15 صفر 1431

السؤال

السلام عليكم
أعاني من قسوة والدي منذ الصغر وأنا أكبر إخوتي، بالإضافة إلى خوفي من الخروج من البيت والاختلاط بالمجتمع. أظن أن كل الناس ينظرون إلي أنا بالذات وعندما يطلب مني أي شخص شيئاً لا أستطيع أن أقول (لا)، وأميل إلى العزلة في غرفتي ولا أثق في أي شخص حيث إني تعرضت للاستغلال الجنسي من خالي في صغري، ولم أستطع أن أخبر أحدا إلى الآن. والدي بقسوته يزيد الموضوع سوءاً حيث لا أستطيع محاورته أو الجلوس معه حيث يسخر مني دائما ويرفع صوته، بالإضافة إلى ضربه لي في صغري فكيف أتعامل معه؟ أرجو المساعدة..

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الأخ السائل: بداية أشكر لك ثقتك فينا لتراسلنا وتفصح لنا عما أخفيته عن الناس ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن من الصالحين..
شكواك أيها الأخ لها عدة محاور أريد أن اختصرها لك.
الأول: ما تعرضت له في صغرك من استغلال جنسي مع شدة وقسوة والدك لعلهما من الأسباب المؤثرة التي تسببت في انطوائك عن الناس وعزلتك في وحدتك فيجب أن تبحث عن علاج نفسي لذلك وأفضل العلاج في ذلك اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ففي اللجوء إليه سبحانه تفريغ نفسي لمكنونات النفس، وفي مناجاته سبحانه قوة نفسية، وفي ذكره سبحانه ثبات ودعم نفسي، فاغنم العلاج النفسي في ركعات في جوف الليل وتحسس الدواء في المناجاة والتبتل فلا خاب من ارتجاه ولا ضعف من توكل عليه.
ثانيا: صحبة الصالحين نوع آخر من العلاج ستجدهم في حلقات العلم في المساجد وفي صفوف الصلاة عند الأذان وفي مواقف الخير ومظان التقوى فاختر لك من الصالحين أصدقاء وأخلاء ولا تحدثهم عن نفسك بشيء وتعلم منهم الخير والزم ركاب العلماء فإن مجلسهم علاج لكل نقص، ورفعة لكل ذل ومدامة للسعادة ومطهرة للنفس.
ثالثا: الصبر على الوالدين والصفح عنهما شعبة من شعب الإيمان فاغفر لأبيك قسوته معك فإن حبه لك بحر تغرف فيه خطاياه تجاهك وتعمد أن تقوم ببره والقرب إليه مهما بدا قاسيا وأنصحك أن تصارحه في لحظات مناسبات بألمك من سخرياته وعذاباتك من قساواته وتأكد أنك ستجد منه من الخير ما لم تكن تتوقع.
رابعا: أنصحك بعرض نفسك على طبيب خبير صالح تخبره بآلامك وتكون صريحا معه في شأنك وتخطو معه خطوات متدرجات وتنتظم معه فيما يدلك عليه من علاجات.
خامسا: لا تجعل نفسك نهبا للوحدة، وقاوم ما تشكو منه، ولا شك أنك ستجد صعوبة في البداية لكنك مع المثابرة والمصابرة ستجد تقدما ملحوظا خصوصا مع صدق اللجوء إلى الله سبحانه..
وأذكرك بالآيات الصالحات على لسان إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} (الشعراء:78-85).