أنت هنا

بيان المدينة المنورة عن أحداث غزة
23 محرم 1430

( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)آل عمران 173
الحمد لله منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين.

مشاهد مؤلمة وأشلاء ممزقة وجثث محترقة قتلى وجرحى من الشيوخ والنساء والأطفال ،بيوت تقصف على ساكنيها ،ومساجد تهدم على رؤوس مصليها، ومدارس وجامعات تدمر بطلابها ومعلميها وإفساد وتخريب وترويع للآمنين واستهداف للمدنيين من الجو والبر والبحر واستخدام لأنواع الأسلحة المدمرة والخبيثة والمحرمة دوليا إنها حرب إبادة لشعب أعزل بعد أن أحكم عليه الحصار نحواً من عامين لا طعام ولا شراب ولا كساء ولا علاج وحرمان من الوقود والكهرباء وضروريات الحياة وموت بطئ وخذلان من القريب والبعيد ولازال أكثر حكام العالم يتفرجون متجاهلين نزيف الدماء وآهات الملهوفين بصمت مطبق عدة أيام منتظرين تحقيق سياسة الأمر الواقع ولم يقفوا عند هذا الحد بل إن بعضهم يتآمر مع العدو سرا أو علانية بالأقوال والأفعال ولكن الله خيب ظنونهم الفاسدة حيث مابرحت المقاومة صامدة بحمد الله ، إنها أمة مرابطة صابرة في أكناف بيت المقدس لم يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، اختاروا وآثروا الرباط في وجه العدو على حياة الدعة والترف .

 

إنهم بهذا العمل الجليل والجهاد النقي وما أثمره من تفاعل الشعوب المسلمة في العالم يعيدون القضية إلى نصابها والحق إلى أهله ويؤكدون أن فلسطين قضية إسلامية لا إقليمية ، كما أنهم بهذا العمل يدعوننا إلى استلهام دروس القرآن ، وأخبار التاريخ في فهم حقيقة يهود مع الله ، ومع الأنبياء، ومع الشعوب ، وإلى استيعاب صفاتهم المرذولة من الجبن والهلع والخوف وحب الحياة الدنيا وشدة التعلق بها . وإلى استحضار تاريخهم وواقعهم مع العهود والمواثيق ؛ لكي نتوقف عن اللهث وراء سراب دعاوي السلام التي لم نجن منها إلا الحنظل،فسجون العدو مكتظة بإخواننا ومسلسل التدمير للمساجد والمزارع والمساكن وتغيير المعالم الإسلامية والقتل البطيء كل ذلك متواصل طيلة الأعوام الماضية .

 

 إن صمود غزة في وجه عدو غاشم عديم القيم في معركة غير متكافئة في ميزان القوى المادية أثمر دروساً ندعو عقلاء أمتنا أن يستثمروها بمواقف فكرية، وعملية على كافة المستويات ومنها :
1) أن قضيتنا نحن المسلمين في غزة تجلت فيها معاني السمو والصمود والإباء لا على أيدي الرجال الأبطال فحسب بل والنساء والعجائز والأطفال يوازيه تفاعل من شعوب المسلمين المقهورة بصورة يقابلها معاني الخسة والمهانة والجبن والخيانة والانهزامية التي برزت من أعمال يهود وأنصارهم من ساسة الغرب الحاقد - وخاصة أمريكا الظالمة- وحكومات عربية ومؤسسات إعلامية وأفراد هنا وهناك، كل ذلك (ليميز الله الخبيث من الطيِّب) والطيْبُ درجات يرتقي بأهله في درجات الجنة والخبث دركات يهوي بأهله في دركات النار.

 

2) أن الجزاء من جنس العمل فمن تخلى من حكام العرب والمسلمين عن تقديم الدعم في كافة المجالات الممكنة لأهل غزة فإننا نخشى أن يأتي عليه اليوم الذي يصدق فيه قول العرب ( أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض ) فعليهم أن يكونوا يداً واحدة على المعتدي ، وأن يتركوا المتاجرة بقضية فلسطين وأن يضعوا أيديهم بأيدي شعوبهم قبل أن تنفجر عليهم فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى.

 

3) الذين يختزلون القضية في موقف حزب أو حركة من الحركات الإسلامية نقول لهم:

أقلّوا عليهم لا أباً لأبيكم من اللـــــــــــــــوم أو سدوا المكان الذي سدوا

إنها قضية شعب وأمة، والوقت وقت نجدة ومناصرة ، لا وقت لوم وتصفية حسابات ولنحذر الوقوع فيما حكاه الله عن المنافقين في قوله سبحانه
(الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) آل عمران 168
ولنمتثل عقيدة الولاء بصدق الموالاة لأهل الإيمان ،وعقيدة البراء بحقيقة المعاداة لأهل الكفر والنفاق.

 

4) يقول الله تعالى:(ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) آل عمران: ١٥٢.

 

حينما نتأمل في هذه الآية ونحاول أن نوجد العلاقة بين أحداث غزوة أحد التي نزلت فيها هذه الآية وبين أحداث غزة وما سبقها من النزاع المفتعل بين قيادة غزة وقيادة السلطة نجد أن الله لم يذم المسلمين يوم أحد بعدم اتحادهم مع المنشقين آنذاك حينما انخذل رأس النفاق ابن سلول وانشق عن صف المسلمين بجماعة معه وبقي المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواجهة العدو، إنما ذمهم الله على التنازع الواقع بين المؤمنين الذين استقلوا بمواجهة العدو فقال: (حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر) أما المنافقون فهم خارج السياق بل إن الله سبحانه أخبر أن دخولهم المعركة مع المؤمنين سيكون بذاته سبباً للخبال والفتنة ، وأن خلوَّ صفوف المسلمين في المعركة منهم هو من أسباب النصر قال سبحانه: (لوخرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم)  ونستخلص  من ذلك رسالتين:

 

الأولى : نوجهها إلى الذين يتوهمون أن اتحاد قيادة غزة ومجاهديها مع قيادة السلطة يجب أن يكون شرطا لدعمهم والوقوف معهم، فشتّان بين الفريقين  في المفاهيم والسلوك فقد تكشفت الحقائق ولم يبق مجال للظنون .

 

الثانية : نوجهها إلى أحبتنا على ثغر غزة  احذروا النزاع والذنوب وإرادة الدنيا فإنها المهلكات وعليكم بصدق اللجأ إلى الله وحده والإخلاص، وكثرة الاستغفار، ومزيدا من الصبر والثبات واعلموا أن من سنن الله أنه لا تمكين إلا بعد الابتلاء وأن العاقبة للمتقين (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز). شكر الله لكم وسدد رميكم وثبت أقدامكم وجمع على الحق كلمتكم ونصركم على عدوكم.

 

5) وثمت دعوة مفتوحة للأمة الإسلامية لإذكاء المعاني الشرعية للجهاد والمفاهيم الصحيحة للولاء والبراء وحقيقة الدنيا والآخرة وأن الإخلاد إلى الأرض والتخلي عن قيم الإسلام يقذف بنا إلى ذيل القافلة فإن أمتنا متى تخلت عن الجهاد فلا مكان لها في الصدارة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم  بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ).رواه أبوداود

 

 وأخيراً ... هذا نداء لإخواننا المسلمين حكاما ومحكومين رجالا ونساء ونداء إلى عقلاء العالم ومفكريهم والمدافعين عن الحقوق والباحثين عن السلام، إن أمة هذا حالها ومعاناتها وتلك جهودها وعطاآتها تحملنا واجباً بأن نهب لنصرتهم بكل ما أوتينا بالمال والسلاح والإعلام والغذاء والدواء والرأي والقرارات والذب عنهم والضغط على الحكومات الظالمة لتكف عن ظلمها وعلى المسلمين خاصة أن يبذلوا مع ذلك كله لإخوانهم ما استطاعوا بالنفس والإلحاح على الله بالدعاء في مواضع الإجابة والقنوت في الصلوات ولا ننسى دعوات الصالحين والمرضى والأطفال فإنما تنصرون بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم وأن نكف عن دعم اقتصاد كل دولة تقف وراء الظلم والعدوان ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.

 

اللهم أنزل نصرك على عبادك المؤمنين ،واحفظهم من فوقهم ومن أمامهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم ارفع الظلم عن المظلومين وانصر عبادك الموحدين، وأنزل رجزك وسـخـطك على اليهود الغاصبين المعتدين وأعوانهم من الصليبيين والمنافقين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

----------   المــوقــعــــــــون   -----------

1. أ.د. عبدالله بن عبدالله الزايد              مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة  سابقا
2. د. علي بن سعيد الغامدي                  محامي وأستاذ الفقه بجامعة الإمام والمدرس بالمسجد النبوي سابقا
3.  محمد ناصر السحيباني                      المدرس حاليا بالمسجد النبوي وعميد كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية  سابقا
4. أ.د. عبدالله بن إبراهيم حافظ               الأستاذ بجامعة طيبة حاليا ووكيل جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة  سابقا
5. د. أحمد بن عبدالله العمري                  الأستاذ المشارك بالجامعة الإسلامية وإمام مسجد الميقات
6. محمد بن عبد الله المقرفي                     رئيس المحكمة الجزئية المساعد بالمدينة المنورة
7. د. عبدالله بن علي الزهراني                  رئيس هيئة المدينة المنورة  سابقاً
8. د. صالح بن محمد العقيل                       أستاذ العقيدة بالجامعة الإسلامية
9. د. أحمد بن عبد الله الغنيمان                  أستاذ العقيدة بالجامعة الإسلامية
10.  عبد الله بن سليمان المخلف                   قاضي بالمحكمة العامة
11.  عبد الرحمن بن عبد الله الربيعة              قاضي بالمحكمة الإدارية بالمدينة
12.  إبراهيم بن ناصر السحيباني                  قاضي بالمحكمة العامة
13. د. محمد بن عبد العزيز العواجي               وكيل كلية القرآن بالجامعة الإسلامية
14.  خالد بن ناصر الدخيل                        قاضي بالمحكمة الإدارية بالمدينة
15. د. محمد بن عبدالرحمن العمودي                أستاذ الإعلام بكلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام سابقا
16.  سلطان بن عثمان البصيري                    قاضي بالمحكمة الإدارية بالمدينة
17.  علي بن أحمد الأحيدب                       قاضي بالمحكمة الإدارية بالمدينة
18. د. عبدالله بن إبراهيم الشمسان               أستاذ العقيدة بالجامعة الإسلامية
19.  د. عبيد بن عبد العزيز السلمي              الأستاذ بكلية الدعوة بالجامعة الإسلامية
20. د. عصام بن إبراهيم الحازمي                   الأستاذ المساعد بجامعة طيبة بالمدينة
21. د.أحمد بن محمد الأمين الشنقيطي            الأستاذ بالجامعة الإسلامية
22.  محمد بن صالح الزيدي                        معلم بالجامعة الإسلامية
23.  خالد بن علي الدويش                        معلم بمعهد اللغة بالجامعة الإسلامية
24.  بشيّر بن عاشق الشمري                     ملازم قضائي بوزارة العدل
25.  هاجد بن حسن المحمدي                     معلم بوزارة التربية والتعليم
26.  خالد بن سليمان السلومي                      مدير مدرسة بوزارة التربية والتعليم
27. عبد الله المزيني                               معلم بوزارة التربية والتعليم
28. د. كايد بن أحمد كايد                           طبيب
29.  منصور بن حميد الصاعدي                   معلم بوزارة التربية والتعليم
30.  عبد الحميد بن سالم الجهني                    معلم بوزارة التربية والتعليم
31.  صبحي سعيد حافظ                          مصلح اجتماعي
32. م. علاّن  بلال                                 مهندس معماري
33. م. رضا  الكيلاني                              مهندس معماري
34.  ناصر بن محمد السحيباني                      معلم بمعهد الجامعة الإسلامية