28 ربيع الأول 1430

السؤال

انا فتاة ابلغ من العمر 29سنة جامعيه تقدم لخطبتي شاب يبلغ من العمر 38سنه لم يسبق له الزواج جاء عن طريق خطابة
استقبله الوالد وتعرف عليه سأخبرك بمواصفات الشاب (تعليمه وصل فقط الابتدائي يشتغل مستخدم في المستشفى الابن الوحيد وترتيبه الاصغر من بين ستة اخوات والداه جميعهم متوفين غفر الله لنا ولهم ولجميع المسلمين) بعد السؤال عنه في عمله اخبرونا انه مواظب في عمله شخصيته نوعا ما ضعيفه ويؤدي الصلاة في العمل استبشرنا خيرا وتنازلت عن مستوى تعليمه ووظيفته من منطلق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)تمت الرؤية الشرعية وتم الارتياح من الغد اتى هو وعمه ليتقدمون خطبة رسمية واتوا بالمهر بصراحه استغربنا من العجالة التي هم فيها فأخذ ابي يراوده الشك واصبح يسأل عنه اكثر واكثر فسأل عنه امام المسجد واخبر انه مواظب لجميع الفروض من خمس سنوات واما قبل اي ماضيه فقال لنا الله يستر علينا وعليه !!!!!!!!!ابي تعجب وتخوف من هذه العبارة فسأله ماهو قصدك فقال له عندما توفي والده اصبح يستعمل حبوب حمراء نوع من انواع المخدرات على مااعتقد الكباتجون والان من خمس سنوات لم الا حظ عليه اي شيء وكان يسهر مع شله طرب وغناء والان ترك هؤلاء الشلة
سؤالي مارأيك بهذا الخاطب هل اوافق عليه ام ارفض
اخاف اوافق لأهرب من شبح العنوسه فأقع في فخ الله اعلم به لان كما ذكرت شخصيته ضعيفه اي موقف قد يرجع لماضيه الاول
هل اوافق عليه ام لا وسيعوضون الله خيرا منه
علما انني الى الان وانا استخير وأسأل الله أن يكتب لي ما فيه الخير ويرضني بما قسم الله لي

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

يعتبر الإدمان من الآفات الخطيرة التي انتشرت بين شبابنا واكتسحت بلادنا، وتهدد مستقبلنا واستقرارنا ورقي مجتمعاتنا. ومن أهم السبل لعلاجها هو العودة إلى الله سبحانه وتعالى وتعزيز الثقة به والتقرب إليه سبحانه بالذكر والصلاة وقراءة القران ومختلف الطاعات والأعمال الخيرة، ومتابعة العلاج النفسي الذي يحدده المختصون لمثل هذه الحالات.
وقد ذكرت أن هذا الشاب قد التزم بالصلاة في المسجد والعمل خمس سنوات متتالية وهذا يدل والله اعلم انه قد سلك طريق الهداية ليخلص نفسه مما أوقع نفسه فيه. ليعود بإذن الله سويا، ويعيش حياة طبيعية، في المجتمع ، فعلينا أن لا نحكم عليه بالإعدام، إذا تأكدنا من توبته وإصراره وثباته على الحق، ونرفضه لمجرد انه قد وقع في يوم ما في هذه الدوامة، ولا نقبل توبته ، بل من المفترض أن نعطيه فرصة أخرى
أختي الفاضلة ..
إذا كنت ترين فيه الشخص المناسب لك ولعائلتك وكان ما يقلقك فقط هو إمكانية رجوعه مرة أخرى إلى عالم الإدمان في المستقبل فلتعلمي أن الأطباء المتخصصون في علم النفس وفي علاج حالات الإدمان يعتقدون أن خمس سنوات كافية للقضاء على أي أمل للرجوع إلى المخدرات والإدمان إذا عزم الشخص على التوبة الصادقة وأصر على البعد عنها.
ولكن قبل أن تحكمي عليه بأنه مدمن سابق، عليك أن تتأكدي أولا هل هو مدمن بالفعل أم أنها مجرد إشاعات واعتقادات لا صحة لها . وان ما كان يتناوله ما هي إلا أدوية نفسية بسبب إصابته بحالة نفسية بعد وفاة والده، فاعتقد من حوله انه يتعاطى المخدرات.
فهذه الأقراص ليست كبتاجون ، لأنه ابيض اللون. وهناك نوع احمر اللون من المخدرات أخف وطأة من الكبتاجون من حيث الإدمان والتأثير على متعاطيها قد تكون هي المادة التي تعاطاها والله اعلم.
عليك أن تحصلي على إجابات لأسئلة هامة يمكنها أن تدلك بإذن الله على إمكانية ثباته أو انتكاسته مرة أخرى منها:
إذا كان مدمن بالفعل ، كم استمر على الإدمان وكيف عولج منه؟
هل سبق أن أدخل المستشفى للعلاج؟ أو تم سجنه بسبب المخدرات؟
لماذا أقبل على الإدمان ؟ هل هو مرتبط عاطفيا بوالده ولذلك لجأ للمخدرات؟ أم بسبب اضطراب شخصيته؟ وحبه للمغامرات الغير مدروسة واكتشاف كل جديد؟
هل له شلة أصدقاء؟ وهل هم نفس الشلة السابقة؟ وما هي سلوكياتهم ؟
وهل رجع خلال هذه الخمس سنوات أو جرب أي نوع آخر من المخدرات أو المسكرات؟
كيف يتعامل مع الأمور ويعالجها؟ إذا كان قد اعتاد على الهروب من المشاكل ومواجهة الأمور فمن الممكن أن يعود إلى المخدرات وتحدث له انتكاسة جديدة متى ما واجه أي مشاكل مستقبلية؟
هل يعرف بالالتزام بوفاء الوعود التي يعقدها على نفسه، وهل يحترم من يتعامل معهم! أم انه من النوع الذي لا يحب إلا ذاته ولا يعبأ بمشاعر الآخرين ؟
من هم أسرته؟ ما هو وضعهم المادي والاجتماعي؟ هل هم من العوائل الطيبة المعروفة! ماذا كان دورهم عندما وقع في دوامة الإدمان!! هل تركوه أم احتووه وأصروا على علاجه؟ سيدلك ذلك على الدعم الأسري الذي يمكن أن تحصلين عليه في حال انتكاسته مرة أخرى أو في حال وقوع اي مشكلة .
هل لوحظ عليه عدم الاهتمام بقواعد وقوانين المجتمع وكسرها أو انتهاكها، خاصة بعد توبته، وهل يمكنه أن يتحكم في شهواته؟ أم انه يتبع أهوائه دائما! وهل لوحظ عليه سفه في إنفاق الأموال أو تكوين أي علاقات غير شرعية، أو قيادة السيارات بتهور! وهل لديه ماضي آخر، وما هو؟
إذا كان كذلك، فهل يعتقد أهله أن الزواج هو الحل وأنه هو الذي سيجعله يسير على طريق الهدى والصواب، إذا كان الأمر كذلك فاحذري أن تتزوجيه فهذا منطق خاطئ فليس لك ذنب أن تكوني أنت الضحية وهذه مغامرة أنصحك أن لا تدخليها ، لأنك إن خضت غمار هذه التجربة، فلن يتحمل تبعاتها إلا أنت !!
ما هي شخصيتك أنت؟ ما هي مميزاتك ؟ وما هي عيوبك
هل يمكنك بشخصيتك أن تعاونيه على المثابرة والاستمرار في طريق الهداية؟ هل أنت لطيفة ودودة، حسنة المعشر يمكن أن يجد فيك السكن الذي ينشده فتكونين عونا له على مواصلة رحلته.
أم أنك متسلطة أو نكدية ستجعلينه بأسلوبك الفظ يهرب منك إلى المخدرات مرة أخرى؟
هل أنت من النوع الشكاك!! إن كنت كذلك فسيساورك الشك في أي تصرف من تصرفاته، حتى لو كان يسير على الصراط المستقيم وسيكون ذلك سببا لخلق المشاكل بينكما وهدم الأسرة وقد يكون سببا لعودته إلى ماضيه
هل أنت من الذين يهتمون بما يقوله الناس! إن كنت كذلك اسألي نفسك, هل ستؤثر سمعته السابقة وماضيه على اعتزازك وفخرك به بين الناس؟ هل ستشعرين بالخزي إذا ما حضرت أي مجلس وكان محور الحديث فيه عن الإدمان!! وهل ستقصين قصته للآخرين وستخبرينهم كيف تمكن من قهر الإدمان وكيف عاونته أنت في ذلك!! هل سيؤثر ماضيه على أطفالك عندما يعرف من حولك السيرة الذاتية لوالدهم في المستقبل؟
إن كنت تشعرين في قرارة نفسك انك ستقدمين تضحية من أي نوع ما إذا ارتبطت به ، فنصيحتي لك أن تصرفي عنه النظر ، وان لا تقدمي على هذا الزواج ، فلا مجال للتضحية هنا فأنت من سيجني المرار في المستقبل، وسيعوضك الله خير منه بإذن الله.
وان كنت تشعرين انه الشخص المناسب وكانت جميع الإجابات في صالحه، ولمست ارتياحك للموضوع، وصدق توبته، وحرصه على عباداته، وحسن خلقه ، وسلامته من أية أمراض جسدية أو نفسية يمكن أن يسببها الإدمان ..استخيري الله كثيرا وامضي في الأمر فان كان خيرا سيتممه الله لك وان كان شرا سيصرفه الله عنك بأي طريقة ولأي سبب كان.
أختي الفاضلة..
المشكلة الحقيقية التي يجب أن تضعيها في اعتبارك والتي ستواجهك بعد الارتباط به ليست العودة إلى المخدرات فقط ولكن ضعف شخصيته، وقد لا يكون ضعفا في شخصيته بقدر ما تكون اضطراب في شخصيته.
فأغلب من يقع في براثن المخدرات يعانون في الأصل من اضطرابات في الشخصية، وهذه المشكلة بحد ذاتها كفيلة لهدم العلاقة الزوجية والعيش في بيئة أسرية غير مستقرة.
ضعي في بالك أيضا أن البعض منهم لديه ضعف جنسي! فإذا كان هو منهم كيف سيكون موقفك بعد الزواج؟
لذا يجب عليك أن تحرصي كل الحرص على معرفة هذا المتقدم لك وتقييمه جيدا، فعليك أن تعرفي من هو وما هي شخصيته الحقيقية المقنعة إن وجدت. وهل لديه اضطرابات في سلوكه في ماضيه أو حاضره. فالشخصية المضطربة تسبب في الغالب خلل واضطراب وعدم توافق الشخص مع نفسه أو مع من حوله، وأول من يعاني من الشخصية المضطربة هم أفراد الأسرة وفي المقام الأول زوجته، فاحذري من ذلك.
يجب أن لا تتخذي قرارك بناء على ما تشعرين به نحوه من ارتياح مبدئي له أو ما قد يظهر لك عليه من سمات حسنة فيه قد تخفي وراءها الكثير.
يجب أن يقيمه شخص أو أكثر من طرفك من الثقات ، بعد أن يقابله أكثر من مرة ليتعرف عليه وعلى طريقة تفكيره، وسلوكياته، وان يعرضه لمواقف متعددة تظهر ما يخفيه من سلوك أو اضطراب قد لا يظهر على السطح لكل عين، ويا حبذا لو لم يكن يعلم أن هذا الشخص أو الأشخاص من طرفك ليتصرف بطبيعته.
عليك التأكد من تاريخ نشأته منذ صغره ، فاضطراب الشخصية تبدأ جذورها عادة في مرحلة الطفولة، حيث تتشكل في تلك الأثناء شخصية الفرد، ثم تصقلها الليالي والأيام والأحداث المتوالية، نتيجة لتداخل العوامل الوراثية والبيئية والتربوية المختلفة.
عليك أن تحصلي على إجابات للأسئلة التالية على الأقل لكي تتأكدي من انه لا يعاني من أية اضطرابات في السلوك، ثم تضعي تصورا شاملا عن حياتك المستقبلية التي ستعيشينها معه إن كتب الله لك النصيب معه.
ما هو مستوى قدراته العقلية , وهل تتناسب معك بغض النظر عن مستواه التعليمي والشهادة الابتدائية التي معه. فهناك من يتمتع بقدرات عقلية فذة رغم تأخره في التحصيل الدراسي.
ما نوعية علاقاته الاجتماعية، وهل هي علاقات في الحدود الطبيعية أم انه يشوبها التوتر والمشاحنات؟ هل هو مقبول أو مرفوض اجتماعيا.
يجب أن تتأكدي من شخصيته الحقيقية في البيت والعمل فهناك من يبدو ضعيف الشخصية في عمله ولكنه في بيته حازم ذو شخصية قوية ومستبدة أحيانا.
ما رأي أقربائه ، أصدقائه، زملاء العمل ، رؤسائه فيه وفي سلوكياته؟
ما هي القيم والمعايير التي يؤمن بها ؟ ما هي نظرته للمرأة وما هي قيمتها لديه ؟ وما هو دورها من وجهة نظره في المجتمع؟ وهل لديه أي اعتراض على عملها خاصة إذا كنت موظفة؟ وهذا يمكن معرفته من خلال تعامله في المستشفى من عمله ومع أفراد أسرته ؟
هل يعرف بالخداع والكذب وتضليل الآخرين والتحرر من المسئولية والفشل في الاستمرار في عمل ثابت لفترة طويلة؟ وهل كان خلال هذه السنوات الخمس مستقر وظيفيا وعاطفيا واجتماعيا! فهذه السنوات الخمس كفيلة بأن تكوني عنه فكرة واقعية عن مدى إصراره وصموده وثباته عند اتخاذ أي قرار.
هل هو شخص وسواسي متصلب الرأي, لا يؤمن إلا بما يقول أو يعتقد هو, نظرته قاصرة ،لا يقبل التغيير , ويفتقر إلى الخيال المثمر.
هل هو من النوع الشكاك الذي لا يثق بالآخرين ، ولا يمكنه أن يكون علاقات الصداقة بسهولة.
هل يعاني من الحساسية المفرطة, وهل يشعر بالدونية، والإهانة والخجل , وانتقاص الآخرين له؟
هل هو من النوع المتردد ، الذي لا يجرؤ على اتخاذ أي قرار بسهولة دون الاعتماد على الآخرين، وهل هو من النوع الذي يحب أن يلقي المسئولية على غيره؟ وهل يمكنه أن يتحمل مسئولية المشاكل والصعوبات والعقبات التي تواجهه في حياته العملية أو الاجتماعية ويمكنه يعتمد على قدراته الذاتية؟ فهذا الرجل يفترض أن يكون سندا وعونا لك في الحياة ويفترض أن يتحمل مسئولية الزواج وأطفال المستقبل بإذن الله. فهل هو شخص مسئول يمكنك الاعتماد عليه؟.
هل هو مغرور, كثير المطالب , يمكن أن يلجأ لأساليب الابتزاز العاطفي أو المادي لمن يتعامل معهم خاصة المقربين إليه؟
هل هو شخصية انفعالية متقلب المزاج، يفتقر إلى النظرة الواقعية والحكم على الأمور بشكل سليم, أو سريع الاندفاع في اتخاذ القرارات؟
هل هو من الشخصيات الانطوائية التي تحب الانعزال عن الواقع وعن الناس، لذا لم يتزوج حتى الآن مع انه قارب على سن الأربعين؟ أم انه سبق له الخطبة قبل الآن؟ متى ؟ وما سبب فسخ الخطوبة؟
هل له تاريخ مرضي سابق أو اضطرابات في السلوك قبل أن يبلغ الثامنة عشر من عمره؟
تمهلي في الرد، وحاولي أن لا تستعجلي خذي قرارك بعد دراسة كاملة واقتناع تام
بعد أن تحصلي على جميع الإجابات عليك عزيزتي أن تجلسي مع نفسك جلسة هادئة عقلانية صريحة، وان تمسكي بالورقة والقلم وتضعي حسناته ومميزاته في جدول، وسيئاته في جدول آخر وتقارني الحسنات مع السيئات لتوازني بينهما ، ومن ثم اكتبي حسناتك وسيئاتك أنت أيضا في جدول آخر واجري مقارنة جديدة بينكما أنتما الاثنين.
عليك أن تقومي بتقييم عمرك ووضعك الاجتماعي والمادي والصحي والعقلي والجمالي بصراحة متناهية لتتمكني من الوصول إلى قرار صائب. وتسألي نفسك هل آنت على قدر من الجمال والأدب والعلم والأخلاق الذي يطمع له المتقدمون؟ هل طرق بابك العديدين؟ أم أن هذا هو أول شخص يطرق دار بيتكم؟ هل لديك ما يمنع زواجك أو إقبال الناس عليك؟ أو يؤخر زواجك؟
ادرسي الموضوع من جميع جوانبه ، وأعطي نفسي مساحة للتفكير، فحياتك ليست عرضة للتجارب ، ولا تعتقدي أن عمرك هو اكبر عقبة في طريقك، فما زلت في سن معقولة ، وتأكدي عزيزتي انه لم يفتك قطار الزواج بعد، فالزمن قد تغير وكثير من الفتيات الآن يتزوجن في سن اكبر من سنك
إذا كنت تعملين في وظيفة جيدة فهذه إحدى حسناتك التي يجب أن لا تغفليها، والتي أصبحت من الأساسيات المطلوبة في الزوجة لدى معظم الشباب الآن، ولم يصبح عمر المرأة يشكل عائقا كبيرا في زواجها إذا ما كانت تمتلك من المميزات الأخرى ما يغطي هذا العيب. فإذا كنت كذلك اصبري إلى أن يتقدم لك الشخص المناسب وتأكدي إن كل شيء قسمة ونصيب.
يمكنك وضع شرط في عقد النكاح إذا ثبت منه سلوك غير سوي أو تعاطي المخدرات فلك الحق في طلب الطلاق متى شئت
اكثري من الدعاء والاستخارة والاستغفار وتوكلي على الله . وفقك الله للخير ورزقك من حيث لا تحتسبي.