26 شوال 1434

السؤال

فضيلة الشيخ:
هل الأموات يسمعون كلام الأحياء، وما حقيقته مع الدليل؟

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
فللموتى حياة خاصة، وهي حياة برزخية، ولها أحوال وأوضاع معينة أطلعنا الله تعالى على بعضها، وما لم نطلع عليه نكله إلى عالمه جل وعلا، وقد ثبت في السنة ما يدل على أن الأموات يسمعون كلام الأحياء في بعض الأحوال، ولا يدل هذا على أنهم يسمعون كل كلامهم، وذلك من مثل ما ثبت عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه..." متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه في قتلى بدر: "فجعلوا في بئر بعضهم على بعض، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان: هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني الله حقا؟ قال عمر: يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئا" متفق عليه واللفظ لمسلم.
وهذا محمول عند العلماء على أن هناك حالات سماع خاصة فربما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر عنها.
وأما قوله تعالى: "وما أنت بمسمع من في القبور" فهذه قد جاءت في سياق من ختم على قلبه فلا يفهم الخطاب من الكتاب والسنة، وأن مثله كمحاولة إسماع الموتى في الأحوال العادية والعامة، فلا تعارض هذه الآية الأحوال الخاصة التي دل الدليل على أنهم يسمعون فيها، ولو كانوا يسمعون لسن وشرع تلقين الموتى.
وأما ما جاء عن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت... قال: "فإذا أنا مت فلا تصبحني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي" رواه مسلم، فهذا رأي منه ولم يتأيد بقول الصحابة أو فعلهم، كسائر ما ينقل عن الصحابة في مثل ذلك، كإطالة الغرة في الوضوء، وكالتعريف في الأمصار، وكغرس جريد النخل على القبر، مما لم تعمل به الأمة في عهد الصحابة. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.