18 جمادى الأول 1430

السؤال

أنا أعمل مدرسا لتحفيظ القرآن الكريم ولدي طالب لا يحفظ حتى لو جلست معه كثيرا , لديه شرود ذهني , يقرأ آية ثم يذهب في السورة التي قبلها أو بعدها.. لا يركز كثيرا
هل عندكم من حل ؟

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد :
لا شك أخي الكريم أن عملك كمعلم للقرآن الكريم هو من أشرف الأعمال التي يحرص عليه المرء لأنه ما من أحد يستحق أن يغبط إلا أهل القرآن فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار). رواه البخاري ومسلم

وأنتم – أهل القرآن- أحق الناس بالتوقير والإكرام فعن أبِى موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرءان غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط " أخرجه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح الجامع , فهنيئاً لكم حفاظ كتاب الله الكريم ، هنيئاً لكم هذا الأجر العظيم ، والثواب الجزيل فأنتم أهل الله وخاصته

وما من مجلس أكرم على الله من مجلسكم الذي جلستم فيه لتعلم القرآن الكريم ومدارسته فعن أبِى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده » أخرجه مسلم.

وأبشر أخي الكريم بالرحمة والمغفرة والرضوان من الله سبحانه بإخلاصك في عملك هذا وصبرك عليه فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي وصححه الألباني , ولا شك أنه لابد وأن يواجه المرء صعوبات عدة في عمله هذا ليبتليه الله ويرفع درجته
ومن تلك الصعوبات مشكلة الشرود الذهني لدى الطلاب فلا يكاد الطالب يحفظ آية حتى ينساها ولذلك أساب ثلاثة رئيسية :

من الطالب أولا أو من طريقة التدريس أو من الظروف المحيطة بعملية التعلم والتحفيظ
1- سبب من الطالب نفسه كعدم خلو ذهنه وفراغ قلبه , ففي مثل هذا العصر الذي امتلأ بالمغريات ينشغل الطالب بأمور شتى تكاد تصرفه عن الحفظ والمتابعة وأيضا ربما سرعة ملله وعدم رغبته في الحفظ وعدم وجود الدافع القوي عنده .
وهناك أمر يجب الانتباه له والتعامل معه بحكمة وهو أحلام اليقظة حيث تكثر بين الشباب ويستغرقون فيها بالكلية ويعيش الطالب الشاب في حياة وهمية في الخيال لا علاقة لها بالحقيقة وينفصل عن واقعه فلا ينتبه لما يقال له ولا يحفظ فينبغي بين فترة وأخرى إفاقتهم منها
2- سبب من طريقة التدريس ذاتها :
فغالبا ما يصاب الطلاب الصغار بالشرود الذهني نتيجة اعتمادهم على طرق جديدة من التعلم مثل وسائل الإيضاح الحديثة وغيرها فربما يحتاج الطالب إلى نوع من التجديد والابتكار لقطع الملل ولشد الانتباه وإفراغ الذهن وتيسير الحفظ
3- سبب في الظروف المحيطة فقد يكون المكان مليئا بالمؤثرات والشواغل أو قد يكون غير ملائم من نواح عدة للتعلم فيصل بالطالب إلى الشرود الذهني في أمور بعيدة تماما عن الدرس وربما في وقت التحفيظ فقد يجد الطالب نشاطا أو كسلا بحسب الوقت الذي يدرس فيه ومدى ملاءمته له
ولعلاج تلك الأمور ننصح أخانا السائل بتلك النصائح مستعينين نحن وإياه بالدعاء إلى الله تبارك وتعالى أن يشرح له قلوبهم وأن يفتح مغاليق القلوب على يد كل معالم للناس الخير .
1- أن يجتهد المعلم في إخلاص نيته لله سبحانه فقيمة هذا العمل كبيرة والأجر عظيم إذا أُحسنت النوايا فلا يجعل المعلم نصب عينيه أيا من عرض الدنيا ولا الفخر بما يحققه من إنجازات ولا المباهاة أمام الأقران وليخرجن الدنيا بعرضها كله من قلبه يصفو له كدر ما يواجه من طلابه
2- أن يحاول المعلم أن يتفهم طبيعة كل طالب فلا يتباطأ مع المجد ولا يسرع مع الخامل فكلا الأمرين عنت ومشقة أو إهدار للقدرات , ولا يحققان النتائج المرجوة وليعط كل ذي همة قدرة
3- أن يتعرف ما يلائم كل طالب وما يصلحه فمن الطلاب من يصلح معه الشدة والحزم ومنهم من يصلحه اللين وطيب الكلام وكلاهما يصلحه التشجع والتحفيز . فلا يضع المعلم السيف موضع العصا .
4- أن يجتهد المعلم في شرح ما استغلق على أفهام طلابه في ورد حفظهم بحسب قدرته وطاقتهم كي يسهل عليهم الحفظ إن وعوا مقصود الآيات
5- أن يحاول دائما أن يقوي داخلهم الهمة على التنافس معا أو مع المجموعات الأخرى , فحالة التنافس وخاصة لدى الصغار تزيد من طاقتهم وقدراتهم عملا بقول الله سبحانه " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " وأكرم به من ميدان للسباق والتنافس
6- أن يحاول المعلم إقامة بعض التجمعات مع أهل المسجد أو الحي يحضرها طلابه أو يستغل تجمعات أهل المسجد في تقديم طلابه للناس أو تقديمهم للإمامة في الصلاة إن توفرت فيهم شروط صحتها ويحدد لذلك شروطا منها أن يلتزم الطالب في ورده اليومي ويعمل على تحسين تلاوته بقواعد التجويد وسيرى لذلك أثرا بإذن الله
وفقك الله ورعاك وثبت على الحق خطاك وأسال الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال
أخي الكريم..
لا تتردد في إفادتنا مرة أخرى وتواصل مع إخوانك في إدارة الموقع بالنتائج التي نسال الله أن تكون مبشرة لك ولنا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم