14 ربيع الثاني 1430

السؤال

أنا إحدى الموظفات في جهة خيرية وأرى قسوة في التعامل من مديرتي فإذا ناقشتها في ذلك قالت: ليكون حالي أفضل وأكون أكثر جدية في العمل تقصد من باب التربية.. وإذا تضايقت من فعلها وطلبت أن أترك العمل تضايقت ورفضت وأرجعت الأمر إلى تعبها وانشغالها وعلي الصبر والإحسان وأن أفهم جيدا وأنفذ وأكون أكثر خلقاً.. فما الحل؟ علماً بأن أخلاقي ساءت بسبب ردة الفعل صرت أعامل بالمثل إن كان الشخص طيباً عاملته بطيب وإن كان شديداً جافاً عاملته كذلك.. وإلا يشهد الله علي أني أريد أن أكون خلوقة محسنة مع الجميع لكن يوترني تعاملهم وغلظتهم في التخاطب وصرحت مرات فقيل لي: انظري لنفسك!! أنت كذلك. أرجو أن تفيدوني مشكورين.

أجاب عنها:
تسنيم الريدي

الجواب

أختي الفاضلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أهلاً وسهلاً بك على صفحات موقعنا والله نسأل أن ييسر لكِ الخير وأن يعينكِ على أمر دينكِ ودنياكِ. مع تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في بعض البلدان العربية، تأثر سوق العمل بشكل كبير فصارت هناك العديد من المشكلات بين رؤساء العمل والموظفين والموظفات خاصة في قطاعات العمل الخاص غير الحكومي. وهذه الأوضاع تتسبب في الضغوط المتزايدة على أصحاب العمل، وزيادة حالات الانفعال والعصبية، وتكون هناك وسائل عديدة للترويح عن النفس في سبيل الخروج من تلك الحالات منها الغضب والصراخ في وجه الموظفين، والذي يجعل من حولهم في انزعاج شديد وتوتر متزايد، مع العلم بأن بعض المديرين يلجئون إلى هذا الأسلوب عمداً اعتقاداً منهم أن هذا هو الأسلوب الأمثل للسيطرة على العمل ولإجبار الموظفين على طاعتهم وتنفيذ مهام العمل على أسرع وأكمل وجه. ولذلك صار المرؤوسين يبحثون دائماً عن سبل التعامل الأمثل مع الرؤساء باختلاف شخصياتهم وطبائعهم، فالبعض يعاني من المدير العنيد أو المتشدد والذي يرى أنه لا يجب مناقشة في قراراته، أو تعديل رأيه، ويشعر مثل هذا المدير دوما بثقة زائدة في نفسه، تجعله يرى أن الحوار والمناقشة معه لا تجوز.
وعليكِ أن تدركي أن المرأة بطبيعتها التي خلقها الله عليها تختلف عن الرجل في متابعتها للعمل، فمعظم الرجال يدركون أن تأدية العمل على أكمل وجه تتطلب أن يفصل بين مشاكله الشخصية وأموره الخاصة وبين العمل، وهذا على عكس معظم النساء، حيث يتأثر عملها بمشاكلها الشخصية وأمورها، فإن حدث مثلاً شيء ما سيء وهي قادمة للعمل صباحاً تظل غاضبة طوال يوم العمل وتثور على الموظفات لأتفه الأسباب.
وهنا أختي فأنت موظفة بعمل خيري، وبالتالي يجب أن تجددي نواياكِ دوماً خلال عملكِ، وأن تصرفي من بالكِ فكرة ترك العمل خاصة كما فهمت أن من معكِ بالعمل كلهن نساء، ويجب أن تدركي أن إيجاد التفاهم والتآلف بين موظفات العمل ككل شيء ضروري لتقديم الخدمات الخيرية للمجتمع على خير وجه، وبلا تقصير أو تذمر.
وهذه اخيتي بعض النصائح العامة لتعاملكِ مع مديرتكِ والتي قد تساهم بإذن الله لتحسين الأوضاع بينكما:
- حاولي مراعاة الحالة النفسية والمزاجية لها خلال حديثكِ معها، ولا تفصحي دائماً عما يجول بخاطركِ حتى ولو كان صحيحاً، إذا شعرتِ أن الوقت غير مناسب.
- احتفظي دائما بتميز شخصيتك وابحثي عن الحكمة دوما في تقييمك للأمور , واحرصي على ألا تذوب شخصيتك برجاء إرضاء مديرتك, بل اجعلي من تميز فكرك وصوابية رأيك وإنجازك وعملك دوما دليلا على تفردك واجعليه دافعا لها ولغيرها على الاستفادة منك وإحسان المعاملة لك .
- لا تتناقشي معها في أمور العمل على الفور، وخاصة أمام زميلاتك، ولا تقللي من شأنها أبداً. - اختاري طريقة مناسبة مناقشتها، وحاولي أن تقدمي رأيك لها بطريقة جيدة، مع الاحتفاظ بروح معنوية عالية، وقليل من المجاملة والثناء على إدارتها للعمل بنجاح، ووضحي لها دوماً أنكِ مهتمة بكلامها وتنفيذ تعليماتها.
- تجنبي قدر الإمكان كل ما يغضبها أو يثير استفزازها – بتعمد منكِ – وحاولي دائماً أن تكوني هادئة في التعامل معها، ولا ينبغي عليكِ بآي حال من الأحوال أن تخرجي عن لياقتكِ في معاملتها، كأن تثوري أو تنفعلي بشدة، أو تأتي بألفاظ خارجة على اللياقة، فلتتأكدي أن تتمسكِ بالهدوء والخلق الحميد سيجعلك تكسبين قلبها. - يجب أن تفرقي دائماً بين اختلافكما في الرأي وبين اختلاف شخصياتكما، ولا تتوقعي دوماً أو تنتظري أن تتفقي دائماً معها ، فالاختلاف بين البشر أمر عادي وفطري.
- فكري دائماً في وجهات نظرها ولا تتسرعي في إبداء الموافقة أو الرفض.
- نفذي دائماً ما تكلفكِ به من مهام على أفضل وجه، وإذا كانت هذه المهام لا تتفق مع قدراتكِ فعليكِ أن تبدى لها عدم قدرتكِ على القيام بها، وهذا أفضل أن تعدينها بتنفيذها ثم تتخلفي عن الوعد.
- تذكري دوماً أن الإدارة ليست أمراَ سهلا حيث تواجه مديرتكِ ضغوطا من جوانب عديدة . حيث تعتبر المسئول الرئيسي عن النظام في الجمعية الخيرية التي تشرف عليها، ولذلك يجب أن تلتمسي لها الأعذار، وأن تدركي جوانب المسئولية الضخمة التي تتولاها.
- حاولي التقرب إليها بطلب نصيحة في أمر ما يخصكِ، واظهري لها تقديرك لأفكاركِ، ووضحي لها انك تتعلم منها الكثير، فهذا قد يحسن العلاقات بينكما.
كذلك أخيتي هناك شق آخر في مشكلتكِ وهي معاملة الآخرين كما يعاملونكِ، وهذا خطأ فادح في علاقاتك بكل من حولكِ سواء داخل العمل أو خارجه، فقد قال عز وجل {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، كما أنك فتاة ملتزمة يجب أن تدعو إلى الله في كل مكان تتواجد به، لتترك بصمة رائعة عن دينها وإسلامها وتدينها، والدعوة إلى الله تبدأ بالخلق الكريم، والمعاملة الحسنة مع من حولكِ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم آذاه الكثيرون لكنه لم يؤذي أحد قط.
وأخيراً أخيتي جاهدي نفسكِ على الصبر مع من يعاملكِ بقسوة، وقابلي الإساءة بالإحسان والعفو، حتى لا يتلوث قلبكِ الأبيض بالحقد والبغضاء تجاه الآخرين، ولا مانع أن تطلبي من مديرتكِ إقامة بعض الدورات عن فن التعامل مع الآخرين وغيرها من الدورات التي ترينها مهمة، وهذا بدوره يساعدكِ على الإصلاح دائماً.