القوات الدولية في البوسنة وجريمة تلويث المياه والأرض
29 صفر 1430
عبد الباقي خليفة
تخشى المصادر الصحية والحقوقية وكذلك السياسية من أن مهمات حفظ السلام والتدخل الانساني في العالم قد تكون تخفي أجندة خاصة لدفن النفايات، بما فيها النفايات النووية، في تلك البلدان
 
بعد قنابل اليورانيوم التي عثر على آثارها في السنوات القليلة الماضية قرب سراييفو، والتي ألقتها قوات حلف شمال الأطلسي، وتسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، وكذلك من الجنود الدوليين العاملين ضمن قوات الامبرفور التابعة للامم المتحدة ثم" سي فور" التابعة لحلف شمال الأطلسي ثم " يوفور " التابعة للاتحاد الاوروبي، ولا سيما القوات الايطالية التي كانت في منطقتي حاجيتش، وخان بياسكا. بعد ذلك ظهرت قضية خطيرة، وهي قيام قوات " سي فور " ومن ثم قوات " يوفور " بإلقاء ما يقال أنها نفايات سامة في مياه أنهار وبحيرات البوسنة ولا سيما جنوب البلاد، وردم نفايات أخرى في باطن الأرض . وكانت صحيفة، فيتشرني ليست، الكرواتية قد تحدثت يوم الاربعاء الماضي عما وصفته بالأسرار المسكوت عنها، وقالت أن "هناك دلائل على قيام الطائرات التابعة للقوات الدولية إبان تولي حلف شمال الأطلسي مهمة حفظ السلام، وتواصلت بعد استلام الاتحاد الأوروبي في سنة 2004 تلك المهمة عبر قوات سي فور " .
تحقيقات في ظلال السرية : " المسلم " تحول إلى الأماكن التي قيل أن القوات الدولية ألقت فيها نفايات وهي موستار، ونيرتفا، وبونا، ويابلانيتسا، وكونيتس . وهي المواقع التي توجد فيها القوات الفرنسية والاسبانية وإلى حد ما البريطانية، وذلك وفقا لتقسيم المهام بين القوات الدولية على إثر توقيع اتفاقية، دايتون، في 21 نوفمبر 1995 . وقال إخصائي أمراض الجلد الدكتور إحسان برانكوفيتش، " للمسلم " " الأمر ينطوي على حساسية مفرطة، ولكن هناك دلائل تؤكد على ما قيل، سواء على مستوى الأمراض المتفشية، أونسبة التلوث ببعض البحيرات، ولاحظنا في الصيف الماضي إزدياد أمراض الجلد لدى الأشخاص الذين ارتادوا تلك الاماكن بنسبة وصلت إلى 18 في المائة " . وحسب المعلومات التي استقاها "المسلم " من مصادره فإن " النفايات التي تم الكشف عنها قادمة من فرنسا وزيلندا " وأن " الاستخبارات البوسنية، سيس، والتي تحولت إلى "سيبا " تجري تحقيقات، حول القضية منذ وصول قوات يوفور إلى البوسنة، لكنها تتكتم على المعلومات التي توصلت إليها " وتخشى المصادر الصحية والحقوقية وكذلك السياسية " من أن مهمات حفظ السلام والتدخل الانساني في العالم قد تكون تخفي أجندة خاصة لدفن النفايات، بما فيها النفايات النووية، في تلك البلدان " . ويسود الأوساط الأهلية ولا سيما السكان قلق شديد نظرا للاشاعات التي تزداد كلما شحت المعلومات الصحيحة من المصادر المعنية . لا سيما وأن الحديث عن رمي نفايات في مصادر المياه ودفن أخرى في باطن الارض جاء من خارج البوسنة، كما يقول ميركو كوزاريتش " نحن نطالب السلطات المحلية باطلاع السكان عن كل المعلومات التي لديها بهذا الخصوص، واتخاذ الاجراءات اللازمة لتقليل أخطار هذه النفايات التي تفوح رائحتها في وسائل الاعلام " .
نفايات تحت الحماية : وقالت مصادر "المسلم " الخاصة أن " بواخر فرنسية مرت بميناء، بار، المنتنغري في الفترة الماضية، دون تعرضها للتفتيش " . وأنها " كانت تحت حماية القوات العسكرية الفرنسية إلى أن وصلت إلى منطقة ستوتس الكرواتية ومن هناك تم نقل الحاويات التي تحملها البواخر عن طريق طائرات الهيلوكبتر التابعة للقوات الفرنسية التي تحمل شعار قوات سي فور الاوروبية، وقد تم نقل الحاويات عن طريق ربطها بحبال حديدية إلى الطائرات " وهي رواية قريبة جدا لما ذكرتها صحيفة فيتشرني ليست الكرواتية . وتابع المصدر "حمولة الحاويات إنتهت في ثلاثة بحيرات بوسنية في منطقة الهرسك هي، بوشكو، ورومسكو، ويابلانيتسا، وقد تم إلقاء النفايات في ساعات الفجر الاولى وشاهدها عدد من شهود العيان القريبين من تلك المناطق " ولم يذكر المصدر كميات النفايات التي تم إلقاؤها ولكنه ذكر بأنها ب " الأطنان " . وقال أحمد عديلوفيتش وهو صياد سمك " للمسلم " " لا أخفيك القول أن الصيادين لم يعودوا يقصدون البحيرات للصيد في منطقة الهرسك بعد أنباء وجود نفايات قاتلة في قعرها " . كما امتنع الكثير من السكان من الاقتراب من تلك البحيرات لقضاء ساعات الصباح الجميلة على ضفافها، أو التمشي بمحاذاتها عند المساء . وقال " بوشكو بيروفيتش " الهواء لم يعد نقيا منذ عدة سنوات، كما أخبار النفايات زادت من مخاوف السكان من الاصابة بالسرطان أو الأمراض الجلدية، كما امتنع الناس من تناول الأسماك التي يتم اصطيادها من هذه البحيرات "
نفي دولي وحقائق على الأرض : إلى ذلك نفى أمس قائد القوات الدولية التابعة للاتحاد الاوروبي، يوفور، الجنرال ستيفانو غاستاغنوطو في تصريحات " للمسلم " ما وصفها بالاشعاعات التي لا دليل عليها . وقال " لا يوجد أدلة على أن القوات الدولية ألقت بنفايات سامة في مصادر المياه أو باطن الأرض وكل ما في الأمر إشاعات رددتها بعض وسائل الاعلام وصدقها الناس " وتابع المسؤول الدولي الذي تولى مهامه قبل 3 أشهر فقط " هذه اتهامات عارية عن الصحة وهي مجرد إشاعات في تقديري وهذا أمر غير مقبول، لأن أي اتهام يحتاج لدليل قاطع " وأضاف " هذا ما أستطيع أن أقوله في هذه المرحلة، ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها بهذا الخصوص " وواصل " كما تعلمون فإنه ليس هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها بعض وسائل الاعلام وجهات مدنية عن هذا الأمر لكننا نحتاج إلى أدلة قاطعة " وقال غاستانوطو حول موقف السلطات المحلية " السلطات المحلية هي الجهة المخولة لمناقشة هذا الامر مع الجهات الدولية، ولا يوجد حتى الآن أي قضية حول ما يثار في المجتمع " وحول قضية اليورانيوم التي قيل أن قوات حلف شمال الأطلسي استخدمته في البوسنة أجاب " أنا يوفور ولست معنيا بما قيل عن قوات سي فور التابعة للناتو في تسعينات القرن الماضي "
ورغم أن المصادر الطبية قد أكدت ميلاد أجنة مشوهة وارتفاع حالات المرض بالسرطان في وسط سكان الجنوب إلا أنها لم تؤكد في ردها على سؤال " للمسلم " بهذا الخصوص ما إذا كان ذلك له علاقة بالنفايات أم لا . وقال خبير السموم الدكتور سليمان بيراموفيتش " هناك جهات دولية مختصة أكدت وجود النفايات، ونحن ننتظر أن تتحول مخاوف الاوساط السياسية إلى تحرك للكشف عن ملابسات وتداعيات هذه القضية على الصحة وعلى العلاقات الدولية بصفة عامة " مؤكدا في نفس الوقت خطورة القضية التي لا تزال في بدايتها .