معرض الرياض للكتاب 2009... تذمر من الأسعار.. وتوجس من دور.. وجناح للهيئة!
16 ربيع الأول 1430
المسلم - خاص

· بسبب الأزمة المالية: زوار كثيرون.. لكن لا يشترون كل ما يريدون!
·  مشهد مؤثر: د. الحضيف يوقع على كتاب لابنته "هديل" بالمعرض.
· هيئة الأمر بالمعروف: دحض اتهامات، ومشاركة بعمل سحري!
· ندوة عن "المرأة والتأليف".. ولا توقيع للكاتبات!    
· إقبال طفولي على القصص وكتب اللغات.

 

جدل كبير أثير وما زال حول معرض الرياض الجاري للكتاب، وسط حضور حاشد لأطياف شتى، على مستوى المشاركين والزائرين.. مع فعاليات عديدة حظيت - بدورها – بنصيبها من الجدل الدائر على خلفية توجس من تكرار ما حدث في معارض سابقة من تسرب إصدارات ودور مشبوهة إلى أروقة المعرض الدولي.

ومن هنا كثرت التساؤلات ومن ثم التصريحات.. حول سقف الحرية، ومدى منع التجاوزات، وخيمت ظلال من الربية حول بعض الدور، رغم زيارة مسؤولين كبار لها!

كما أثير الجدل – كالمعتاد – من بعض الموصوفين بالمثقفين حول هيئة الأمر بالمعروف، في محاولة لانتقاد دورها في منع بعض المخالفات.

من جهة أخرى كان للنساء والأطفال حضور واضح، وأقيمت ندوة حول "تأليف المرأة"، أما الأطفال فلوحظ أن أكثر إقبالهم كان على كتب اللغات وقصص الأطفال.

أما من جهة الحضور والزيارة فقد شهد المعرض إقبالا كبيرا.. دون أن يعني ذلك إقبالا مماثلا على الشراء، فالزوار كثيرون.. لكن لا يشترون كل ما يريدون بسبب انعكاسات الأزمة المالية، مع الغلاء الكبير في أسعار كثير من الكتب...

ومع المزيد من التفاصيل.. والمشاهدات.. قبل ساعات من رحيل المعرض واستقراره في أرشيف السنوات الماضية..

نار الأسعار!

بدا ظاهرا أن الأزمة المالية ترتكت تأثيراتها ليس على الزائر فحسب، بل على الناشرين كذلك، وذلك من خلال حصر مشاركة بعض الدور في معرض الرياض الدولي للكتاب الثالث في أجنحة بسيطة، الأمر الذي نتج عنه ازدحام الحضور داخل تلك الأجنحة.

أما عن أسعار الكتب وانطباعات الزوار بشأنها.. فقد شكا الزوار من ارتفاع بعضها بشكل مبالغ فيه، خصوصا في دور النشر الخارجية، الأمر الذي دعا وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية د.عبدالعزيز السبيل إلى حث جمهور المعرض على التأكد منها بمقارنتها بما هو موجود بأجهزة (الكمبيوتر) التي أعدت لهذا الغرض، موجها من يلاحظ اختلافاً إلى أن يبلغ إدارة المعرض، لتتخذ إجراءاتها الحازمة.

 

توجس من دور!

متابعون وزائرون أبدوا توجسهم وقلقهم من اقتحام دور "مشبوهة" داخل المعرض الكبير، منها دار شهيرة تشرف عليها عجوز لبنانية مارونية، لها كتابات في صحيفة الحياة!

وذكر تقرير لشبكة القلم الفكرية أن هذه الدار تتلقى دعما سنويا من مؤسسة أمريكية تدعم المجموعات الليبرالية والمتحررة في العالم العربي. ومع ذلك حجزت الدار مكانها بالمعرض، وزارها مسؤولون كبار بوزارة الإعلام أثناء جولاتهم.

وكذلك أثير الجدل – ووفقا للتقرير نفسه – حول دار يرأسها كاتب له عمود ثابت بصحيفة الرياض، وتتلقى دعما كاملا من الحكومة الألمانية، وكان الكاتب المذكور قد ألف كتابا على أنه سيرة ذاتية له، رغم ما فيها من شذوذ وانحرافات.

حضور ملفت للهيئة

فاجأت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر زوار المعرض بحضورها الملفت، فلم يقتصر دورها على متابعة سلامة أروقة المعرض وفعالياته من المخالفات والمنكرات، بل خصص لها جناح خاص حظي بحضور كبير، خصوصا من الجانب النسائي، حيث عرض فيه أدوات السحر للتعرف عليها والحذر منها ومن ألاعيب السحرة.

ولم تسلم الهيئة – كما هو المعتاد والمتوقع – من إثارة بعض مناوئيها للانتقادات حولها، والتقاط مواقف معينة للنفخ فيها وتضخيمها.. حيث زعمت مجموعة من "مثقفي التحرر" أن الهيئة تعاملت معهم بعنف، وأنه تم سحبهم وجرهم لمكتب الهيئة، بسبب الاعتراض على منع كاتبة سعودية من التوقيع على كتابها للرجال.

لكن الشيخ الشليل - المسؤول عن مركز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في معرض الكتاب – نفى هذا الزعم، وأكد أن حضورهم للمكتب طلب بهدوء ودون أي عنف، وأنهم انصرفوا راضين. كما أكد أن هناك اتفاقية بين الهيئة ووزارة الثقافة والاعلام بشأن توقيع الكتب في المعرض، بحيث اذا كان المؤلف امرأة يتم توصيل الكتاب لها للتوقيع عبر طرف ثالث بحيث يمنع اتصالها مباشرة مع الجمهور. ومن ثم فمنع السماح بالتوقيع المباشر منها تم في إطار قيام الهيئة بدورها التنظيمي للحيلولة دون وقوع المحظورات، دون تصعيد.

"المرأة والتأليف"

ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب أقيمت الأحد 11/3/1430هـ ندوة "المرأة والتأليف"،وشارك في الندوة – وفقا لموقع لها أون لاين – كل من: د.نجاة ميلاد، التي تحدثت عن التأليف ودوافعه لدى المرأة في المعرب العربي. والدكتور ناصر الرشيد، الذي تحدث عن دور المرأة المسلمة في التأليف منذ زمن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي يصح كل مسند من مسانيدها أن يكون كتابا مستقلا، ومتسائلا عن سبب خفوت دور المرأة في التأليف. كما تحدثت د.عتون الفاسي عن الظروف التي تكتنف المرأة أثناء عملية التأليف، وعزت الفجوة الكبيرة بين إنتاج الرجل وإنتاج المرأة إلى الاعتبارات التي تستهلك في خدمة أهل بيتها والواجبات الاجتماعية المختلفة.

لكن بعض الحضور - في مداخلة - ذكر أن المساحة الممنوحة للمرأة كبيرة غير أن المرأة ليست لديها القدرة على مجاراة الرجل في الكتابة والتأليف، ويبقى المعول عليها وعلى ضعف قدرتها هي وليس على الرجل المتهم بالتضييق عليها دائما، على حد قوله.

توقيع الحضيف

في مشهد مؤثر حضر والد الكاتبة الراحلة والمدونة الشهيرة، التي اعتبرها كثير من المدونين في السعودية إحدى أبرز رائداته، "هديل الحضيف"، إلى معرض الرياض الدولي للكتاب، وقام بالتوقيع على كتاب ابنته "غرفة خلفية".

وقال د. محمد عبدالرحمن الحضيف – وفقا لجريدة عكاظ - إن الإقبال على هذا الكتاب لابنته كبير، وهو الثاني لها بعد مجموعة قصصية بعنوان "ظلالهم لا تتبعهم".

وعرفت "هديل الحضيف" - التي توفيت في عمر لا يجاوز الخامسة والعشرين، والمتخرجة من كلية التربية في جامعة الملك سعود – ككاتبة بارزة في عالم التدوين والقصة في السعودية، قبل رحيلها  منتصف العام الماضي في أعقاب مرض ألزمها الفراش في غيبوبة استمرت ثلاثة أسابيع حتى وفاتها، رحمها الله تعالى.

صغار... وكبار!

سجل الأطفال حضوراً بارزاً بين مرتادي المعرض، خصوصا في أيام الإجازات، ولوحظ توجه كثيرين منهم نحو اقتناء الكتب الصغيرة المتخصصة في تعليم اللغات الأجنبية، إضافة إلى القصص القصيرة التي يوفر معرض الكتاب الكثير منها للعديد من دور النشر في مكان واحد. ومع ذلك ذكر بعض الأطفال الزائرين إنه لم يجد بعض القصص التي كان يتوقعها بالمعرض.

ووفقا لمؤشرات البيع فقد سجلت كتب تعلم اللغات الأجنبية أكثر الكتب مبيعاً لدى زوار المعرض، وخصوصا من فئة الأطفال بشكل خاص. وفي المقابل كان الرواج لكتب الأدب والتاريخ عند كبار السن.

وضمن فعاليات المعرض أقيم ملتقى بعنوان "الشباب وثقافة الكتاب" ناقش أسباب امتناع الشباب عن القراءة، والحلول المقترحة لذلك. وحاضر فيه كل من: زياد السالم ومنيرة الأزيمع وهديل العبدان وياسر العمرو.

وفيما يظل معرض الرياض الدولي للكتاب مشهدا ثقافيا بارزا - بالكم الهائل الذي تضمه زواياه وأركانه من الإصدارت، إضافة إلى الملتقيات والفعاليات المتنوعة ـ يبقى المعرض في القوت نفسه شاهدا بالسلب أو بالإيجاب على العديد القضايا المثيرة للجدل في الأوساط الثقافية السعودية، وعلى مدى تمكن التيارات الليبرالية والتحررية من تسريب توجهاتها عبر هذا التجمع السنوي الحاشد، في بلد لا يزال الأبرز بالمنطقة في حمل الهوية الإسلامية الصريحة، والحكم بشريعة الإسلام.