روح الشر أوربان تسكن جمجمة بنيديكت 16
28 رجب 1430
عبد الباقي خليفة

 

أخطر أنواع التطرف هي التي يمارسها الصهاينة والغرب بالدفع باتجاه شيطنة الإسلام والمسلمين

تقمص بابا الفاتيكان بنديكت 16، دور سلفه إبان الحروب الصليبية، أوربان، مع اختلاف يحمل الكثير من الدلالات، وفي مقدمتها أن بابا الفاتيكان السابق كان يطوف أوربا لحرب الإسلام والمسلمين، بينما خلفه بنديكت 16 يطوف الدول العربية لتأجيج الحرب ضد الإسلام الحي، المتمثل في الجماعات الإسلامية، والتي تنادي بتحكيم الإسلام وتوحيد المسلمين. وهي قضايا يعدها الغرب خطا أحمر، حسب ما أوردته صحيفة " التايمز " البريطانية في عدد 23 أبريل الماضي عن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير في نداء للعالم الغربي من أن " تحكيم الشريعة في العالم العربي، وإقامة خلافة واحدة في بلاد المسلمين، وإزالة نفوذ الغرب منها، أمر غير مسموح به، ولا يمكن احتماله البتة ". وهي نفس أهداف بابا الفاتيكان في زيارته الأخيرة، التي غطاها ببعض المواقف السياسية الباهتة. وبقطع النظر عن دعوته لحل الدولتين، وهي قضية تلقى ترحيبا حتى من الاوساط الصهيونية، العاملة من أجل إقامة دولة يهودية خالصة في فلسطين، ومن بينهم رئيس وزراء السابق ايهود ألمرت، ووزيرة الخارجية الصهيونية السابقة سيبني ليفني. وبالتالي فدعوته لحل الدولتين لا تمثل جديدا، ولم يضف جديدا، فيما يتعلق بوضع الدولتين وطبيعتهما، وعلاقاتهما في الداخل والخارج. ونحن سنركز في هذه السطور التالية على التصريحات التي دعا فيها لإبعاد الدين عن السياسة، وفقا لما دعا إليه بلير، وما يعني ذلك في الأجندة الغربية، في الوقت الذي يزاح فيه الإسلام، وتتسيس فيه النصرانية.

 

 

الحرب على الإسلام: لقد أفصح رئيس وزراء الكيان الجديد بنيامين "نتن ياهو"، في زيارته الأخيرة لمصر عن اللعبة الجديدة لقلب معدلات الصراع في المشرق، من صراع بين الاحتلال وقوى التحرر الوطني، ومن صراع بين قوى الهيمنة وطلائع المقاومة، وبين مشروع التجزئة الذي يخدم المصالح الغربية، ومشروع توحيد الأمة انطلاقا من ثوابتها، حول (بنصب كل ذلك إلى ما وصفه، بالصراع بين (المعتدلين) و(المتطرفين). وعندما كان بنديكت 16 في عمان تحدث عن هذه القضية محاولات تدنيس العلاقة بين السياسة والدين، متناسيا كونه رئيس الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان السياسية في نفس الوقت. وإلى جانب حديثه عن المسائل الدينية الكاثوليكية تحدث عن القضايا السياسية وأبدى موقفا منها، كالحديث عن حل الدولتين، فكيف يبيح لنفسه ما يريد نزعه من الإسلام الذي هو دين ودنيا، مصحب وسيف، عقيدة ومعاملات. وهي نفس اللعبة التي يمارسها الغرب من واشنطن إلى لندن مرورا بباريس وبرلين وروما وغيرها. وهو الحديث عن محاربة (التطرف)  ودعم (الاعتدال) وهو ما يعني خلق بؤر توتر وزيادة حدتها في البلاد الإسلامية بين مكوناتها الاثنية والمذهبية والسياسية. كما يحدث في باكستان وأفغانستان والعراق والصومال وآسيا الوسطى والمغرب العربي والقرن الافريقي وعدد كبير من دول آسيا. الأمر الذي يجعل أمر المسلمين بينهم شديد، يقاتل بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ويقصي بعضهم بعضا، ويتحالف الجميع (إن أمكن) أو جزء منهم مع الغرب لافناء الاخ الخصم. فما إن توصل الباكستانيون في الحكم والمعارضة المسلحة لاتفاق بوقف اطلاق النار حتى أجج الغرب الحرب من جديد. ولا تزال الكثير من الكتل السياسية والجماعات والحكومات في البلاد الإسلامية تعاني من هذه المعادلة الشيطانية (متطرفين ومعتدلين) بينما الجميع أمة واحدة عليهم إقرار آليات لحسم الخلافات يتفق عليها. كما فعل الغرب بعد تاريخ دموي بين مكوناته، لم يعرف له العالم مثيلا.

 

 

لقد ظهر كذب الغرب في إدعائه بأن الصراع هو بين معتدلين ومتطرفين، لاخفاء طبيعة الصراع، ليس في المشرق فحسب، بل في عالم اليوم على مختلف عقائده وأصوله العرقية، وانتماءاته المختلفة. ولو كان الصراع بين معتدلين ومتطرفين، لما وجهوا سهامهم للاسلام كدين، ولما تبنوا المرتدين عنه، ودعمهم والاشادة بهم، وتسويقهم سياسهم واعلاميا مثل سلمان رشدي وتسنيما نسرين، وهرسي علي وغيرهم. وإن ما يقومون به هو لمنع وحدة المسلمين، والابقاء على ضعفهم وتفرقهم وزيادة حدة العنف في تعامل بعضهم مع بعض.

 

 

طبيعة الصراع كما يراها الغرب: ما يقوله الغرب وما يقوم به بخصوص طبيعة الصراع مختلف جدا. فكلامهم يركز على (الصراع بين المعتدلين والمتطرفين) وأعمالهم تؤكد أن حربهم مع الإسلام وبشكل مباشر. وسنضرب بعض الأمثلة على مدى هوس الغرب بالحرب ضد الإسلام. من خلال الاحتفاء الكبير بالمرتدين. مما يثبت بما لا يدع مجالا للريب بأن تدمير الإسلام هو غايتهم، والسبيل إلى ذلك هو تقسيم المسلمين وتوزيعهم بين معتدل ومتطرف ليسهل القضاء عليهم جميعا.

 

 

الاحتفاء الغربي (الغريب) بالمرتدين: إن الاحتفاء الغربي بالمرتدين وإبرازهم إعلاميا ينسف من الأساس الدعاوي العريضة الكاذبة حول " المعتدلين والمتطرفين " في العالم الإسلامي، إذ أن الحرب تستهدف الإسلام بكلياته والمسلمين في عمومهم. ونلاحظ بتمعن توزع الأدوار بين الدول الغربية في هذا الخصوص ففي وقت سابق وتحديدا في 25 يناير 2007 م أعلنت فرنسا أنها خصصت جائزة سيمون دي بوفاور للبنغلاديشية المرتدة تسليمة نسرين، التي تعيش في الهند بعد هروبها من بنغلاديش سنة 1994 م. وقد ذهب الرئيس الفرنسي ساركوزي بنفسه إلى نيودلهي لتسليم المرتدة الجائزة . لكن السلطات الهندية رفضت ذلك خوفا من اضطرابات يقوم بها المسلمون احتجاجا على الوقاحة الفرنسية والعداء الصارخ والصريح للاسلام. الأمر الذي دفع ساركوزي بصفته وشخصه لتجشم عناء السفر وتسليم الرشوة (الجائزة) لنسرين.وعندما رفضت الهند تسليم ساركوزي الجائزة فوق ترابها. لم تتوان  باريس في طلب المساعدة لنقل تسنيما نسرين من نيودلهي إلى باريس لتسليم الجائزة.وتزعم تسنيما نسرين أن الهندوس تعرضوا لمذابح في بنغلاديش بعد هدم الهندوس مسجد البابري. وفي نفس الوقت كرمت فرنسا مرتدة أخرى هي أيان هرسي علي.

 

 

ولم يمض شهر على تلك الاساءة وتلك الحرب المعلنة ضد الإسلام، وفي تحد واضح للمسلمين قامت ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية بمنح المرتد سلمان رشدي رسميا لقب (فارس). ولم يكن ذلك سرا، وإنما تم في حفل رسمي بقصر باكنجهام. وقال سلمان رشدي في كلمته أثناء الحفل أنه " لم يندم لتأليفه أيا من كتبه " معتبرا يوم تكريمه " يوما للاحتفال وليس للجدل " كما نقل عنه. وقام اللوبي النصراني المتصهين بتكريم أيان هرسي في يونيو الماضي..
كما أن المظاهرات التي شهدتها مدينة كولونيا مؤخرا ضد بناء مسجد للمسلمين. وانتشار ظاهرة العداء للاسلام والمسلمين في الغرب. والتخويف من أسلمة أوربا، وعقد المؤتمرات للتحريض ضد الإسلام والمسلمين باسم " حرية التعبير " كالتي تقام في أميركا (كاليفورنيا ونيويورك) وغيرها ويحضر للمزيد منها، كل ذلك يؤكد بأن الغرب الرسمي يمارس أكبر تطرف يعيشه العالم، وأكبر خطر يتهدد الانسانية جمعاء.

 لقد ساهم بابا الفاتيكان في هذا المشروع شخصيا من خلال تعميد تلك الضحية والذي هاجر من بلده وهو في الخامسة أو السادسة عشرة من عمره. وضاع وسط أجراس الكنائس بعيدا عن صوت الأذان ورفاق الايمان

 

 

انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا: لا شك أن السلطات الرسمية في الغرب والفاتيكان مسؤولون عن ظاهرة الإسلاموفوبيا وتغذيتها، والتي انعكست سلبا على الوجود الإسلامي في الغرب. وقد أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة نوفاتريس/هاريس التفاعليّة نشر في وقت سابق  أن 67% من البريطانيين و 55% من الإيطاليين يرون أن "عدد المهاجرين الشرعيين في بلادهم أكثر من اللازم" مقابل 32% من الفرنسيين، 35% من الأمريكيين. وبينت الدراسة التي أجريت لصالح صحيفة (انترناشونال هيرالد تريبيون)، ومحطة (فرانس24) الفرنسية أن 58% من الألمان يعتقدون بـ"فشل اندماج المهاجرين الشرعيين"، ويتبعهم الفرنسيون في تبني هذا الرأي (56%)، ثم البريطانيون (50%) في حين يرى 25 % من الايطاليين أن اندماج المهاجرين فشل. وأوضحت الدراسة التي شملت 6585 شخصاً في فرنسا، ألمانيا، أسبانيا، إيطاليا، المملكة المتّحدة، الولايات المتحدة أن 56% من الفرنسيين يؤيدون "وضع سياسات لتسهيل إدماج المهاجرين الشرعيين في ثقافتهم الجديدة"، بينما يعارض 69% من البريطانيين هذا الإجراء. وتعرضت الدراسة، إلى مسألة حق تصويت المهاجرين فعارض 38% من البريطانيين و28% من الفرنسيين و53% من الأمريكيين "منح حقّ التصويت للمهاجرين الشرعيين الذين لم يحصلوا على جنسيّة البلد المضيف" أيّا كانت الانتخابات المعنية، بينما رأى 38% من البريطانيين والفرنسيين أن المهاجرين الشرعيين المقيمين منذ فترة طويلة في البلاد يحّق لهم التصويت في جميع الانتخابات. وبين التحقيق أن 80% من الإيطاليين و79% من البريطانيين و69% من الألمان و78% من الأمريكيين يعتقدون أن "المهاجرين لا ينبغي لهم التمتّع بالإعانات الاجتماعيّة إلا ابتداء من لحظة حصولهم علي جنسية البلد المضيف". كما أظهرت الدراسة أن 54% من الفرنسيين و59% من الأمريكيين يعتبرون الهجرة أمرا جيدا في حين يعتبر 45% من البريطانيين أن الهجرة تضّر ببلدهم. وأعرب 80% من المستطلع آرائهم في بريطانيا عن تمنياتهم بـ"وضع حصة نسبية للهجرة" ويوافقهم في هذا الرأي 61% من الأمريكيين. ومن جهة ثانية يعتقد 80% من البريطانيين و78% من الإيطاليين و 73% من الأمريكيين و 56% من الفرنسيين أن "الرقابة على الحدود متهاونة للغاية"، ويرى59% من البريطانيين و 54% من الألمان و 60% من الإيطاليين أنه "يجب طرد كل المهاجرين غير الشرعيين".

 

لقد كان ذلك من حصاد السياسة الغربية الرسمية ضد الإسلام والمسلمين. إذ أن التطرف (إن وجد) في البلاد الإسلامية تمثله أقلية، بينما هو في الغرب سياسات رسمية تأخذ صفة الاستراتيجية. وتصرفات بابا الفاتيكان في الاردن حيث لم يعتذر لاساءاته ضد المسلمين، ودخوله والوفد المرافق له لأكبر مساجد عمان بحذائه. وإعلانه التعاطف مع ضحايا النازية اليهود، دون التطرق لمعاناة لمعاناة الفلسطينيين على يد النازيين الصهاينة، وإصدار الفتايكان بيانا يندد فيه بطلب مفتي القدس اعلان القدس عاصمة لفلسطين، كل ذلك يؤكد على اتحاد النازية الكنسية مع الصهيونية التلمودية. وأن روح بابا الفاتيكان أوربان الذي قاد الحروب الصليبية السابقة ضد المسلمين هي التي تسكن جمجمة بنديكت 16 الذي يساهم من موقعه في الحرب الصليبية القائمة ضد الإسلام والمسلمين على أكثر من صعيد.