قيادي بكتائب القسام: الصهاينة لم يستطيعوا تحديد أماكن 15 ألف مجاهد.. استشعرنا معية الله أثناء القتال والأئمة كانوا يتقدموننا
9 صفر 1430
إيمان يس




سألناه لنعرف، لماذا لم يتم أسر جنود صهاينة، وهل فاتورة العدوان توازي الانتصار؟ لماذا كان عدد قتلى اليهود قليلاً نوعا ما؟ وغيرها من الأسئلة طرحناها على القيادي بكتائب القسام، الذراع العكسري لحركة حماس الفلسطينية، لنستجلي المشهد بعد عدوان بربري أسفر عن وقوع 6 آلاف بين شهيد وجريح ، و20 ألف مبنى بين تدمير كلي أو جزئي، فكان هذا الحوار:

أنت كمجاهد ماهو تعريفك لانتصار المقاومة ؟

بداية الجميع يعرف أننا لا نملك طائرات أو دبابات ، فعندما نقول أن المقاومة قد انتصرت نحن بالتأكيد لا نعني أن هناك توازناً قوياً بيننا وبين العدو، لكن هناك توازن رعب، وأنا هنا لن أتحدث عن ما حققناه من نصر سياسي أو غيره، لكنني أتحدث من أرض المعركة، فعندما لا يستطيع العدو بكل ما يملك أن يكتشف أين يختبيء 15 ألف مجاهد وأكثر هذا نصر، وعندما نتمكن من تركيب القواعد الصاروخية ثم نطلق الصواريخ باتجاه المغتصبات دون أن يكشفنا أحد أو حتى يستطيع تحديد من أين يتم إطلاق هذه الصاروخ  في حين أن الطائرات بأنواعها ـ استطلاع وزنانة وإف 16 ـ لم تفارق سماء غزة ، هذا نصر ، وعندما يفشل العدو في تحديد أماكن تخزين السلاح هذا أيضا نصر .

لكن الحرب خلفت دمارا هائلا في غزة، فكيف تعدون هذا نصرا؟

الدمار الذي أحدثه العدو ليس نصرا لهم إنما هو جرائم حرب، فحتى الحروب تحكمها قوانين وأعراف ومواثيق دولية وهم قد تجاوزوا هذه الأمور جميعا وكل ما فعلوه من قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية يعد من جرائم الحرب وليس من دلالات النصر، كما أننا لا نملك ما نصد به طائراتهم، لكن المعادلة تختلف كثيرا على الأرض فهم لم ولن يستطيعوا التقدم ولو لبضعة أمتار، فهذا مخيم جباليا ـ الذي تبلغ مساحته كيلو مترا واحدا ويسكنه 120 ألف نسمة ـ تكرر حصاره لمدة شهر ولم يستطيعوا التقدم مترا واحدا  وكذلك جبل الريس والتفاح و النصيرات ومخيم الشاطيء وخانيونس ورفح .

وماذا عن التوغل في منطقتي تل الإسلام والزيتون ؟

الزيتون حاولوا التوغل لكنهم واجهوا مقاومة شرسة فتراجعوا،  أما تل الإسلام فهي منطقة مفتوحة تقع جنوب محررة نتساريم ، هذه المناطق المحررة نطلق عليها اسم المناطق المفتوحة ، وهي مناطق المغتصبات التي تم انسحاب العدو منها عام 2005  ، ونحن نعيش حصارا منذ عام 2006 فلم نتمكن من إعمارها وبالتالي هي مناطق خالية وضعيفة يمكن للعدو التوغل فيها لبضعة أمتار، كما أن تل الإسلام على وجه التحديد تعد من المناطق الراقية التي كان يسكنها المترفون من أتباع السلطة السابقة وكان اسمها تل الهوى، وكنا نتوقع أن تكون المقاومة فيها ضعيفة، إلا أننا تفاجأنا ببطولات شهدتها هذه الأرض، ومع ذلك لا نعتبر هذا مقياسا لقوة المقاومة، فمقياسنا الحقيقي كما ذكرت لك مخيم جباليا ومخيم الشاطيء فإذا سمعتم عن توغل في هذه المناطق، فهذا بالفعل يعد مؤشراً خطراً، لكنه أيضا لا يعني نهاية المقاومة .

أيضا لا بد هنا من توضيح أمر هام، وهو أننا في هذه الحرب اعتمدنا خطة افقدتهم عقولهم، فهم تعودوا منا أن نخرج لهم، لكن هذه المرة كانت الخطة ألا يخرج أي منا للمناطق المفتوحة مهما حصل وأن نتركهم ليتقدموا حتى يصلوا إلى المناطق المغلقة، وهذا ما أطار عقولهم، قديما كنا نبادر بالتقدم إلى المناطق المفتوحة وبمجرد أن نرى الطائرات نركض بأقصى سرعة، فواحدة من هذه الطائرات كافية ألا تبقي منا أحدا، أما الآن نتركهم يتقدمون هم، دون أن يروا أثرا لنا مما يعطيهم الشعور بالأمان والنصر ثم نباغتهم ونحاصرهم في منطقة مغلقة لا يعرفون مداخلها ومخارجها، لذلك كانوا يقسمون أنهم يقاتلون أشباحا لا يعرفون متى ولا من أين يخرجون. 

ذكرت في حديثك أنكم تفاجأتم ببطولات في تل الإسلام هل يمكنك أن تحدثنا عن أحداها ؟

نعم، وهو موقف طريف أيضا، استطاعت إحدى القوات الخاصة الصهيونية أن تقتحم أحد المنازل وتتخذه مسكنا لها، فأمهلناهم حتى يطمئنوا تماما أنهم تمكنوا من السيطرة على الوضع، ثم تسلل أحد المجاهدين ليضع عبوة ناسفة في هذا المنزل وقام مجموعة من الشباب بتغطية تحركاته بإطلاق النار على الحراس الذين يراقبون الوضع في الخارج من نوافذ المنزل، وتحت هذه التغطية استطاع المجاهد أن يدخل البيت، فوجد 20 جندي يغطون في نوم عميق بعد أن ألقوا عتادهم، فوضع العبوة الناسفة ثم خرج، وبعد خروجه اكتشف أنه نسي أن يضغط على زر التشغيل، وبسرعة قرر أن يتصل بأحد زملائه ليعودا معا إلى المنزل ، وفور وصولهما فتحا عليهم نيران رشاشاتهم فقتل من قتل وجرح الباقون وعاد المجاهدان سالمين.

بمناسبة ذكر القتلى ، جاء في الإعلام الصهيوني أن عدد القتلى بين جنوده لم يتجاوز 10 ،بينما تؤكد المقاومة أنهم تجاوزوا 80 ما تفسيركم لذلك؟

اعتاد الصهاينة على أن يخفوا حقيقة أعداد قتلاهم، وأن يخدعوا شعبهم بالحديث عن حوادث سير وغيره، لكن الأهم من ذلك أنه بالفعل عدد القتلى من الصهاينة قليل، فهم لا يقاتلون بجنودهم!!، فمعظم الجيش ـ وخاصة حرس الحدود ـ من المرتزقة الدروز الذين نطلق عليهم اسم البدو وهم للأسف الشديد من عرب 48، فاليهود أجبن من أن يواجهوا ويقاتلوا.

وماذا عن الأسر، لماذا لم تتمكنوا من أسر أحدهم ؟

حاولنا ذلك مرارا، لكن كل جندي مزود بجهاز لتحديد مكانه بدقة، وفور انبعاث أي مؤشر من الجهاز بابتعاده عن زملائه، تهرع إليه الطائرات لتقصف المكان كله بعدة أطنان من المتفجرات، فيقتل الجندي ويستشهد الآسرون.

وأنت على أرض المعركة ... ما هو الموقف الذي استشعرت فيه بمعية الله لك؟  

بالطبع استشعر ذلك دائما ودعيني ابرهن على كلامي بهذا الموقف، في جبل الريس، جلس اثنان من المجاهدين وفي أيديهم أجهزة تحكم عن بعد متصلة بقذائف مضادة للدبابات مدفونة تحت الأرض، وأخذوا وضع الاستعداد التام لتفجير أي دبابة تحاول التقدم، إلا أنه من عادة العدو أن يبدأ اقتحام أي منطقة بقصفها بالطائرات أولا حتى يؤمن توغله بشكل كامل، ومن شدة القصف انقطعت جميع الأسلاك المتصلة بالقذائف، مما يعني تمكن الدبابات من دخول المنطقة بسلام، واستشهاد المقاومين لا محالة، وبالفعل تقدمت الدبابات حتى تجاوزت نقطة مرابطة المجاهدين بعدة أمتار، إلا أن إرادة الله شاءت ألا يراهم أحد، وليس هذا فقط بل إن الدبابات انسحبت فجأة إلى الحدود دون أي سبب إلا أنها إرادة الله الذي وعدنا بالنصر عندما نعد فقط ما استطعنا من قوة، ولم يطالبنا بما ليس في استطاعتنا ، فهو وحده مطلع علينا ويعلم أن هذا ما بوسعنا.

وما الموقف الذي استبشرت فيه بأن النصر قريب ؟   

استشعرت ذلك في مواقف عدة، أولا : عندما رأيت المجاهدين كامنين في مخابئهم تحت القصف الشديد ومهما أصابهم من اختناقات لم يتزعزع أحدهم عن موقعه خطوة !! ، فقد خرجوا جميعا كي يثخنوا في العدو الجراح وإلا فلتكن الشهادة.

كذلك عندما أرى أئمتنا يتقدموننا في الميدان أستشعر يقينا أن النصر قادم، رأيت ذلك في منطقة السودانية التي دمرها العدو تماما، تقع هذه المنطقة على البحر، وعندما بدأت الهجمات البرية  تحركت الزوارق الحربية تجاه شواطيء السودانية، وكما هي عادتهم يقصفون المنطقة بالكامل قبل أي عملية إنزال جنود، تواصل القصف لمدة ساعتين، ظل خلالهما أبو أحمد إمام مسجد السودانية كامنا في موقعه ممسكا بعبوتين ناسفتين من نوع أفراد، ومعه خالد أحد مرتادي المسجد يحمل عتادا خفيفا، وبدأت عملية إنزال 150 جندي في كامل عتادهم وعدتهم، يقول أبو أحمد: انتظرت حتى أصبح بيني وبينهم مترا واحدا ثم قمت بتفجير العبوات، فتعالت صرخات الرعب والفزع، فكبر خالد وبدأ يوجه رصاصات رشاشه إلى صدورهم، ولما انتهت الرصاصات أصر خالد ألا ينسحب وأخذ يركض خلفهم يضربهم بعقب الكلاشنكوف الذي لا يملك غيره، وهم يصرخون ويركضون ذعرا رغم كل ما يحملون من عتاد، حتى جاءت الطائرات لتغطي على انسحابهم، فانسحبنا مسرعين إلا أن الطائرات عاجلتنا بقذائفها فاستشهد خالد رحمه الله وأصبت أنا في ساقي.

ختاما هل من كلمة توجهها للأمة الإسلامية ؟

أقول لهم اطمئنوا فالمقاومة بألف خير، وهي خيارنا الوحيد، وأدعوكم لتبني هذا الخيار وأنتم على ثقة بنصر الله ثم بالمجاهدين ولن تندموا أبدا بإذن الله أن تعلموا أن حكومتنا أثناء الحرب استطاعت أن تسيطر على الأمن الداخلي بشكل كامل، فلم نسمع عن حوادث قتل أو سرقات ونهب كما يحدث عادة في الحروب، حتى أسعار وتنظيم المرور كان تحت السيطرة، وأراهن أن تستطيع أي حكومة أخرى أن تفعل ذلك، لكنها حكومة تبنت خيار المقاومة والإصلاح فالنصر القريب حليفها بإذن الله.