10 محرم 1431

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، والحمد لله صلاتي بالمسجد ما أتركها لكن عندي شيء خافٍ بحياتي أريد أن أسألكم فيه أنا تعرفت على فتاه منذ أربع سنوات وأحببتها فعلا وعلاقتي فيها فقط عبر الهاتف ولم أرها لكن من سؤالي وعشرتي معها اتضح لي أنها بنت عائلة محترمه وكبيرة، وهي ما تترك صلاتها ومنذ سنتين اتفقت معها على الزواج وأنا واثق فيها لأن العشرة التي بيننا طويلة وكل صلاه هي تدعي وأنا ادعي وأنا أرى أنها زوجة صالحة.. للعلم أنا عندي إعاقة في بصري وهي رضيت، لكن أنتظر الوظيفة لكي أتقدم لها ما رأيكم أو نصيحتكم لي.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد شرع الله الزواج صيانة للمسلم وسكنا وطمأنينة لروحه وجعل الله بين الزوجين مودة ورحمة ينبتها الله بين قلبيهما والمسلم يحتاج للزواج صيانة له وللمجتمع ككل عملا بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للشباب " ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
ولما كان الزواج بهذه الأهمية، كان لزاما على المسلم أن يتخير ويدقق ويتروى عند الاختيار، ويستشير أولى الرأي والحكمة لمعاونته في اختياره، لأن مغبة التسرع وعدم التروي كبيرة وخاصة إن كان هناك رغبة في طرف لطرف قد لا تجعله يبصر ما قد يراه غيره
وللنظر للأمر في نقاط:
- السائل – أكرمه الله – شاب لم يتعد الثانية والعشرين من العمر ومعلوم أن للشباب فورة وحماسة عند اتخاذ القرارات وخاصة القرارات المصيرية والتي ربما لو اتخذها منفردا لجانبها الكثير من الحكمة وقد لا يستطيع أن يدرك تمام الإدراك الميزات والعيوب في الناس فقد يستحسن القبيح أو يستقبح الحسن وهو لا يعلم.
والشاب والشابة في هذه السن يتوقان إلى الانشغال بالطرف الآخر، ويرغبان في أن يكون لكل منهما رفيق في حياته ليكملا الطريق معا، وتزداد تلكم الرغبة حدة وشدة وتوقدا كلما طال أمد انتظارها، وقد يدفعهما استبطاؤها إلى إسقاط مشاعرهما صوب أول طارق يطرق أبوابهما، فيظنان أن هذا هو الحلم الذي طال انتظاره والأمل الذي ينبغي نواله وإلا فالحياة دونه مستحيلة ولن يجد أحدهما عن غيره عوضاً.
- أنت – كما ذكرت ونحسبك على خير من الشباب الذي أنعم الله عليهم بملازمة بيوت الله – قد تعرفت على فتاة منذ أربع سنوات أي منذ أن كان عمرك ثمانية عشرة سنة ومازلت تهاتفها منذ ذلك الوقت إلى الآن.
وأسائلك كيف ترى تلك الفتاة الآن وكيف ترى فعلكما؟
هل ترى محادثتكما هذه التي استمرت أربع سنوات تندرج تحت باب الحلال أم الحرام؟
ولكي تستطيع أن ترى بوضوح وتجيب بفكر ثاقب وعقل ناضج أدعوك إلى أن ترى الأمر بزاوية عكسية.
هل تقبل أن تكون أختك أو إحدى محارمك في هذا الموقف وهي تهاتف شابا أجنبيا عنها لكل هذه المدة على ما يدور في تلك المكالمات من حوارات عاطفية؟ وهل ستظن بهما خيرا حينها؟
لاشك أنك لن تقبل ذلك وستسقط قريبتك من نظرك حينها عندما تعلم أنها تفعل ذلك.
وأدعوك لتدبر الحديث الذي أورده الألباني في الصحيحة حينما جاء شاب لرسول الله يستأذنه في الزنا فقال له: "أترضاه لأمك..... الحديث".
- يقول السائل الكريم أنه ما رأى تلك الفتاة ولكنه تعلق بها من سماع صوتها ومحادثتها فقط على الهاتف، وأقول له: ليس على سماع الصوت معول كبير في العلاقات بين الناس وخصوصا في قرارات الزواج، فكم من أناس استراح سمع بعضهم لبعض وتغيرت أفكارهم وتبدلت أحوالهم بعد الرؤية تماما وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرؤية من الخاطب للمخطوبة بنية الزواج ففي الحديث الذي رواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " يعني تدوم المودة بينكما، فلا تعتبر بالصوت فقط الذي يخدع أكثر مما يظهر الحقيقة.
- الحديث الهاتفي غير موصول بالحقيقة ويكثر فيه الكذب والادعاء، فما يدريك أخي السائل الكريم أنها تصدقك فيما قالت؟، فربما ادعت ادعاء كاذبا لا تملك أنت ولا غيرك دليلا على صحته أو على نفيه فتكون ممن يبنون بيوتا لا عماد لها من أوهام خادعة تذهب أدراج الرياح عند سطوع شمس الحقيقة.
- لا أعتقد أخي الكريم أنك ستنسى أنك في يوم من الأيام لم تكن من محارمها وقد هاتفتك لمدة أربع سنوات كاملة بلا ارتباط، مما يعزز عندك الشك في تصرفاتها التي ستخشى أنها قد تكرر هذا مع غيرك الأجنبي عنها.
- ورغم ذلك كله إذا كنت لا تزال تراها أنها من أهل التقوى أو اقتنعت بذلك فعليك ابتداء بإيقاف ما يمكنني أن أسميه نزيف الحسنات منك ومنها وسيل السيئات أثناء تلك العلاقة والمحادثة، ثم عليك بالاستخارة لله سبحانه فهو يعلم ولا تعلم ويقدر ولا تقدر وتوقف عما أنت فيه الآن تماما من تلك المحادثات، ثم إن كنت تملك الباءة فأرسل من تثق به ليسأل عنها وعن أسرتها سؤالا جيدا ودقيقا، فإن وجدت ما يدفعك لنكاحها فتقدم إليها، ولا تنتظر الوظيفة لإنهاء ذلك الوزر المتكرر، فإن قدر الله وتم زواجكما فبها ونعمت، تكون قد تخلصت من وزر تلك المحادثات التي تتم تحت دعوى نية الزواج... وفقك الله لما يحب ويرضى.