21 جمادى الأول 1431

السؤال

أود أن تشيروا عليّ.. أنا تخرجت السنة الدراسية الماضية من الجامعة قسم عقيدة، عُرض عليّ مديرة تحفيظ، أنا مترددة في الإقدام، وأسباب ذلك أنني أود أن أثبت القرآن؛ فقد مضت مدة لم أراجع وقد سجلت أخيراً في التحفيظ، كذلك فأنا أحس أني خائفة من هذه التجربة وأني غير مؤهلة تماماً!
ومع هذا تدفعني رغبتي؛ لأني منذ زمن أنتظر فرصة كهذه أريد اكتساب تجارب وخبرات، أريد صقل شخصيتي ومعرفتها أكثر والاختلاط بالناس.. بماذا تنصحونني؟

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أختي السائلة الكريمة: بداية أشكرك على همتك ونشاطك في تحصيل العلم الشرعي، وارتباطك بكتاب الله، وحبك لتحفيظه، فعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وبالنسبة للعرض الذي تستشيرين بخصوصه وهو هل تقبلين بأن تكوني مديرة تحفيظ القرآن أم لا.
فنصيحتي أختي الكريمة ألا تستعجلي الخطى، ولا تتعجلي قطف الثمار قبل أوانها، أقبلي أولا على زراعة شجرة طيبة فروعها ستمتد، بعنايتك ورعايتك لها، واجتهادك لتنمو وتتمر، لابد له من تحُّقق العلم قبل القول والعمل، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها) الحديث، هكذا يكون التلقي للعلم عموما ثم أداؤه: سماع ثم حفظ ثم وعي وفهم ثم يأتي بعدها التبليغ، فكيف إذا تعلق الأمر بكلام الله وتحفيظه وتعليمه.
فالأولى أن تجيدي وتتقني حفظك للقرآن حفظا جيدا، وتضبطي أحكام أدائه وتجويده نظريا وتطبيقيا، وتكتسبي ملكة تلقينه ومعرفة علمية صحيحة تؤهلك لتتصدري التوجيه والإشراف على غيرك.
فحاولي أن تزيني مقصدك بتوفير شروط العمل بهذا المقصد الحسن، حتى تكوني قدوة حسنة علاوة على حبك لتعليم القرآن، لأنها مسؤولية عظيمة الشأن، وأمانة هي أحق بالحفظ والصيانة، وهي تكليف قبل أن تكون تشريفا لحاملها.
وهذا بلا ريب أراه أكمل وأفضل، حتى تعلّمي غيركِ وأنتِ على بيّنة من أمركِ، ولك بعد ذلك أن تدربي نفسك على الإشراف على حلقات صغيرة تبدئين بها طريق تعليم القرآن، وهذا سيؤهلك لتوسيع مجال إشرافك على مجموعات أكبر سنا وأكثر عددا، وحينها ستكتسبين ما تطمحين إليه من صقل لشخصيتك وخبرتك. ولا تنسي أن القرآن حجة لك أو عليك، وان كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها.
حفظك الله أختي بحفظك لكتاب الله وتبليغ أمانته على الوجه الذي يرضيه.