عباس ينقلب على نفسه
1 ربيع الأول 1430
منذر الأسعد

قبل48ساعة فحسب من الموعد الذي اعتمده المصريون لاستئناف جلسات الحوار الفلسطيني في القاهرة بين حركتي:  حماس وفتح، فاجأت عصابة رام الله الجميع، بخطوة تصعيدية استفزازية تمثلت في اعتقال عشرات من كوادر المقاومة في الضفة الغربية، بدلاً من الإفراج عن المختطفين المحتجزين من قبل في سجون عباس من تلك الكوادر، تهيئة للحوار، وتنفيذاً لتعهدات رئيس وفد السلطة إلى الحوار أحمد قريع!!
هنالك وجدت حماس نفسها مجبرة على افتضاح جزء فقط من خيانة عصابة رام الله للشعب الفلسطيني، والتواطؤ مع العدو اليهودي وبخاصة في أثناء مجازره الوحشية الأخيرة في قطاع غزة!!

 

عرضت حماس جانباً من اعترافات عدد من أزلام عباس، الذين قاموا بمهمة أبي رغال الوضيعة، فقد كانوا يتجسسون على المقاومة وتحركاتها، ويبلغون العصابة الأم في مقاطعة رام الله، وهي تنقل بدورها تلك المعلومات المؤذية إلى سادتها في تل أبيب!!وهنا، جُنّ جنون العصابة فأطلقت ثعبانها ياسر عبد ربه-صاحب فكرة بيع حق العودة إلى أعداء الله الصهاينة بلا مقابل سوى كرسي العمالة فوق آلام الفلسطينيين-!!وهذا الرجل المشهور بانعدام الحس الأخلاقي، والقدرة الفائقة على اختلاق الكذبة ثم تصديقها، قال بصفاقة لا يُحْسَد عليها: إن الاعتقالات التي تقوم بها حكومة إسماعيل هنية في غزة هي اعتقالات سياسية، أما عمليات الخطف والمطاردة لرجال المقاومة في منطقة عصابة عباس فوصفها بأنها"اعتقالات أمنية"!!وهذا إقرار  صريح جداً بطبيعة تلك العمليات غير المشرفة التي تجري لحساب العدو، وبناء على لوائحه وتوجيهاته!!أما إلقاء القبض على الجواسيس الذين يتآمرون على شعبهم مع المحتل، فإنه ذو طبيعة سياسية بحسب أراجيف عبدربه!!وكأن هؤلاء العملاء معتقلو رأي، وكأن الخيانة وفق مدرسة الاستسلام للعدو والاستئساد على الشعب أصبحت وجهة نظر!!
فما العوامل التي دعت عباس وبطانته الخائبة إلى افتعال الإشكال الأخير؟وبعبارة أخرى: لماذا يريدون نسف الحوار المقرر غداً في القاهرة؟

 

كان خط الخيانة يراهن أصلاً على ربط الحوار بتحقيق تهدئة بين حماس والعدو الصهيوني، تتيح له التلاعب من جديد بتصوير القضية على أنها قبول حمساوي بخزعبلات اللجنة الرباعية الدولية، وكأن المقاومة تراجعت عن جوهر وجودها، وهو رفض الاعتراف بوجود كيان العدو اعترافاً قانونياً.لكن الصفعة جاءتهم مزدوجة، فلا المقاومة انخدعت بالألاعيب برغم الضغوط الهائلة من كل حدب وصوب، ولا سيدهم أولمرت أبقى لهم ورقة تين تستر ما بقي من سوءاتهم المفضوحة.بل إن أولمرت نسف حتى الجهود  المصرية التي وصلت إلى نقاط اتفاق أساسية مع عاموس جلعاد مندوب اليهود في مساعي التهدئة.
وعندما تحدث جلعاد بصراحة عن صفاقة رئيس حكومته عزله الأخير عن إدارة ملف التفاوض مع المسؤولين المصريين!!

 

كما أن عصابة الرضوخ للعدو، ساءتها بوادر تبدل غير معلن في مواقف القاهرة، فأخذت تحرص على أن تقف على مسافة شبه واحدة في الخلاف الفلسطيني/الفلسطيني، بعد مدة طويلة من التأييد شبه المطلق لحركة فتح وسياساتها وخياراتها.
وغاظ تلك العصابة فشلها في عزل المقاومة اعتماداً على سادتها في واشنطن وتل أبيب، فها هي الوفود الغربية تأتي إلى غزة مضطرة، بدءاً من وفد الكونجرس الأمريكي ذاته، إلى رئيس البرلمان الأوربي، مروراً بلجنة قانونية دولية مختصة بجمع الأدلة على جرائم الحرب اليهودية، وهي لجنة مكلفة بمهمتها من جامعة الدول العربية، التي أرغمها الضغط الشعبي على الخروج من سلبيتها وانحيازاتها الضيقة.
ومع ذلك كله، تبدو حماس مصرة على الحوار لهتك ما بقي من  أستار تتخفى وراءها عصابة المقاطعة، ويبدو كذلك أن القاهرة ماضية في تنفيذ ما أعلنت عنه سابقاً، ربما لأنها تثق بعجز عباس ورهطه عن رفض الحوار جهاراً نهاراً.