصعبة" فإنني أنصحك باتباع الآتي:
• استعن بالله واطلب منه العون والمدد، واسأله أن يلين لك قلب أبيك.
• استخر الله (عز وجل)، وادع بدعاء الاستخارة فإنك لا تدري أين الخير.
• لا تعاند والدك، ولا تظهر له إصرارك على الزواج منها مهما كان الثمن.
• إن كانت علاقتك به جيدة؛ فاجلس معه بعيدًا عن الناس، واشرح له وجهة نظرك.
• بين له أنك حريص على طاعته، وطمئنه أنك لن تفعل شيئًا بغير رضاه.
• إن خيرت بين إرضاء والدك وإرضاء نفسك، فاختر بره واحذر عقوقه.