11 جمادى الأول 1431

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي كبيرة جداً.. وأسأل الله أن ترشدوني لحل.
منذ سنتين علمت بالصدفة أن زوجي عنده قرض ربوي - الله المستعان -، وكان قد طلب أخوه منه أن يستخرج له بطاقات من بنك لأنه كان محتاجاً كثيراً.. المهم ساعده زوجي، ولا يعلم أنه يغرق نفسه بالربا، وبعد فترة لم يعد يدفع أخوه للبنك ولم يعد يستطيع زوجي الدفع لقرضه ولبطاقات أخيه التي هي باسم زوجي، وبدأ كلما ضاقت عليه يلجأ لبنك ويأخذ بطاقة ليسد متأخرات عليه من قرضه وبطاقات أخيه، وهكذا.. حتى وصل الحال معه أن أخذ أكثر من بطاقة ووصل دينه لمبلغ كبير.
ومن سنتين تاب زوجي إلى الله ولكننا عانينا كثيراً وما زلنا.. إنها حرب من الله.. الآن زوجي تم توقيفه عن العمل وحاولنا أن نستدين مبلغاً لكي نعمل مشروعاً صغيراً نصرف منه، وراتب زوجي للبنك، إلى أن يفرجها الله علينا.
المهم وصلنا لوضعٍ شلَّ تفكيرنا، لن نعد نعرف كيف نفكر؛ لأننا كلما فكرنا بفكرة نجد أمامنا صعوبات تجعلنا نقف ونبدأ من جديد.
أشيروا علي بفكرة تخرجنا مما نحن فيه؛ هذا مع العلم أننا ولله الحمد وَكَّلْنا أمرنا لله ونستغفر الله وعندنا ثقة بالله كبيرة.. وجزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
إبراهيم الأزرق

الجواب

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد:
فأولاً: الحمد لله على ما قضى من رجوع زوجك إلى رشده وتوبته من ذنبه، فإن الربا ذنب عظيم قد توعد الله صاحبه في الدارين، ولو لم تكن في الأحداث التي سردت نقطة مشرقة غير توبته من هذا الذنب العظيم فحسبك به مغنماً، فأن يتوب ويبقى مطلوباً، خير له من أن يرفل في النعيم بذلك الذنب العظيم حتى يلقى الله عز وجل به.
ثانياً: أنصح زوجك بمراجعة مستشار قانوني ذي ديانة، ليفيد زوجك فيما يلزمه بحسب البلد التي هو فيها، فإن أمكن التخلص من المديونيات المترتبة على الربا أو ما يسمونها بالفوائد، فليجهد في ذلك، دون أن يظلم الناس رؤوس أموالهم.
ثالثاً: اقتصدوا ما استطعتم وتخففوا من بعض الحاجيات وجل الكماليات واطرقوا أبواب الرزق المشروعة، واسألوا الله من فضله، والله ذو الفضل العظيم، لا يرد من اجتهد في الدعاء والعمل، {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} [الطلاق: من الآية7] ، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح:5-6].
وأخيراً قد لا نملك كثير شيء نقدمه لكم غير الدعاء بأن ييسر الله أمر زوجك ويغنيه من فضله ويعيذه من غلبة الدين ومن قهر الرجال، بيد أن هذه نصائح مختصرة تساعدكما على ترتيب الأفكار، ربما فكرتم فيها وهذا هو المتوقع ممن يمر بمثل حالكما، ولكنها تذكرة ومشاركة، عسى الله أن ينفع بها، وحبذا لو خططتما بورقة وقلم:
= انظروا في ما عندكم من إمكانيات قد يستفاد منها ومن جملتها:
== العلاقات المختلفة التي يمكن أن تعين.
=== من جهة الأهل والأقارب، ولا سيما أخو الزوج المتسبب فعليه تحمل ما نجم من جهته.
=== من جهة الأصدقاء.
=== من جهة المؤسسات الخيرية.
فقد يكون بعض هؤلاء أهل للإسهام ولو بفكرة، لكن تريثوا وتخيروا فما كل الناس أهل لعرض المشاكل عليه ولو كان قريباً.
== القدرات التي يمكن أن تستثمر.
=== مهارات تعليمية وعملية اكتسبتماها بموجب الدراسة والأعمال السابقة يمكن أن توظف.
=== قدرات أو مهارات أخرى متعلقة بالكتابة أو التعليم أو التربية أو الحاسب أو غيرها مما يمكن أن يسعى في توظيفه.
ثم المطلوب السعي للاستفادة منها جميعها بقدر الطاقة، وفرص العمل موجودة يوفق الله لها من يشاء بفضله.
= انظروا فيما يمكن التخفف منه:
== في المطعم والملبس والمركب والمسكن وغيرها، فما زاد عن حد الحاجة فليترك طلبه.
== وما كان فاضلاً منه مسبقاً فينظر هل يمكن أن يستثمر؟
= أخيراً، بعد بذل الممكن من الأسباب والاجتهاد اعلما أن جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى! وأنه ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ولا كرب حتى الشوكة يشاكها إلاّ آجره الله عليها، عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، فعليكما بالصبر فالصبر خير معية، ولا تدفعنكما ضغوط الحياة الدنيا إلى طلب الخلاص بما فيه سخط الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن هذه الحياة ظل زائل، ولو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها الكافر شربة ماء، وتذكرا أن الله إنما خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً.. ثم هو سبحانه لطيف بعباده، صادق في وعده، وقد قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:2-3]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق: من الآية4].
يسَّر الله أمركم وفرج همكم، وأغناكم من فضله، ودمتما في رعاية الله وحفظه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.