مطبوعة فرنسية وحوار مزعوم مع الأمير الوليد بن طلال!!
6 رجب 1430
المسلم - خاص

نشرت الأسبوعية الفرنسية (في إس دي) ما ادعت أنه حوار مع الأمير الوليد بن طلال لاستطلاع آرائه السياسية ووجهات نظره الاجتماعية، وقد نشرته مترجماً إلى العربية مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية.

 

ولخطورة ما تضمنه الحوار المزعوم، ينبغي لنا التوقف أمام الأقوال المنكرة المنسوبة إلى شخص شهير، ينتسب إلى العائلة السعودية المالكة، بالإضافة إلى ثرائه العريض وشهرته عربياً وعالمياً.ولعل من حق الموضوعية علينا-قبل حق الأمير-أن نشك في نسبة هذه الفقاعات إلى الرجل إلى أن يَثْبُتَ العكس، ولو أن واجب مساعديه يملي عليهم المبادرة إلى نفي الأمر، وتكذيب المطبوعة التي نَسَبَتْ إليه ما نَسَبَتْ من أمور يناقض بعضها قطعيات معلومة من الدين بالضرورة.

ولذلك سوف نناقش الآراء نفسها، ونترك إثبات القضية من نفيها إلى المعنيّ الأول بها وهو سمو الأمير الوليد بن طلال، فالموضوع شديد الجسامة بصرف النظر عن هوية قائله ما دام ينتسب إلى الإسلام، وإن كان التبرؤ من هذه الطوام ضرورة أكيدة ممن نُسِبَتْ إليه زوراً محضاً أو تحريفاً جزئياً.

 

فعلى ذمة الدورية الصحفية الفرنسية، أنها سألت الأمير الوليد السؤال الآتي:

ـ لماذا تحيط نفسك بنساء جميلات داخل شركتك، الـ هولدينغ كامباني؟ وأنه أجاب قائلاً:

لأننا نحب أن نعطي قوة دفع للقدر. أريد أن أبيّن، أن النساء كفؤات وأنه يمكنهن أن يقلدن مراكز المسؤوليات.

 

وعندما أبدى المحرر انبهاره بجمال الموظفات، كان الجواب هو:

لدي عدة شروط للتوظيف. يجب أن يكنّ سعوديات الأصل وحاصلات على دبلومات من أفضل المدارس وكفؤات، ولا أريد البدينات منهن، صحيح.. نعم، اللواتي يحطن بي جميلات جدا فعندما يشتغل المرء اليوم كله مع معاوناته، فالأفضل أن يكنّ جميلات كي يبتهج لرؤيتهن..

 

- ما هو رد فعل المجتمع السعودي تجاه سياسة التشغيل هذه التي تتبعونها؟

إيجابي جدا، الأغلبية تؤيدني، وإن كانت الأقلية مغتاظة وتقف موقفا ضدي. النساء يمثلن 40 % من عدد السكان و60 % من العاملين في شركتي. أعتقد أنه حان الوقت كي تتمتع النساء بمزيد من الحقوق في مجتمعنا. وموظفاتي لا يضعن لا حجاباً ولا عباءة في مكتبي، لكنهن يضعن الحجاب خارج مقر العمل. نعم لكن التحرر آخذ في الانتشار في العربية السعودية، ونحن من يقوده لقد شغّلتُ معي طيارة وسائقة مساعدة وهو شيء لم يكن تصوره ممكناً قبل خمس سنوات. هنالك نساء يضطلعن بمواقع حساسة في شركتنا مثل رئيسة البروتوكول الخاص بي، والمسؤولة عن قصري.

 

- لكن السعوديات مازلن ممنوعات من قيادة السيارة؟

نعم، لكن لا يوجد نص قرآني يقول إن النساء ممنوعات من ذلك. إن الأمر يتعلق بالتأويل ليس إلا. المجتمع السعودي سيتطور على هذا المستوى. وهناك مشروع قانون قيد التحضير..

 

ـ تريدون تحديث المجتمع السعودي، لكنكم لا تريدون تغريبه، ماذا يعني هذا؟

نحن مع الحداثة ومع التقنية "فاكس، تلفزة , أقمار اصطناعية، هواتف محمولة، سيارات.....إلخ" نحن مع المجالات الراقية في الغرب. أستعمل هذه الوسائل كل يوم، كما أنني شيدت ثروتي على شركات تنتج مثل هذه التقنيات. نحن لا نريد الجانب السلبي في الحضارة الغربية.

 

ـ أليس من الممكن إقامة دولة ديمقراطية في العربية السعودية؟

في الوقت الحالي أنا مع الديمقراطية حتى النخاع، لا أتردد في قول ما أشاء، إلا أنني بالنظر لحالة الجهل التي يعاني منها جزء كبير من السكان وقصور الوعي السياسي لديهم، أخشى في حالة تنظيم انتخابات، أن يستولي متطرفون على الحكم.

 

- لكنها وسيلة التعبير الوحيدة للشعب؟

طبعا، لكن علينا أن نربي الشعب أولاً، فالسعوديون صوتوا في الانتخابات المحلية خلال السنة الماضية، إننا ننفتح.

 

- كان والدك الأمير طلال بن عبد العزيز، يلقب بـ"الأمير الأحمر" لمواقفه المعارضة للنظام السعودي، هل أنت من طينة أبيك؟

أبي كان قد اختار المنفى في إحدى اللحظات من حياته بعد اتخاذه بعض المواقف الجذرية (الراديكالية)، وبعدها عاد إلى البلد في إطار عفو ملكي، أنا لست أميراً أحمر، أنا رجل أعمال عملي (براغماتي).

 

- ماذا يعني أن تكون واحداً من العائلة الملكية؟

ذلك يعني أن لدي واجبات اتجاه الشعب، عليّ أن أوزع جزءاً من ثروتي على المحتاجين، إنها السعادة، فبهذا الشكل لا أفقد معنى الحقائق.

 

- تعتبرون خامس رجل ثري في العالم، ما الذي يجعلكم تستمرون في العمل؟

أنا أهوى مهنتي، أحب الاستثمار في أي مكان في العالم، أحب أن أكون في طليعة المجتمع السعودي، أريد كذلك إقامة الجسور بين الشرق والغرب، بين الإسلام والمسيحية، لاسيما بعد أحداث 11سبتمبر، حيث صار سوء التفاهم بين العالمين صارخاً، ولهذا السبب منحتُ ملايين الدولارات بغرض بناء مراكز للدراسات الإسلامية بالولايات المتحدة وقدمت 17 مليون يورو لمتحف اللوفر/قسم الدراسات الإسلامية.

 

- بعد أحداث 11سبتمبر، قدمتم شيكا بعشرة مليون دولار إلى رودولف جلياني عمدة نيويورك، إلا أن تصريحاتكم حول فلسطين أغضبت هذا الأخير، ألستم نادمين؟

لا، أبداً وخلافاً لما قاله هذا الأخير، فقد قبض مبلغ الشيك، ثم إنني لم أقل إلا الحقيقة، فقد ارتكبت الولايات المتحدة أخطاء كثيرة في الشرق الأوسط وأفغانستان بتقديمها المساعدة وبخاصة إلى طالبان.

*****

 

تلكم كانت رواية الدورية الغربية التي لا نستطيع تقويم مدى صدقها من كذبها، وهنا نوجز التعليق على أبرز الآراء الشاذة الواردة في الحوار أيّاً كان قائلها:
* ليس المجال ملائماً في عجالة كهذه لبيان موقف الشريعة الغراء من اختلاط الرجال بالنساء في مواقع العمل أو الدراسة أو غيرها، كما أن الآثار الوخيمة المترتبة عليه في المجتمعات التي تقره باتت أوضح من شمس الظهيرة في الربع الخالي!!

 

* متى كان شكل المرأة وجمالها شرطاً لتعيينها في وظيفة؟ أليس ذلك تمييزاً تمنعه-ولو نظرياً- حتى قوانين الغرب الوضعية اللادينية، فكيف يشترطه مسلم بل مسلم من بلد جدد في العصر الحديث عقيدة التوحيد النقية في العالم الإسلامي كله؟

 

* توحي إحدى الإجابات المنسوبة إلى الأمير بأن العاملات لديه يكشفن عوراتهن أمام الرجال الأجانب-فضلاً عن حرمة الاختلاط مع التحجب أصلاً-، وصاحب الجواب يقر المنكر تحت رعايته، بل إنه يبدو كأنه يشترطه!!وأن الاستمتاع بمفاتنهن هو المطلوب فهل يرضى مسلم بذلك لمحارمه؟ وإن كان يأباه لهن أفليس المؤمن الحق هو من يحب لإخوانه المؤمنين ما يرضاه لنفسه؟

 

* ادعاء المجيب أن أكثرية السعوديين تؤيد ما يتبناه من منكرات ادعاء عجيب، والتحدي فيه سهل وميسور.ويكفي أن قادة سعوديين كباراً أكدوا غير مرة أن المجتمع السعودي هو الذي يرفض قيادة النساء للسيارات فكيف يكون موقف هذا المجتمع من الاختلاط المحرم مع الاستهتار بالحجاب وإبراز المفاتن المحظور إبداؤها لغير محارمهن وبعضها لا يجوز أن يطّلع عليه سوى الزوج!!بل إن المرء ليتحدى صاحب الإجابات أن يحظى بأكثرية الأصوات على آرائه حتى داخل عائلة واحدة!!

 

* هنالك تناقض فاضح بين تحفظ المجيب على تغريب مجتمعه وسائر دعاواه التغريبية الصرفة مثل الاختلاط وازدراء الحجاب وتتبع عورات الجميلات.....

 

* وثمة تناقض لا يقل جسامة عن سابقه بين التغني بالديموقراطية والقول كذباً إنها الوسيلة الوحيدة لمعرفة رأي الشعب من جهة، وبين رفض تطبيقها في السعودية الآن لئلا تأتي بمن يتهمهم المجيب بالتطرف!!وهذا ما لا يقول به سوى غلاة الأعداء من صهاينة وصليبيين!!ناهيكم عما تضمنه الجواب من احتقار ظالم لأكثرية الشعب السعودي الذي يضم ألوفاً مؤلفة من العلماء والمفكرين والخبراء والمثقفين.......!!

 

لكل ما سلف بيانه، تتأكد ضرورة بيان من الأمير الوليد يدحض به هذه المفتريات، وذلك بعض حق المسلمين بعامة عليه، وحق السعوديين بخاصة، بل وحق العائلة المالكة بصفة أكثر تحديداً.