الشيخ وجدي غنيم : الحديث في الفضائيات مسئولية ولا أقبل الظهور مع مذيعة متبرجة ولا شباب مختلط

الشيخ الداعية وجدي غنيم له تاريخ إيجابي طويل معروف في ميدان الدعوة إلى الله والصدع بكلمة الحق وكثيرا ما انتفع الناس بحديثه وعلمه ونصحه , ولطالما كان سببا كريما في تقويم سلوك أناس ودفع آخرين إلى الاستقامة والصلاح ..

وقد كان لموقع المسلم معه هذا الحوار الخاص مع الشيخ الداعية الكريم :
 
*  تمتهن البساطة والعفوية واللغة العامية في محاضراتك و خطبك .. كيف ترى صدى ذلك لدى المتلقين ؟ هل تدعو الدعاة عموما إلى هذا الأسلوب ؟
** في الحقيقة كثيرا ما أستخدم الفصحى , لكني أحبذ استخدام اللغة العامية لمن أخطابهم في الدعوة، فالله عز وجل يقول في سورة إبراهيم " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ " ، وبالتالي فاللغة وسيلة التفاهم، فانا مثلاً أريد أن أوضح معنى معين، فما يهمني ليس اللغة التي أوصل بها هذا المعنى، لكني أستخدم أي لغة يفهمها من أخاطبهم، فنحن في الغرب نخطب بالانجليزية في بعض المساجد، وهنا فالناس يتكلمون باللغة العامية، وهي اللغة التي يفهمون بها، وبالتالي سأكون أقرب إلى الناس.
 
وعلى الرغم من أن الشيخ حسن البنا فضل التحدث باللغة العربية لأنها من شعائر الدين، لكني أهتم أكثر بما سيستوعبه الناس، لأن اللغة العربية بحد ذاتها ليس هدفاًُ، إنما نحن نستخدمها لتوصيل المعلومة والتفاهم، لكن بالطبع الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي نستشهد بها يجب أن تكون كما هي باللغة العربية لا نقاش في ذلك، لكن الشرح يكون بنفس اللغة التي يفهمها الناس وتكون بسيطة أصل لقلوب وعقول الناس عبرها.
 
* برأيك ما هي حدود تعامل الداعية مع وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات غير الملتزمة .. فيما يتعلق بوضوح الطرح وصراحته ؟ وفيما يتعلق بالمشاركة مع المذيعات المتبرجات ؟ الموسيقى وغيره؟
بداية يجب أن يقتنع الداعية بأن ظهورنا على وسائل الإعلام، وعبر الفضائيات وغيره ليس هدفاً بحد ذاته، إنما هو وسيلة للدعوة إلى الله، فإذا كنت سأظهر في إحدى القنوات أو على صفحات إحدى الجرائد، دون أن أدعو إلى الله فهذا خطأ، بل وإساءة إلى الدعوة، بل وإذا كان ظهور الداعية خلال أحد الحوارات سيتسبب في قول ما يفتن الناس به فلا يظهر أفضل.
 
فالداعية خلق لكي يبلغ كلمة حق، لا يستسلم لتمييع الدين، وأرفض ظهور الداعية مع المذيعات المتبرجات نهائياً، فكثيراً من نجد أحد الدعاة يتحدث في أي من قضايا الأمة مع مذيعة متبرجة ولباسها مكشوف بشكل فاضح، فأي دين هذا الذي يتكلم عنه هذا الداعية، فهو عندما يظهر مع امرأة شعرها مكشوف وغير ملتزمة بالحجاب، يقر بشكل غير شفهي بأن شعر المرأة ليس بعورة، والأسوأ عندما تجده ينظر إليها وبهذه التصرفات فقد هدم الدين، وليس منطقياً أن يقول للناس اسمعوا ما أقول دون النظر للقناة التي أتحدث فيها أو دون النظر للمذيعة المتبرجة التي أتحدث معها، فهل يجوز مثلاً أن يظهر خطيب الجمعة كما ولدته أمه ويقول لمن حوله لا يعنيكم مظهري، ولكم فقط ما أقول؟
 
كذلك اعترض على ظهور الفتيات والشباب مختلطين في أي من المحاضرات التي تعرض على الفضائيات، فهذه فتنة يزرعها الداعية بنفسه، بل ويحث بذلك الفتيات المسلمات على ترك الحياء الذي وصانا به الإسلام، بل ونجد في إحدى القنوات مذيع ومذيعه في برنامج واحد يثنون على بعضهم البعض ويتضاحكون، يجب أن يعرف الدعاة وأصحاب القنوات الإسلامية وغيرها أن الإسلام يحكمه ضوابط شرعية تحكمنا في التعامل مع بعضنا البعض والتي يجب أن نتمسك بها.
 
 *  تحدث الكثير من الدعاة عن مبدأ الرأي والرأي الآخر ... كيف ترون ذلك؟
** أعتقد أن من يقتنع بمبدأ الرأي الآخر في ظل الأوضاع الحالية من اضطهاد واحتلال من أعدائنا يضحك على نفسه ويخدعها ويخدع من حوله، فأي رأي آخر من عدو محتل يتربص بنا ويمتهن مقدساتنا ؟ هذا الذي نتكلم عنه الآن وقد قال عز وجل في سورة التغابن : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ"، فهنا لا نقول الرأي الآخر بل اللفظ الصحيح هو " الكافر" ، فمن يقولون الرأي الآخر كتوصيف للصهيونية العالمية  أو الأمريكان يميعون الدين، بل يضرون من حولهم، وعندما يقول بعض الدعاة أن الرأي والرأي الآخر ظهر في الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، فهناك فرق كبير، فهذا اختلاف رأي بين مسلم ومسلم، لكن أي اختلاف رأي بين مسلم وكافر احتل أرضنا وسلب أموالنا وعرضنا، كيف نتعامل معه على أنه آخر !!
لمثل هؤلاء أقول اذهب وحرر فلسطين والعراق وغيرها من بلاد المسلمين ، ثم ابحث بعدها كيف تتعامل مع هذا الآخر!
 
* ما تقييمك للقنوات الإسلامية التي انتشرت أخيرا ؟ هل تراها وفقت في الصنعة الإعلامية ؟ وهل نحن بحاجة لهذا العدد الكبير منها وهي تطرح بنفس الصيغة وتتكلم نفس اللغة ؟
لا أرى أن القنوات الإسلامية الحالية أدت دورها وهدفها في نصرة الإسلام وتوعية الشباب بقضايا دينهم وقضايا الأمة، فعدد كبير منها يحمل طرحا يشتت الناس، فهذا شاب عائد من العمل لديه ساعتين أو ثلاثة فقط يريد أن يشاهد التلفاز فيها، فحتى يختار القناة التي سيشاهدها بين هذه وتلك، سيضيع وقته دون استفادة تذكر.
 
كذلك قد يظهر بعض الدعاة بمظهر غير لائق كلحية ثائرة أو ثوب يقلد فيه أهل بلد أخرى ( كلبس الغطرة في مصر مثلا  ) ,  فالداعية يجب أن ينتبه أن من يستمع إليه سينظر إليه فالسنة قد أمرت بإكرام الشعر واللحية  والداعية قدوة لمن يستمعون إليه، في الشكل والمضمون، وبالتالي هل يعتقد هؤلاء الدعاة أن الشباب سيقلدونهم في الأماكن العامة أو الجامعات أو أماكن العمل، بالتأكيد لا.
 
لذلك أقول لهؤلاء الدعاة أنتم قدوة والشباب معجب بالعلم الذي تحمله بين جنباتك وتقدمه لهم، لكن قد تكون مستاء من المظهر الذي قد تكون عليه، بل أن بعض الشباب يريد أن يستمع إليك لكنه قد ينفر من شكلك فيقلب القناة فور أن يراك .
 
 كذلك أسلوب هؤلاء الدعاة يحتاج إلى مراجعة، فهو أسلوب لا يناسب الواقع الذي يعايشه الناس الآن، وبالتالي يجب تغيير أسلوب الدعوة، لا تغيير الدعوة، فنحن لا ننادي بتجديد الخطاب الديني لأنه ثابت في كل زمان ومكان، لكن ننادي بتجديد أسلوب الخطاب الديني، والدليل على ذلك عشرات القنوات التي تم إنشاؤها وهي تحمل نفس الصبغة والمضمون، فقبل أن تنشىء قناة جديدة ابحث في سبب فشل مثيلاتها في السابق فالأسلوب هو المشكلة.
 
* لكم العديد من الكتب والمقالات التي تتناول الأسرة المسلمة ..ما هو رأيكم في الدورات التي انتشرت أخيرا للإرشاد الأسري والزواجي وخاصة للمقبلين على الزواج ؟ 
** الدورات قبل الزواج شيء طيب وجميل، لكن يجب أن نتناول ما يعرض على الشباب والفتيات عبرها، فالزواج ليس هدفا بحد ذاته وفقط ، فكثيراً ما نسأل الفتاة عن هدفها من الزواج فتقول أن كل الفتيات يتزوجن وبالتالي يجب أن تتزوج هي الأخرى، وهذا خطأ فادح، فالزواج هدفه تكوين أسرة مسلمة تتكون من خمسة أشياء، من زوج مسلم وزوجة مسلمة إن قدر الله وشاء سيرزقون بأطفال مسلمين، كلهم يعيشون في بيت إسلامي، يطبقون منهج الله، ويتعلم الزوجين كيف يحبون بعضهم البعض، ومع الحب يعرف كلاهما كيف يؤدي حقوق الآخرين.
 
* وما هو برأيك أهم ما يجب طرحها فيها وتعليم الشباب والفتيات بشأنها ؟
خلال هذه الدورات يجب أن يتعلم الشباب والفتيات الهدف من الزواج، ثم يتعلم كلاهما حقوقه وواجباته وهي كالتالي:
أولاً : حقوق الزوجة على زوجها
الإخلاص، وحسن العشرة والتي تتمثل في القبلة العادية اليومية بينهما والتي تعبر من معاني الحب دون انتظار مقابل، كذلك الشورى بينهما في إتخاذ قرارات الأسرة، ومنادتها باسم جميل تحبه كما كان يفعل رسول الله مع السيدة عائشة رضي الله عنها، والدعاء قبل طلب شيء منها مثل : " الله يرضى عليك احضري كذا"، وحفظ السر ، والثناء على ما تقوم به من طعام أو ملابسها وشكلها وزينتها، واعتدال الغيرة وعدم ذكر نساء أمامها، والهدايا في حدود القدرة المالية، والمداعبة،واخذ رأيها في كل شئونه، والتجاوز عن الهفوات، وعدم تهديدها بالطلاق وعدم ضربها أو عدم التطاول أو التعالي عليها، واحترام أهلها ومساعدتها على صلة رحمها، وعدم ظلمها أبداً.
كذلك من حقوق الزوجة الإنفاق عليها، والاهتمام بدينها، واستشعار المسئولية، والترفيه عنها، والتزين لها، ومساعدتها في شئون المنزل،و معاشرتها بالحلال وترك ما نهى الله عنه، والاعتدال في التأديب الموعظة والهجر والضرب غير المبرح، وسرعة حل المشاكل إذا نشأت بينهما.
 
ثانياً: حقوق الزوج على زوجته:
وهي مثل ما سبق بالإضافة إلى حفظه في ماله وأهله وولده سواء كان يستحق ذلك أم لا فالمعاملة لله وحده، والطاعة والاقتصاد في ماله.
 
*  تغير واقع العمل الدعوي في البلاد الغربية كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية . ما تقييمكم لواقع الدعوة هناك ؟ وما هي المعوقات التي تواجه الدعاة هناك ؟
** العمل الدعوي في البلاد الغربية يختلف عن العمل الدعوي في البلاد الإسلامية، لكن في الحقيقة الدعوة في بلاد الغرب بحاجة لجهد اكتر مما هو عليه الآن بمراحل، فالوضع الآن سيء للغاية مع الحرب على الإسلام وهي حرب معلنة، وضد أحكام الإسلام، فقد كان أحد الشيوخ  في أميركا يتحدث عن أحكام فقه النساء في الآية: " وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ " والناشز هي المرأة التي لا تطيع زوجها، ووضح أن الضرب المقصود به في الإسلام الذي لا يترك علامات في جسدها ولا يكسر عظامها كما قال رسول الله، وبعدها مباشرة حكم عليه بالسجن 3 سنوات بسبب قوانين منع التعدي على المرأة، مع أن المجتمع الأميركي في دراسة له أن كل بضع ثواني تضرب عدد كبير من النساء ضرب مبرح!!
 
كذلك عندما يتحدث الداعية عن مفهوم الجهاد في الإسلام يعتبر إرهابي ويتم محاكمته على انه مجرم، وهذا واقع غريب فيجب على الداعية أن يأخذ حذره، وفي المقابل يجب أن يدرك أن الدين الإسلامي مخالف للواقع الذي يعيشه مثل هؤلاء، وذلك حتى لا يقع في النفاق ليجاري هذا الواقع ، كأن يجيز الاختلاط أو المصافحة باليد بين الجنسين، أو أن يقول أن الجهاد انتهى مع انتهاء غزوة تبوك!!
 
* برأيكم ما هي الخطوات الواجب اتخاذها في تربية النشء المسلم ليكون قادراً على الدفاع عن دينه وأمته، خاصة مع ما حل بالأمة الإسلامية من جراح وآلام خلال الخمسين عاماً السابقة؟
** تربية الأولاد تبدأ قبل الزواج في حسن اختيار كلا الزوجين للآخر، لقوله عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حق الولد على أبيه حسن اختيار أمه، وأن يكون حفل الزفاف إسلامي لأن الله لا يبارك في الحرام، فالكثيرون يبدءون حياتهم بالغناء الفاحش والمخدرات والرقص وغيرها فكيف يبارك الله في الأبناء ؟
 
وبعد قدوم المولود نؤذن في أذنه اليمنى ونقيم الصلاة في الأذن اليسرى، ونقوم عليه التحنيك، ونختار رجل طيب كبير مثل الجد بالمسح على فم الطفل بالتمر، ثم تبدأ مرحلة التربية بالتعاون بين الزوجين، والتربية تختلف عن الخدمة التي تقدمها الأم من إطعام وملبس ومشرب وغيره، فمثلما ارضعت الأم طفلها حليباً، عليها أن ترضعه هي ووالده الدين، فمثلاً عند موعد الصلاة يجب أن تناديه الأم للصلاة معها حتى لو كان صغيراً، وحتى من غير وضوء، ويوم الجمعة تلبس الفتاة الصغيرة طرحة الصلاة كتدريب، ويذهب الولد لصلاة الجمعة مع أبيه ليرتبط بالمسجد، ونعود الطفل منذ الصغر على مناداة الأب والأم بكلمة "حضرتك" ، وتعويده على تقبيل يديهما كل يوم،وأثناء جلوس الطفل على حجر أمه أو أبيه يسبحان على أصابعه ويعلمانه كيفيه التسبيح.
 
كما يجب أن يركز الوالدان في ذهن الطفل حفظ القرآن، وحفظ الأحاديث المتعلقة بحياته اليومية في البداية كأحاديث وأدعية الأكل والنوم والخروج من المنزل وغيرها، وتعويده على صلة أرحامه من ناحية والده ووالدته، وتعويده على استعمال يده اليمني في كل شيء، في الأكل، اللبس، كذلك تعويده على عدم ترك فائض من الطعام أثناء الأكل، ومساعده والديه في أعمالهما، إلى آخر هذه الأمور الي فيها تربية.
 
لكننا كمسلمين يجب أن نحافظ على تعليم الأبناء أيضاً – وليس هدفاً لنا – فما قيمة الابنة أن تكون طبيبة دون حجاب، أو ابن مهندس دون صلاة، فهل عندما يموت وينزل قبره ستأتي له الملائكة وتقول يا باشمهندس في ثلاث أسأله نستأذنك في عرضها عليك ! طبعاً لا
فعن سعد بن أبى وقّاص أنه قال : " كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن " .وهذا ما نجده في أطفال فلسطين حيث جيل من المجاهدين، نجدهم يتقدمون صفوف المرابطين، وعند القصف أو الاجتياح يتقدمون وينتشلون الجثث مع الشباب دون خوف أو رعب لأنهم تربوا هذه التربية الإيمانية.