حفل تنصيب الشيطان رئيساً على البلاد
25 محرم 1430
إبراهيم الأزرق

ليس شرطاً في الانضمام إلى عصبة الشياطين أن يكون العضو جنياً، بل باب العضوية في نادي الشيطنة مشرع للإنس قبل الجان، وفي التنزيل: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً) [الأنعام:112]، وتقديم ذكرهم يدل على خطرهم.

 

وإذا كان الساكت عن الحق شيطاناً أخرساً.. فقد أفادت الأنباء بأن موعد الاحتفال بتنصيب أحد هؤلاء الشياطين رئيساً على الولايات المتحدة الأمريكية قد أزف.
وقد استحق وصف الشيطنة بجدارة يوم سكت عن الإجرام الذي تشهده أرض غزة فلم يحرك ساكناً، ورفض حتى إبداء رأي شخصي تقديراً للقيادة الأمريكية الراهنة.. مع أنه في كل شأن آخر له رأي معلن لم يحترم فيه ولم يقدر موقف الإدارة الراهنة! فمع إيران له موقف معلن يعزم عليه، وكذا مع باكستان وأفغانستان، وفي الأزمة الاقتصادية له رأي معلن يحمل فيه تبعات الأزمة المالية النظام السابق ويزمع التعامل مع الأوضاع بصورة مختلفة، بل شرع في خطوات عملية ومطالبة للإدارة الحالية بأموال خطة الإنقاذ ليتهيأ له عمل مبكر فور تسلمه أزِمَّة الأمور! فهو لا يحترم القيادة الحالية إلاّ في قضية غزة! فماذا يعني هذا؟

 

أضع هذه التساؤلات أمام من مجَّد الديمقراطية الأمريكية التي جاءت بـ(أوباما)! ونسي أن نفس الديمقراطية قد جاءت بـ(بوش) لنعلم أن خيار الديمقراطية ليس بالضرورة أن يكون إنسانياً! وقد لا يمُلي العقل الانصياع إليه حتى عند عبيد الديمقراطية في الغرب كما في حالة حماس!
وما سبق يَجْمُلُ بمن لا يعترفون بالتحليل العقدي التفطن إليه حتى لا يخدعوا في أوباما.. أما المحللون العقديون مثل هنتجسون وغريس هالسل في الغرب فالمسألة عندهم واضحة كما في النبوءة والسياسة، أما بالنسبة لنا نحن المؤمنون بالقرآن –وليسمنا من شاء ما شاء- فحسبنا أن نعرف التوجه الديني لأوباما.. فهو:

أولاً: نصراني متمسك بدينه وفقاً لما أعلنه إبان (اتهامه)! بالإسلام من قبل متطوعي حملة منافسته إذ ذاك هيلاري كلينتون، وقد نقلت الصحف عنه نصه في نفي (تهمة)! الإسلام الذي قال فيه: "... كل هذا كذب مفترى، لم أعتنق الإسلام أبداً، لقد تربيت من قبل أمي العلمانية، وأنا عضو في الديانة المسيحية وطالما كنت مسيحياً نشطاً، وأقسمت وأنا أضع يدي على إنجيل أسرتي، وأردد قسم الولاء لأميركا منذ أن كان عمري ثلاث سنوات".

 

وإذا عُلم هذا فقد قال الله تعالى في النصارى وغيرهم: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) [البقرة: 105]، وقال: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة: 120]، وقد عقد ابن القيم رحمه الله فصلاً ف أحكام أهل الذمة فقال: "فصل في سياق الآيات الدالة على غش أهل الذمة للمسلمين، وعداوتهم وخيانتهم وتمنيهم السوء لهم، ومعاداة الرب تعالى لمن أعزهم أو والاهم أو ولاّهم أمور المسلمين"، فلينظره من شاء، ليضرب بكثير من التحليلات السياسية بعدها عرض أقرب حائط!

 

ثانياً: ليس أوباما نصرانياً عادياً بل هو بروتستانتي تابع لكنيسة المسيح المتحدة، ومن الفروق بين هؤلاء وبين الكاثوليك أنهم يؤمنون بالعهد القديم وينزلونه على اليهود الموجودين، ويتطلعون لقيام دولتهم العظمى والتي تستمر ألف عام، بعد معركة (هرمجدون)  الممهدة لنزول المسيح، أما الآخرون أرثوذكسَ وكاثوليك فيرون أن المسيح إنما يجيء عند القيامة فحسب، وأن هؤلاء اليهود ماهم إلاّ مهطرقين، فلا عجب أن تقوم دعوة البروتستانت في الكنائس الأمريكية، على دعم التسلح النووي لليهود في فلسطين، استعداداً لخوض المعركة الفاصلة في (هرمجدون)، وهذا ما أشارت إليه دائرة المعارف البريطانية: "إن الاهتمام بعودة اليهود إلى فلسطين، قد بقي حياً في الأذهان، بفعل المسيحيين المتدينين، وعلى الأخص في بريطانيا، أكثر من فعل اليهود أنفسهم"، ومن قرأ في كتاب غريس هالسل وجد لهذا نظائر وشواهد كثيرة، ولعله يجدر هنا أن نذكر بأن أمريكا بروتستانتية الديانة بالأغلبية المطلقة. فلا تعجب إن علمت أن رؤساء أمريكا جميعاً كانوا نصارى بروتستانت غير (جون كندي) المقتول في أول مدته الرئاسية وذلك عندما أعلن عن برامجه الإصلاحية، والتي تتضمن بناء أمريكا من الداخل، ونهج التعايش السلمي مع الخارج.

 

وإذا عرفت تمسك أوباما بديانته، ونشاطه في العمل الكنسي خلال عقدين كاملين، لم تستغرب التصريحات التي أدلى بها لبعض الصحفيين قائلاً: "إن التزامي القوي والعميق للجالية اليهودية ينبغي ألا يكون موضع شك"، وقوله: "اللاجئون الفلسطينيين ينتمون إلى دولتهم وليس لديهم حق حقيقي في العودة إلى إسرائيل، والخطوط العامة لأي إتفاقية تتضمن بقاء إسرائيل دولة يهودية"، ومما يزيد الأمر سوءاً أنه اتخذ امرأة عرفت بانحيازها للكيان الصهيوني وزيرةً للخارجية، ونائباً هذا شأنه كذلك بل قد كان نائبه (بايدن) ممن صوتوا لصالح غزو أفغانستان عام 2001م والعراق عام 2003م، وهو من دعاة تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات؛ كردية، وسنية، وشيعية، وفيما يتعلق بدارفور فهو من مؤيدي إرسال قوات أمريكية إلى السودان، وأما بخصوص القضية الفلسطينية فهو معروف بتأييده الشديد لإسرائيل، ومع هذين اتخذ أوباما كبيراً لسدنة البيت الأبيض الأمريكي رجلاً يهودياً صهيونياً رضع لبان الصهيونية طفلاً، وورثها كابراً عن كابر.

 

ولئن كان العالم قد عرف المحافظين الجدد، فعمّا قليل ليعرفنّ الديمقراطيين الجدد.
وذلك إبان حفل تنصيب الشيطان الأخرس.. ولسوف ينطق قريباً أم بعيداً متى تهيأت الظروف، ولاسيما إن نجح في احتواء الأزمة المالية، وتنظيم الشؤون الداخلية، وتفرغ لكم معشر السادة!