متابعات سياسية: الحوثيون والإخوان.. انتصارات الليبرالية
28 ذو القعدة 1430
د. محمد العبدة







(1)

الإخوان والحوثيون

 

يقول الأستاذ عبد الله أبو عزة الذي كان من قادة الإخوان المسلمين، يقول منتقدا سياسة الإخوان: (ولقد وقعوا في حبائل السياسيين والأحزاب السياسية التي استطاعت أن تخدعهم وتستدرجهم لخدمة أغراضها، ومن أمثلة ذلك مخادعة محمد محمود باشا لحسن البنا..)

ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي ناصحا: (والواقع أن الإخوان لو لم يشاركوا أو لو لم يتورطوا في السياسة العملية، واشتغلوا بعملهم للدعوة لظهرت آثار ذلك في البلدان العربية)

وفي هذه الأيام يبدو أن الإخوان عدا فصائل منهم قد فقدوا الرؤية الصائبة في بعض الأمور السياسية وذلك حين خدعتهم إيران ومالوا إلى تأييدها بل تأييد أعتى الأنظمة الاستبدادية الحليفة لإيران، وهذا الأمر يستغربه كثير من الناس في حركة تعد نفسها أكبر الحركات وأقربها للاشتغال بالعمل السياسي، وآخر ما شاهدنا في القنوات الإخبارية أن الإخوان يطلبون من الحكومة السعودية التوسط بين حكومة اليمن والحوثيين، ولا ندري لمصلحة من هذا التعاطف مع الحوثيين وطلب المفاوضات معهم.

والحوثيون حركة طائفية انفصالية تريد زرع الفتنة وتمزيق الأوطان( مثلما الحزب في لبنان) وهذه الحركة تريد أن تكون بؤرة وذراعا لإيران، فكيف يرضى الإخوان أن تصبح اليمن صومالا ثانيا – لا سمح الله – تعيش الفوضى والقتال إلى ما لانهاية.

وقبل هذا وقفوا مع حسن نصر الله عندما هاجم بيروت وقتل من أهل السنة، وهو موقف غريب جدا، فإذا كان عندهم التباس في حرب (2006) فما هو الالتباس في قتل أهل السنة؟

كما أن تأييدهم لنظام استبدادي أعجب وأغرب، وكأنهم لا يهتمون بما يمارس من الظلم على شعبه، وهل يعد كل هذا جهلا بهذا النظام؟

إن السياسة دون مبادئ ودون أخلاق هي تهريج وانتهازية مكشوفة، ولا تبرر بها مصلحة، ليس هذا الكلام نقدا لحركة إسلامية ولكنه نقد لمفهوم السياسة عند بعض منتسبيها، ولم يعد يجدي السكوت عن مثل هذه الأخطاء الفادحة، فالمنطقة مهددة بالأخطار الخارجية والداخلية، والخطر الخارجي لا يتمثل فقط في محاولة الهيمنة الأمريكية أو العدوان الأمريكي على العراق، بل يتمثل أيضا بمحاولة الهيمنة الصفوية التي هي أخفى من الأولى، وهنا تكمن خطورتها ، فهي تمثل النفاق العقائدي السياسي الذي يخفى على كثير من الناس( وفيكم سماعون لهم).

 

(2)

انتصارات هزيلة

 

الليبراليون والعلمانيون منتعشون في هذه الأيام بما حققوه من انتصارات (هزيلة) وبما استطاعوا من التسلط على بعض وسائل الإعلام، ولكن الحقيقة أن هؤلاء يضربون رؤوسهم في صخرة كبيرة؛ صخرة الرفض العنيد من جانب الأكثرية المتدينة، وإن لم يكن صوتها عاليا لأسباب كثيرة، ليس هنا مجال ذكرها.

إن ما يقوم به هؤلاء الليبراليون وما يدعون إليه شيء يدعو إلى الشفقة والسخرية، كيف يبتعدون عن جذورهم الحقيقية، وكيف يظنون أنهم يمارسون علمية التحضر لهذه الشعوب، ويسابقون الزمن لنقل المجتمعات من التخلف إلى التقدم؟!

المتفرنسون في الجزائر نادوا بإدخال الفرنسية من جديد ابتداء من السنة الثانية الابتدائية، ولولا الحياء لأعلنوها لغة رسمية للبلاد، ولكنهم سيصابون بالهم والحزن لأن اللغة العربية هي الأقوى . إن هذا الظن من الليبراليين هو الذي أرداهم.

 

 

(3)

متى يتوقف التدهور

المنطقة العربية تنتقل من سيء إلى أسوأ من هزيمة (48) إلى هزيمة(67) إلى حرب الخليج الثانية ثم احتلال العراق، ثم الحركات الانفصالية الطائفية والإثنية، هل هذا شيء طبيعي يحدث للأمم والدول، أم أن هناك أسبابا عميقة وعميقة جدا وراء كل هذا التدهور؟ وهل سيتوقف هذا المسلسل أم أن القادم أعظم وهو تفتيت المنطقة(ما يحدث في اليمن والسودان) وهكذا كما قال تعالى: ( يخربون بيوتهم بأيديهم)

ليس هذا طبيعيا، وقد تصاب الأمم بالضعف ثم تعود فتقوى، وقد تبتلى بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، ولكن ترجع إلى ما كانت عليه، أما أن تستمر هذه الأزمات، فهذا ما يجب أن تتداعى إليه كل العقول وكل المخلصين في هذه الأمة، فالأجيال القادمة التي سترث هذه الحقبة لن تغفر لأصحابها تقصيرهم وتفرقهم وتكاسلهم عن الوحدة والاجتماع واقتراح الحلول المناسبة.

 

هوامش

 

ـ الحركة الإسلامية:رؤية مستقبلية /186.

ـ ظهر بيان لإخوان سورية ينتقد ما يقوم به الحوثيون من زرع للفتنة وتخريب للأوطان.

ـ انظر المقابلة مع الأستاذ عبد المالك مرتاض في مجلة العربي الكويتية لشهر 11-2009