فلسطين ... وتحديات الإيمان الحقيقي

تنطلق النصرة لفلسطين من منطلقات إنسانية وقومية وإسلامية , وجميعها مطلوبة، والمؤكد أننا نظلم أنفسنا كثيرا إذا لم (نزرع) بداخلنا الوازع الإسلامي في أولى أولوياتنا..
 
فما يحدث في فلسطين مؤلم ، ومقاومته مطلب وطني وقومي ولكن من قال أن القومية حلت لنا أزماتنا ؟ فنحن أمةأعزها الله بالاسلام فمن ابتغى العزة بغيره أذلة الله. وهو ما نراه واضحا وجليا في كل تفاصيل حياتنا اليومية.
 
ولن ننصر فلسطين و لن ننصر أنفسنا ونحميها من غضب الخالق في الدنيا والآخرة بالدعاء وحده مع عميق إيماننا ودراكنا لأهمية الدعاء خاصة الصادر عن قلب صادق والموقن بالإجابة والممتليء حياء من الله عز وجل..
 
ولنتذكر أن نبينا، وهو سيد الخلق أجمعين، لم ينتصر هو وأصحابه وهم أفضل البشر من بعده صلوات الله وسلامه عليه بالدعاء فقط، وإنما صحب ذلك البذل والعطاء بالأموال والأنفس فقدموا أرواحهم الطاهرة وأموالهم "بحب" للخالق عز وجل وانطبقت عليهم الآية الكريمة : ( ومن المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمن من قضى نحبه ومنهممن ينتظر وما بدلوا تبديلا ) .
 
فأين نحن منهم؟!
ولنتذكر الآية الكريمة:(وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) فإن لم نستطع الجهاد بالأنفس "مؤقتا" فعلينا بالجهاد بالمال , وأن رسولنا لم يخف علينا من الكفر ولكن من الدنيا..والآية الكريمة ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) ..
 
وقد كثرت الدعوات الغربية لجمع المال لترسيخ الكيان الصهيوني ومحاربة المسلمين في الوقت الذي تتبادل فيه الرسائل الإلكترونية عبر المحمول والإنترنت بالدعاء لأخوتنا..
 
*اختبار حاسم !!
ونتساءل: هل تناسينا أن الله لا يتقبل إلا من المتقين؟..
وأين نحن من التقوى إن بخلنا بالمال، وبزرع الوعي بخطورة ما يحدث ليس على أوطاننا ولكن على ايماننا الحقيقي..
فنحن في اختبار حاسم , فإما نكون مسلمين بالفعل والقول وإما أن نخسر كل شيء, فمن لم يهتم بالمسلمين فليس منهم , أي أن تخلينا عن اخواننا يؤذينا قبل أن يضرهم..
وقد يستبدلنا الرحمن بمسلمين "حقيقيين" يغضبون لدينهم غضبا "نورانيا "يقودهم إلى الخلاص من التهافت على حطام الدنيا الزائل "ويهديهم" إلى اخلاص النية للخالق عز وجل وأن تكون كل ثواني حياتهم لنصرة الدين سواء أكانت في جمع الأموال للجهاد في سبيل الله أو لتنمية الوعي وطرد "الغيبوبة"، أو لاتقان العمل فالحرب الحديثة تدار بالتكنولوجيا والحديثة من الظلم الفادح لأنفسنا مواصلة التخلف..
 
ولنتذكر ما قاله مناضل فلسطيني تهدم بيته وأصيب هوإصابة بالغة عن حزنه هو وزوجته الكيميائية لهدم الجامعة الإسلامية التي تضم معامل حديثة فأين نحن من ذلك؟..لماذا نقبل أن ينطبق علينا حديث (غثاء السيل) ؟
 
*كفى خداعا للنفس!!
 
ثم لنتوقف طويلا عند دور الأنصار التي شاركوا المهاجرين في أموالهم وديارهم، ولا يليق بنا خداع أنفسنا بأننا ينطبق علينا (من حجبهم العذر) فلا توجد أعذار لنصرة أنفسنا قبل نصرة أخواننا الذين يتولون عنا "وحدهم" مسؤولية الدفاع عن أمة محمد صلوات الله وسلامه عليه، ويقدمون ملامح رائعة من الإيمان بأسطر من نور ونحن نكتفي بالدعاء –أثناء المذابح الصهيونية-أو بالصيام من أجلهم..
 

فلنستح جميعا من الرحمن ونتوقف عن المطالبة بالتبرع لنصرة الأقصى ولإخواننا في فلسطين فهم ليسوا منكوبي زلازل ولا نعاملهم كطالبي الصدقات..

 

بل علينا تحمل "مسؤولياتنا" تجاه الأقصى وتجاه  دعمهم وألا نتذرع بأن هذه المسؤولية يختص بها أثرياء الأمة فجميعنا مطالب بالعطاء كل قدر طاقته، وكما قيل لا تستحي من القليل فإن المنع أقل..وهذا لا يبرر العطاء الأقل ولنتذكر الآية الكريمة: (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه)

 
ولنعوض أنفسنا عن تقصيرنا في الدفاع عن مقدساتنا وتهاوننا جميعا في نصرة أخواننا ونتدبر الحديث الشريف : من خذل مسلما في موطن هو قادر على نصره خذله الله في موطن يحب أن ينصر فيه ولنتب من هذا التقصير والتغافل والتخاذل.
 
ونكف فورا وإلى الأبد عن التعامل مع أخوتنا من منطق الإغاثة الإنسانية فهذا لا يليق بهم ولا بنا فهم ليسوا من ضحايا الكوارث بل هم (مجاهدون) يتلمسون خطى المسلمين الأوائل في نصرة ديننا وهم يقتلون بالآلاف لأنهم رفضوا التفريط، وليزرع كل منا بداخله صرخة أبو بكر الصديق عندما قاتل القوم رسولنا: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله , ونهتف: أنهم يقتلون شعبا يقول ربي الله ويرفض الاستسلام ويختار العيشة بعزة أو الاستشهاد .
 
 
لننتهز الفرصة !!

ولنكف عن الحديث المتخاذل بالقاء العبء على حكوماتنا ونحرص على حماية أنفسنا والأولى أن نصون (ايماننا)من كل ما ينتقص منه.

فكل مسلم سيسأله الخالق عن عمره فيما قضاه، ولن يقبل منه التحجج بأن حكومته لم تناصر اخواننا ومقدساتنا..
 
كل منا مطالب بالدور الذي "يستطيعه" وإن اقتصر على التوعية بخطورة الزحف الصهيوني والجهاد بالمال ومناصرة الأخوة عبر كل المنتديات..
 
وعلينا تذكرأن إبليس اللعين يتربص بنا ليفسد تحركاتنا وليوهن عزيمتنا ولنستعيذ بالرحمن منه"ونوقن"بأنه لا يملك إلا التضليل والتزيين والخداع..
 

فلا نسمح له بقيادتنا ولننتهز الفرصة بتعميق ايماننا قولا وفعلا ولا نكتفي "بالقشور".

ولنتعظ بان : (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) فنطرد الغفلة التي تغلغلت في أرواحنا وتحولت إلى غيبوبة طالت واستفحلت.

 
فلا يليق بمسلم "حقيقي" أن يتعامل مع فلسطين بأن يكتفي بالتظاهر كما فعل أخوة لنا في الإنسانية في أستراليا وكينيا بل والمكسيك والتشيك، ولنتذكر جميعا الحديث:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).
 
وجميعنا نكره "ونمقت" أن نترك لنذبح على مرأى من إخواننا في الدين والعروبة والإنسانية وأن يكتفوا بالتألم والدعاء "وإدعاء"العجز عن النصرة، في الوقت الذي يتسابقون فيه في الغرب رغم اختلافهم للاجهاز على أخوتنا الذين اختارهم الرحمن لشرف الدفاع عن مقدساتنا واثبتوا جدارتهم بهذا الشرف عبر أكثرمن ستين عاما في العصر الحديث وعبر عصور قديمة..
 
فالغرب يتنافس في قتل المسلمين ونحن نكتفي بالدعاء واقفال أبوابنا على أنفسنا وتجاهل أن المغول والصليبيون عندما استباحوا الأرض المسلمة لم يتوقفوا وتضاعف نهمهم حتى اغرقوا بلاد المسلمين في الدماء،كما قال أحد المستشرقين أن الدماء وصلت إلى الركبتين في القدس أيام الصليبيين..
 
*للنصر شروطه!!
 
وعلى من يتشكك في نصر الله لأخوتنا أن يراجع ايمانه، وأن يكف عن بث روح الهزيمة لاخوانه، وليطبق الحديث الشريف (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)ولنثق بالنصر ونتذكر شروطه فالآية الكريمة:( إن الله يدافع عن الذين أمنوا ) ولم تقل عن الذين أسلموا..
 
وكذلك الآية الكريمة:(وكان حقا علينا نصر المؤمنين) وفلسطين طريقنا المؤكد للفوزبالإيمان لنتنفس العزة في الدنيا وبرضا الرحمن في الآخرة فهل سنفيق ؟ أم نواصل الخزي في الدنيا وينتظرنا المصير التعس في الآخرة؟
 
لنتطهر ونصلي بنية التوبة ونجددها من آن لآخر لتكون حياتنا كلها جهاد بدءا من الاهتمام بالمظهر لنكون كالشامة بين الناس كما أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم مرورا باتقان العمل وتجويده وحسن القيام بمسؤولياتنا الأسرية –نساء ورجال- واعطائنا لأنفسنا حقوقها والاسترخاء الجسدي والترفيه المباح فهي أمور لازمة لمواصلة الجهاد ولنتمسك بينة الجهاد في كافة تفاصيل حياتنا..
 
لتكن حياتنا عطاء ولنعلي "حقيقة" الله أكبر في كافة تفاصيل حياتنا اليومية ولنأخذ بكل أسباب النصر ثم نتوكل وكلنا يقين في صدق وعد الرحمن لنا..
 
ولنحاسب أنفسنا لتلافي أوجه التقصير –وكلنا مقصرون- ولطرد أشباح التكاسل وعدم السماح لها بالتسرب إلى القلوب حتى لا تسيطر على العقول "وتتسابق" إليها الجوارح فيما بعد..
 
ولنتخذ فلسطين "وسيلة" للتقرب إلى الرحمن ولنتذكر أن الموت سيزورنا جميعا بغتة وسنغادر الحياة إلى غير رجعة متعنا الله جميعا بالعمر الجميل الطاهر والطويل..وسنبقى وحدنا في القبر ولن ينفعنا لا الأموال ولا الأبناء..
 
ولن يغفر لنا الرحمن تقاعسنا من الجهاد بالأموال لانغماسنا في السعي للرفاهية..ولا بقبول العيش كالمستضعفين في الأرض.. فلمذا نقبل ذلك على أنفسنا في الجهاد ونقاتل باستماتة لتحسين كل جوانب حياتنا المادية؟!..
 
فلنتق الله في أنفسنا فننبذ الاختلافات ونتوحد كمسلمين رغم تنوع الاتجاهات والمذاهب وكفانا تشرذما وتنفيذا لمخططات أعدائنا الذين جاهروا بسعادتهم بالتنابذ بين المسلمين وفقا لمذاهبهم.
 
وإذا كنا لا نستطيع مواجهتهم حاليا فلابد من إعداد أنفسنا وأولادنا وننبه كل من نعرف إلى مكانة فلسطين والأرض المقدسة في الإسلام وأنها مسرى رسولنا وتذكير الجميع بجرائم اليهود منذ القدم،وان اليهود لا يحترمون العهود وانهم قتلة الأنبياء، وأن المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف، وأن الحياة مهما طالت قصيرة ومعادنا إلى الله فكيف سنقف أمامه؟
 
ونوضح للجميع الفروق " الشاسعة " بين السلام والاستسلام الذي يضاعف من شهية الصهاينة لابتلاع أراضي المسلمين و زرع اليقين بالنصر داخل النفس ونفوس الآخرين وأن نتعلم الخوف من الله والبكاء خشية منه لتقصيرنا جميعا حتى نصل للإيمان الحقيقي قولا وعملا.
 
 
ونستحضر الآية الكريمة :( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم : انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، فما متاع الدنيا في الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً، ويستبدل قوماً غيركم، ولا تضروه شيئاً والله على كل شئ قدير )
 
ونتذكر قول وزير صهويني أنه كان يتوقع ردود فعل أقوى من المسلمين بعد هدم المساجد في غزة..
ونهتف بصدق:سبحانك ما نصرنا دينك الحق حق نصرته..
ولا ندعوبالطبع إلى مخاصمة كل مباهج الحياة ولكن إلى استغلال الفرصة "لنتطهر" من الانغماس في الحياة الاستهلاكية، ولنعيد ترتيب أولوياتنا في الحياة نحن وأولادنا ونطهر سريرتنا وعلانيتنا ونزرع في أرواحنا وعقولنا مراقبة الله لنا واطلاعه الدائم على القلوب والسلوك ولنضع أنفسنا حيث نستحق أن نوضع في الدنيا والآخرة..