"البيان".. عدد وثائقي "غزة العزة.. معركة الملاحم المجيدة"
12 صفر 1430
لطفي عبد اللطيف

في العدد الجديد من مجلة "البيان" الصادر غرة شهر صفر1430, حاولت المجلة تقديم رؤية شاملة للعدوان الصهيوني على غزة، وما حدث قبله من حصار ظالم، وإغلاق للمعابر، ومحاولة خنق القطاع برا وبحرا وجوا, وممارسة سياسة التجويع على الشعب الفلسطيني في غزة, وما أعقب ذلك من انتهاء التهدئة وصولا لعدوان إجرامي, استخدمت فيه آلة الحرب الصهيونية, شتى ألوان الأسلحة المجرمة والمحرمة دوليا, لترتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، وتقدم "البيان" قراءة مستقبلية للصراع على الأرض بين المقاومة المنتصرة, ليس في غزة وحدها بل في جميع الأرض المحتلة, وبين المعتدي المهزوم, الذي خرج من غزة مدحورا مهزوما.

 

"البيان" في عددها الوثائقي عن "غزة الصمود والمقاومة والنصر"، قدمت صورة متكاملة للصراع، من منظور شرعي, ورؤية عقدية, وطرح سياسي, ورصد لمسيرة الصمود والمقاومة في وجه قوة عسكرية غاشمة, كشفت عن وجهها الإجرامي، باعتماد سياسة الأرض المحروقة، فاستهدفت الأطفال والنساء وكبار السن، بعد أن فشلت في مواجهة رجال المقاومة على الأرض, لتنسحب بعد عدوانها البري والبحري والجوي، دون أن تحقق أياً من أهدافها.

 

بدأت "البيان" بتقديم صور لغزة المنتصرة، والموقف من صمودها، في "كلمة الافتتاحية" التي جاءت بعنوان "ليسوا سواء... ولكن" قالت فيها: ليس من العدل أن يقدم إخواننا في غزة التضحيات الجسام، دفاعا عن الأمة, ونحن بأيدينا الكثير لا نضعه في أيديهم، أليس لنا طمع في أن نشاركهم في فخر يسجله التاريخ لهم؟ أليس لنا حاجة إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين".
وأضافت "البيان" في افتتاحيتها "ليسوا سواء قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار، ومن فضل الله على هذه الأمة أنه وعدها بالتمكين في الدنيا، ومن هنا نستحضر ذلك فنعلم علم اليقين أن العاقبة للمتقين من إخواننا المجاهدين المرابطين الصامدين من اجل عزة الأمة، في غزة الإباء والشموخ".

 

وقالت "البيان": إنه من العار على أمة الإسلام، أن تساوي بين من ثبت مرابطا على الثغر، وأبى أن يعطي الدنية في دينه وأمته, وبين من باع قضية المسلمين، وصار خنجرا في ظهر إخواننا المجاهدين".
ويكتب الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الصويان "رئيس تحرير البيان" عن "بشائر النصر" ويقول "مجازر غزة أحيت قلوب الناس، وأحيت القضية الفلسطينية من جديد, لقد اجتهدت بعض الأنظمة والمنظمات العلمانية، في الترويج لثقافة الخنوع والتطبيع مع العدو الصهيوني، وترويض روح المقاومة، وامتصاص العزة والغيرة من أبناء الأمة، لكن الشارع الإسلامي قال كلمته، بوضوح وانحاز إلى خيار المقاومة، واستهجن لغة التشفي الرخيصة ".

 

وأضاف الشيخ الصويان قائلا: " إن هذا التفاعل غير المسبوق من أبناء الإسلام، يتطلب من أهل العلم وقادة الرأي والفكر أن يستثمروا طاقات الأمة، ويوظفوا إمكانياتها في برامج عملية داعية إلى نصرة كل قضية إسلامية، وإحداها قضية فلسطين، حتى لا تبرد الحمية أو تستهلك أو تبدد في ردود أفعال يمكن أن توظف في مجالات أعمق نفعا وأكثر بركة"
وعدد الشيخ الصويان في مقاله "من بشائر النصر" الايجابيات التي برزت بقوة من أحداث غزة رغم المآسي والأحزان المؤلمة، في عدة نقاط هي: الثبات والصمود على أرض غزة، سقوط هيبة الجيش اليهودي بآلته المتوحشة، الحياة التي عادت للشعوب المسلمة وتلاحمها وتفاعلها غير المسبوق مع أبناء غزة.

 

ويكتب الشيخ محمد بن شاكر الشريف مقالا بعنوان " العزة.. العزة يا أهل غزة " يحدد فيها ثماني وقفات من هذه الأحداث: الأولى: أن الجهاد من التكاليف الشرعية التي أجمعت الأمة على وجوبه إجماعا قطعيا, الثانية: الإعداد والدعاء صنوان لا يفترقان، الثالثة: أن المعركة بين الحق والباطل لا تتقيد بزمن، الرابعة:المجاهدون يحتاجون العون والدعم والمساندة، الخامسة: الحرب والسلام أمران مطلوبان معا, السادسة: من ضوابط المصالحة والمهادنة قد تدعو أحوال المجاهدين إلى قبول صلح أو هدنة، السابعة: آداب القتال في الشريعة الإسلامية، ثامنا: الشكوى من الظالمين.

 

ويكتب الشيخ احمد بن محمد ذي النورين عن" الرحلة المباركة" عن رحلة الإسراء والمعراج ويقول: إنها الرحلة المباركة الميمونة التي لم يشهد لها التاريخ نظيراً، انطلقت في جوف الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان إحدى محطاتها الرئيسة. رحلة تحمل في طياتها معاني السمو كلها وقيم الفضيلة كافة. رحلة مختارة لأسباب مختارة وبوسائل مختارة ولأهداف مختارة من اللطيف الخبير. رحلة تحيي وشائج الترابط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى نبينا محمد خاتم النبيين؛ تجسيداً لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي  قال: «الأنبياء أبناء عَـلات» رحلة تجدِّد الأواصر بين الأماكن المقدسة لشرائع التوحيد جميعاً. رحلة أُريد بها أن تكون إعلاناً لوراثة الرسول  لمقدَّسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على تلك المقدَّسات، وارتباطها بها جميعاً. رحلة لا تحدها حدود الزمان ولا المكان. رحلة تشمل آماداً وآفاقاً أوسع وأرحب من الزمان والمكان. رحلة لم تأت اعتباطاً ولا جزافاً، بل كانت بتدبير إلهي ولحكمة ربانية. رحلة تضمنت لقاء اجتمع فيه خاتم المرسلين بسلفه من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، فتراءت لهم إمامته، وعظمت في أعينهم منزلته، فجاشت في نفوسهم ذكريات العهد الأزلي المأخوذ عليهم.

 

ويقول الشيخ ذي النورين: إن الدفاع عن بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، والغيرة عليها، والذود عن حماها، والسهر على تحصين حرمتها والعمل على حفظ مقدساتها؛ أمرٌ لا يماري فيه إلا أفَّاك متخاذل جبان؛ خاصة بعد أن دنَّسها اليهود الأرجاس بمباركة من أذيالهم الأنجاس، فقد أصبح بذل النفس والنفيس في سبيل الله - تعالى - سعياً إلى تخليصها من براثن إخوان القردة والخنازير واجباً كفائياً، وصار حقاً معلَّقاً في عنق كل مسلم أياً كان موطنه وأياً كانت أرضه
وفي العدد حوار مع العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حول مقاطعة العدو اقتصاديا، والذي يعد وسيلة من أقوى وسائل الضغط، وعن الحكم الشرعي في نصرة المسلمين في غزة، يقول الشيخ البراك: إذا كان جهاد دولة اليهود واجباً فإنه يجب على جميع المسلمين نصرة من جاهدهم؛ كل بحســب حاله؛ لأن الله - تعالى - يقول: {وَالْـمُؤْمِنُونَ وَالْـمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ١٧]، ويقول - أيضاً -: {إنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات: ٠١]، وقال - تعالى -: {وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} [الأنفال: ٢٧]. وكما يكون الجهاد بالنفس والمال واللسان يكون النصر بذلك، فيجب نصر المجاهدين بكل ما أمكن من وسائل النصرة، ومن ذلك: العمل على فكِّ الحصار عنهم بفتح المعابر التي يصلون منها إلى ما يأمنون به على أنفسهم ويجلبون ضرورياتهم، وضد ذلك هو إعانة للعدو عليهم، ومن وسائل النصرة أيضاً: مقاطعة العدو وأعوانه اقتصادياً؛ فإن ذلك من أقوى وسائل الضغط في هذا العصر؛ تصديراً واستيراداً؛ كما فعل ثمامة بن آثال مع قريش حيث آلى ألا يصل إليهم شيء من بُرِّ اليمامة حتى يأذن الرسول.

 

كما تجري "البيان" حوارا مع محمد نزال "عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية حماس" أكد فيه: أنَّ فصائل المقاومة على أرض غزة وفي مقدّمتها كتائب عز الدين القسَّام تحقِّق كلَّ يوم انتصاراً جديداً لمشروعها في تحرير الأرض ودحر العدوان، بل نحن على يقين تام بالنصر بإذن الله، ونرى تباشير النَّصر ماثلة رأيَ العين، وأنَّ هزيمة الجيش الصهيوني في تحقيق أهدافه قد باتت واضحة للرأي العام، بل إن أهدافه التي بنى عليها عدوانه السَّافر قد تلاشت على وقع صواريخ المقاومة، ودقة العمليات الجهادية للمقاومين.

 

ويعدُّ انتصار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ودحر الاحتلال وعدم تحقيق أهدافه؛ منعطفاً كبيراً للقضية الفلسطينية، ونحن نؤمن أن المنعطفات الكبيرة كفيلة بتحقيق تحوُّلات كبيرة تقود إلى تغيير في موازين القوّة على أرض الواقع؛ سواء كانت سياسية أو عسكرية، أو في ازدياد الالتفاف الجماهيري. وحتَّى لا نستبق الأحداث فالأيام القادمة وما تحمله في كنفها من تغيرات على الساحة الفلسطينية كفيلة في إزالة اللَّبْس عن واقع ما ستؤول إليه أحداث اليوم.

 

ويكتب الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل مقالا بعنوان " يا أهل العزة في غزة..لا تحسبوه شرا لكم" قال فيه: ظهر في هذه الأحداث معرفة الولي المناصر من العدو المخذل، وفي هذا خير للمجاهدين هناك، حيث تميَّز لهم الموالي من المعادي، وذلك على مستوى الأفراد والهيئات والحكومات. وفي هذا العدوان البشع ظهر للمسلمين أن غزة والمسلمين فيها لا يتعرَّضون لعدوان يهودي فقط بل يتعرضون لعدوان ثلاثي مؤلَّف من: اليهود، وحكومة عباس العميلة داخل فلسطين، والنظام الرسمي العربي الذي يتولى كبر الدعم والتآمر مع اليهود. وفي معرفة ذلك خير؛ لأن في هذه المعرفة تمييز للصفوف، ومعرفة العدو فتتبرأ منه وتحذره، ومعرفة الولي فتواليه وتحبه.

 

أما الدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف "أستاذ العقيدة في جامعة الإمام" فقد كتب عن "غزة والسخاء" طالب فيه بالسخاء والبذل لنصرة أبناء غزة, وكتب الدكتور سليمان بن حمد العودة "عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم" عن "قيم ومكاسب في حصار غزة عدد فيه مكاسب المجاهدين الذين اخذوا بأسباب النصر، أما فيصل البعداني فقد كتب مقالا بعنوان " أحد.. أحد" عن محرقة أهل الإسلام في غزة.

 

ويرصد الدكتور محمد بن عبد العزيز الشريم "عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود" أحداث غزة في عقول أطفال المسلمين, وكيفية تعامل الآباء مع أطفالهم وتعريفه بحقيقة الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل.

 

ويكتب الدكتور طارق بن إبراهيم تحت عنوان "هل أتاك حديث غزة" ويوضح الدروس المستفادة في عملية التربية الإسلامية، ويتوقف الدكتور عبد الكريم بكار "وقفة طويلة" مع الأحداث ويحدد كيفية التعامل بايجابية معها لنصرة القضية الفلسطينية, ويشير الدكتور جعفر شيخ إدريس في مقاله إلى أن "العدوان أصل أصيل في الحروب الغربية" وهو الأمر الذي جعل الدول الغربية تقف موقف مخز من العدوان وعمليات القتل الإجرامية ضد أبناء غزة.

 

وفي العدد قصيدة للشاعر مروان كجك بعنوان "غزة الصمود والأمل"، ويكتب د. عمر خلوف عن "وطن الصمود", ود. عبد العزيز كامل عن "معركة غزة المجيدة..غرة الملاحم الجديدة".
وفي العدد تقرير عن "استراتيجية المقاومة العسكرية الفلسطينية لمواجهة العدوان" للباحث في الشؤون الإستراتيجية علي حسين باكير يرصد فيه محور هجوم المقاومة من صواريخ وعمليات استشهادية، ومحور الدفاع بالقذائف المضادة للدبابات والألغام الرضية، ومحور استدراج العدو.
أما أحمد الغريب "الباحث في الشؤون الصهيونية" فيرصد "حرب غزة بعيون يهودية"وكيف يراها الحاخامات من منظرهم التوراتي، ويحكي تقرير من "تحت القصف" صور التلاحم البطولي لأبناء غزة.

 

ويكتب الشيخ ناصر بن سليمان العمر "المشرف العام على موقع المسلم" عن "الفوز الكبير" يقول فيه: وسط هذا الركام من الأحزان والآلام والجــراح لا ينبغي أن نغفل البشائر والآمال، وهي - بحمد الله - كثيرة تدل على أن العاقبة للتقوى؛ فالنصر آتٍ لا محالة كما ثبتت بذلك الآثار النبوية المصدقة للوعود القرآنية. ومن بوادر فشل اليهود وقرب النصر ما نراه في هذه الأمة، وما نسمعه من نشيج شبابها وشيوخها ونسائها جراء ما أصاب إخوتهم، وهذا يدل على أن الأمة أمة حية توشك أن تجد من يستثمر طاقاتها، ويوجه مشاعرها وقواها؛ فكيف لا نرقب النصر وفي الأمة الجموع الغفيرة الحية المنفعلة بقضايا المسلمين؟ بل كيف لا نرقب النصر وفي أكناف بيت المقدس ثلة على الحق ظاهرون منصورون، وقد سقطت الشعارات والرايات غير راياتهم، وتوشك الصفوف أن تتمحص بمثل هذا البلاء؟ كيف لا نستبشر وقد بدأت مبادئ أهل الكفر تسقط بعد أن اغترَّ بها طوائف من المسلمين؛ فالحرية والديمقراطية التي طالما دعا إليها الغرب ها هم اليوم يحاولون إقصاءها؟

 

ويضيف الشيخ ناصر العمر قائلا: ولئن كانت بشائر النصر تترى مصدقة الوعود الشرعية؛ فإن علينا أن نتفاعل معها ببذل المزيد من الأسباب الشرعية والكونية؛ كالاستقامة على منهج الله، وتجنب أسباب سخطه. فهنيئاً لكم - أيها المسلمون - في أرض العزة غزة ثبات قادتكم، فاثبتوا كما ثبتوا وأمِّلوا في الفوز وارتقبوا {وَإن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: ٠٢١]. خذوا بالأسباب المعنوية والمادية واتحدوا مع إخوتكم، ولا تنازعوا؛ فالقضية قضية إسلامية، وحذارِ من أن تتحول إلى قضية حزب أو حركة، بل القضية قضية أمة مسلمة. ومما يحمد للمجاهدين في فلسطين تماسكهم، وصبرهم على استفزازات المنافقين والمرجفين، وقد كفاهم ذلك شر جبهة داخلية {فَاصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ}.