لن أبكي ابن جبرين!

نعم لن أبكي الشيخ ابن جبرين رحمه الله، وإن كان بفقده خسرنا عالماً قلَّ نظيره في هذا الزمن!
لن أبكي ابن جبرين، وإن كان فقده مصيبة كبرى!
لن أبكي ابن جبرين, وإن كان له في سويداء القلب مكانة تليق بأمثاله من الأئمة!
بل سأقول:
 إنا لله وإنا له راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها.

 

وسأقول أيضا:

إذا مات منا سيد قام سيد *** قؤول لما قال الكرام فعول

 

لن أبكيه لعدة أسباب:

الأول: لأني أرجو لشيخنا ما هو خيراً له من بقائه بيننا، فمن كان له مثل عمل وعبادة وجهاد ابن جبرين، وجلَده وصبره في نشر العلم، فإنه يُرجى له أن يكون من الأبرار، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: من الآية198].

 

الثاني: لعلمي الأكيد بأن الله لن يضيع دينه، فقد مات مَن هو خيرٌ من شيخنا رحمه الله، أعني محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومع ذلك حفظ الله هذا الدين العظيم.

 

الثالث: لأني سأحاول أن يكون حزني على فقد الشيخ إيجابياً، وذلك بالوقوف على سيرة هذا العلم، والخروج بأهم الصفات التي جعلت من هذا الرجل رمزاً، ليس في العلم والعمل فقط، وإنما في الثبات والقوة في الحق، وكذلك عدم التلون وتغيير المواقف.

 

الرابع: لأفسد فرحة أعداء الشيخ وشانئيه الذين رقصوا طرباً لموته، ولأعلمهم بأن الشيخ لم يمت، بل هو باق فينا وبيننا بعلمه ومواقفه التي ستذكي فينا الحماسة والإصرار على السير على طريقته، ولأقول لهم: على رسلكم!، لا تسرفوا في الفرح، فإن ابن جبرين ليس شخصاً يموت بانتهاء أجله، بل هو مدرسة باقية ما بقى المصدر الذي استقى منه منهجه.

 

لن أبكي ابن جبرين، بل سأحاول أن أفعل مثل ما فعل هو بعد فقده لمشايخه وأقرانه (ابن إبراهيم، ابن باز، ابن عثيمين، وغيرهم)، حيث لم يجلس الشيخ باكياً حزيناً، بل مضى يغذ السير على نهج أولئك ومن سبقهم من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وراح يقدم ما يستطيع لخدمة هذا الدين الخالد.

 

لن أبكي ابن جبرين، لأني أحسب أنه لو قُدِّر له لأحب بدلاً عن ذلك أن أدعو له بالرحمة والمغفرة, في صلاة خاشعة أو ساعة سحر أو يوم جمعة.
لن أرثي ابن جبرين، لأني وغيري أعجز من أن نوفيه حقه.
اللهم ارحم شيخنا ابن جبرين واخلفه في عقبه في الغابرين، واجمعنا به في جنتك جنة النعيم.. آمين.