28 ربيع الأول 1431

السؤال

هل من الممكن أن أتزوج بشخص أحبه جداً وهو الآخر يحبني جداً بالرغم من عدم حب إخوته لي؟

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد:
جزاك الله خيرا أختي السائلة على تلك الثقة في موقع المسلم..
تسأل الأخت الكريمة أنها تقدم لها أخ خاطب وهي تحبه ويحبها ولكن اخوته لا يحبونها وتسال هل تتمم الزواج به أم لا؟
ولكي نجيب على سؤال الأخت الكريمة نتناول الأمر من خلال نقاط:
فقد شرع الله عز وجل الزواج للمؤمنين لتسكن أرواحهم ولتتحقق المودة بينهم ولصيانتهم ووقايتهم من الوقوع في الرذائل ولضبط الغرائز والرغبات الإنسانية الطبيعية بميزان الشرع فلا يُحاد عنه.
وقامت علاقات الناس في الزواج على الاختيار والتدقيق فيه , فالمؤمن لابد وأن يدقق في اختيار زوجته وكذلك أهل المرأة لابد وان يختاروا لها الكفء المناسب وفق قواعد وضوابط حث عليها الإسلام وفصلها الرسول صلى الله عليه وسلم , ووضع للاختيار معايير لابد وأن توضع في الحسبان ولا ينبغي إهمالها والتفريط فيها.
ونلحظ أن الأخت السائلة لم توضح في سؤالها مسألة تدين الخاطب , ربما أنها قد دققت فيها وأحسنت الاختيار وبقيت هذه الجزئية (مسألة عدم حب إخوته لها) التي تسال عنها , وربما لم تدقق وهنا يجب عليها أن تتوقف عند هذا الأمر الهام الذي يفوق جدا مسالة حب أو كره إخوته لها.
إن الأساس الأول الذي ينبغي أن يكون معيارا لاختيار الزوج والزوجة هو معيار الدين والخُلُق.
فقال الله عز وجل: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} فقدم الله معيار الدين على كل معيار فالعبد المؤمن ولو كان رقيقا مملوكا خير من المشرك الذي يمتلك الوجاهة والشرف والأمة الرقيقة المؤمنة خير من ذوات الحسب والنسب والجمال والمال إن افتقرن إلى الدين والخلق.
وهكذا نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا ونساء بوضع هذا الأساس معيارا أوليا مبدئيا نقرر بعده المضي أم لا في موضوع الزواج , فلأهل المرأة قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وغيره.
وأمر به الرجال فعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
وعلى هذا المعيار الأول والمهم تقوم الأسر والبيوت التي تمثل اللبنات الصالحة للمجتمع.
وهنا شيء يجب الانتباه له جيدا في سؤال السائلة:
تذكر أنها "تحبه جداً ويحبها جداً"..
وهذا مما ابتلينا به كمسلمين وأصبح من الكثرة بمكان في مجتمعاتنا حتى غدا من يستنكره أو ينكر على أصحابه فعلهم كناطح صخرة برأسه وأصبح هو المتعرض للوم من الناس.
من أين علمَت بهذا الحب الكبير ومن أين علم هو أيضا وكيف اتصل هذا الحب ورُوي وأثمر؟
أسئلة كثيرة تدل على فعل الجوارح المحظور كنظرات أو كلمات أو اتصالات أو خلوات وهذا ما يجب التوقف عنده.
إن الزواج لا يتم بين فردين فقط من الناس ولو كان كذلك ما أثمر الثمرة المرجوة من إصلاح علاقات الناس وتشابك وترابط أبناء الأمة , إن الزواج علاقة كاملة بين أسرتين أو عائلتين وقد كان هناك حث دائم على الاغتراب في التزاوج حتى تتصل الأمة ولا تتقوقع قبيلة أو عائلة داخلها فقط.
ووجود كراهية من أهل الزوج للزوجة ينغص عيشها ويفتح أبوابا لافتعال مشكلات معها وتفسير أقوالها وأفعالها وفق ما يعتقدون ويرون مما يضع الزوج تحت ضغط دائم وسعي حثيث لإرضاء طرفين لا يمكن أن يتلاقيا ويرضيا مما يؤول به لأحد رجلين إما أن يظلم زوجته لإرضاء أهله أو يقطع رحمه لإرضاء زوجته وكلاهما مذموم ويسبب شقاء دائما لكل منهما بل لكلتا الأسرتين.
ولذا أنصح إن لم توجد وسيلة لإصلاح تلك العلاقة أو لمحو تلك الكراهية أن لا تتزوج السائلة بالخاطب الذي جاء لها وسوف يغني الله كلا من سعته.