الغرب والأسرة
12 رجب 1430
د. محمد العبدة
الأسرة هي المؤسسة الأولى والأهم من مؤسسات المجتمع ، وهي الحاضنة للثقافة والتراث ،وهي المدرسة وهي المستشفى ،وبسبب هذه الأهمية قدم الإسلام لها الضمانات التي تحصنها من التفكك ،وأرسى حقوقا ثابتة في مجال الزواج والإرث ، وهذا يتطابق مع التكوين الجسدي والنفسي للإنسان ،لأن هذا التكوين يظل أبد الدهر لا يتغير .
 
ودعا الإسلام إلى التراحم بين سائر الأقربين ،وقدم حقوق الأقرباء على سائر الحقوق ،فالإنسان الذي لاخير فيه لأهله فأي خير يرتجى منه للأبعدين .
 
هذا النظام الأسروي وهذه الحماية هي أحد أسباب إنقاذ المجتمعات الإسلامية التي خضعت طويلا للاستعمار الأوروبي ، لأن الأسرة في الإسلام خلية قوية تستعصي على الفساد ،والمرأة المسلمة صمدت أمام تيار التغريب ،وكل الحديث عن تحرير المرأة وعمل المرأة لم يكن إلا لتحطيم هذا الكيان وهذا الرباط ، وتحويل أعضاء الأسرة إلى غرباء عن بعضهم ، وهذا عمل أقل مايقال فيه أنه الإنساني حيث يؤدي إلى الشعور بالعزلة وإلى حالة الاغتراب .
 
وصفت الكاتبة الإنكليزية ( دوريس ليسنج ) في إحدى رواياتها الوحدة التي تعانيها العجائز في الدول المتحضرة وتحديدا في أوروبا وأمريكا ، تقول : " إن من مميزات المجتمعات الغربية الثرية أن العجائز يصبحن مهملين لوحدهن ، يعملن الكثير من أجل البقاء على قيد الحياة ، ولكن في المناطق الأخرى من العالم لايرمون العجائز في البيوت ولايقبلون بإرسالهن إلى مأوى العجزة ولكن يعتنون بهن " .
 
ترى هل تعرف هذه الكاتبة المجتمعات الإسلامية وكيف تكرم العجائز تكريما فوق ماتتصور ، وكيف تحظى المرأة المسلمة بالرعاية العظيمة من أولادها وأحفادها . وحول موضوع الأسرة والغرب يكتب الرئيس علي عزة بيكوفتش رحمه الله : " يمكن للإسلام أن يقبل أشياء من الغرب ( أوالعكس ) ولكن العالم الإسلامي إذا قبل تقليد الغرب في العلاقات الأسرية فلن يصبح عالما إسلاميا ، لأن الغرب سيمضي باتجاه الحرية الجنسية ، وليس هناك أية عوائق يمكن أن توقفه في هذا الاتجاه ."