ضد الألم

[email protected]

إذا تأمل الإنسان في حاله وقدراته وما يمكن أن يصير إليه في أية لحظة من مرض مؤلم أو من حادث مفجع أو من مصاب مفاجىء أو من حاجة يرتجيها ولا يستطيع الحصول عليها ومن رغبة لسعادة الحياة ونجاح المسعى إلى الجنة العالية , احتاج أن يكون في خضوع دائم , وركوع وسجود لا انقطاع لهما , ومناجاة ودعاء لا نهاية لهما أمام ذاك الرب الكريم , لا إله إلا هو الذي أعطاه من كل ما سأل  , "وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " .


والكون كله في خضوع دائم لذلك الرب الرحيم القوي المتعال سبحانه , فآلاف من السنين ظل الكون كله يدين له سبحانه بالربوبية والانقياد , ويسبح بحمده ويقدس له , وظلت الشمس وهاجة وظل القمر سراجا , وانتصبت الجبال قائمة , ووقفت الأشجار على سوقها , وهبت الرياح لواقح , وصارت السحب مزنا وجرت الأنهار ريّا .. كل هذه المخلوقات في عبادة دائمة وخضوع كامل لأمر الله _تعالى_ , فلا عصيان ولا ثورة , ولا تمرد ولا جموح , ولا سآمة ولا إضراب , ولا انقطاع ولا توقف , فهي في سجود دائم , قال الله تعالى : " ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء " .

إن الإنسان بعقله وقلبه ونفسه وفكره وعلمه واختياره لأحق من هذه المخلوقات جميعا أن يكون في عبادة دائمة لا انقطاع لها وفي حمد وتسبيح لا يفتر عنه لسانه وفي إخضاع لجوارحه تام لا ينحرف عنه طرفة عين .


والعبد الذي ذلل جوارحه لطاعة ربه وسيرها للسير في مدارات مستحباته , وأشربها الرضا به ربا وبرسوله خاتما وبكتابه دستورا ليجد حلاوة الإيمان في كل سكنة وحركة وفي كل لمحة ونفحة ..

ويوم تمر به مصائب أو تعوقه العوائق أو يحيطه المرض سيكتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما , وسيغمره ربه سبحانه الرحيم في لذة المناجاة الرحيبة حيث لا ألم ولا معاناه ..