تباً لكم أيها المتآمرون المهزومون
6 محرم 1430
د. عبداللطيف عبدالله الوابل

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :

فإن هذه الأمة المسلمة قدرها أن تكون أمة الجهاد وأمة الصبر والتضحية وقد أكرمها الله سبحانه فاختار منها الشهداء وهي منزلة رفيعة لا ينالها إلا الأتقياء الصابرون الصادقون ممن أنعم الله عليهم بهذا الفضل العظيم (( ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )) . إن أحداث غزة ما هي إلا خطوة في طريق هذه الأمة المجاهدة وليست أول مصائب المسلمين ولن تكون آخرها فالأحداث التي تلاحق الأمة والكيد الصليبي الصهيوني النفاقي لن يهدأ له بال حتى يستأصل هذه الأمة المجاهدة وهيهات (( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون )) وقال سبحانه (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون )) . إن هذه الأحداث المؤلمة على ما فيها من مشاهد تقطع القلوب وتذرف من أجلها الدموع إلا أن في ثناياها بإذن الله خيراً كثيراً (( وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً )).

إن المتأمل في هذه الأحداث يجد أنها كشفت وجوه المنافقين جلياً فلم يعد عندهم حياء ولا خجل ، نعم لقد نجم النفاق في عدد من المسؤولين في الحكومات العربية حتى أصبحوا أشد مكراً وكيداً من الصهاينة . إن ما حدث ويحدث ما هو إلا نتيجة لاتفاقيات الذل والهوان من أيام كامب ديفيد وما تلاها حتى أصبحت الحكومة المصرية أشد جلداً للفلسطينيين من اليهود وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند لقد استطاع الصهاينة زرع تيار صهيوني داخل الدول العربية بحيث يكون أشد تأمراً على الأمة من الصهاينة المجرمين و إلا كيف يمكن تفسير هذا الحصار المضروب على غزة من جهة مصر والتخاذل بل والتآمر على تجويع هذا الشعب المظلوم وسكوت البقية على ذلك حتى أولئك الذين يدّعون بأنهم كتلة الممانعة ظهر كذبهم هذه الأيام أيام المحنة فلا نسمع منهم أي دعم حقيقي لأهل غزة .

أين دولة الرافضة ( إيران) وتهديها بإحراق اليهود ؟! أين ما يسمى بحزب الله وحمايته لحدود دولة اليهود في لبنان ؟! حتى أصبح المشاهد للأخبار في حيرة حين يسمع نبأ تفكيك منصات صواريخ نصبها بعض الفصائل الفلسطينية في لبنان لنصرة أخوانهم في غزة !!.

هكذا سياسة المصالح والخداع والتوريط وإثارة الفتن في بلاد أهل السنة ولو أدى إلى هلاك الأمة بكاملها . هذه الأحداث أثبتت للأمة أن الحكومات العربية لم يعد فيها أمل لنصرة الإسلام والمسلمين بل إن الخوف كل الخوف والفتنة كل الفتنة أن يصبحوا أداة لضرب الأمة بدعوى محاربة الإرهاب الذي ترعاه دولة الإرهاب ( أمريكا ) الفاشية ما أشد محنة شعوب هذه الأمة المسلمة المجاهدة فكم سعت شعوبها لنيل الكرامة والعزة وإخراج المحتل فيقابلها أسوار من جيوش عملاء المحتل مدججين بكل أنواع الأسلحة لقتل شعوبهم والقضاء عليهم ومنع كل أشكال المقاومة ولو لم يبق لهذه الحكومات المهزومة والمتآمرة إلا كراسيها لتحكم جثثاً وأشلاء متناثرة .

كم بين كرامة الشعوب وذل الحكومات من مسافات شاسعة أشد بوناً مما بين رقصة السيف وضربة الحذاء ؟ نعم لم تعد القضية أنها من باب [ إلا أن تتقوا منهم تقاة ] ولكنها أصبحت المحبة والتعاون والتآمر والذل لتنتقل إلى الهدايا وتبادل الابتسامات والاتصالات والاجتماعات السرية التآمرية وأحياناً علناً على شاشات القنوات تراها الشعوب المكلومة فتزداد ألماً وحسرة " اجتماع كونداليزا رايس مع وزراء خارجية محور الاعتدال في صورة مخزية ومذلة " متى تفيق هذه الحكومات ؟ فقد تبخرت ثرواتها التي نهبتها من شعوبها لتودعها في بنوك أعدائها فما عاد لهم رصيد اقتصادي هناك !!!! ألا يخشون أن ينقلب عليهم عدوهم فتتبخر كراسيهم ومناصبهم ليصبحوا بلا مأوى [ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ]

هذه الأحداث وغيرها تتطلب منا الاهتمام بما يلي :

- 1- الثقة بالله سبحانه فهو وحده المتصرف في هذا الكون وبيده الأمر كله . أمره بين الكاف والنون يفعل ما يشاء ويقضي ما يريد ، هو وحده الحاكم لهذا الكون ولهذا لا بد للأمة من العودة الصادقة إلى ربها ودينها وأن تتعلق به وحده وتتوكل عليه صدقاً وإخلاصاً فتتجه إليه سبحانه وتدعوه وتتضرع إليه ، وهو وحده سبحانه القادر على الانتقام من هؤلاء المجرمين المعتدين والمتآمرين المهزومين قال تعالى [ ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم ] .

2- على العلماء والدعاة تذكير أفراد الأمة بالمفاهيم القرآنية في مواجهة الأعداء مما ذكره الله في مواضع متعددة من كتابه الكريم في جانب الجهاد والابتلاء والصبر والثبات من أمثال قول الله تعالى [ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ] وقوله تعالى [ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ] وقوله تعالى [ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ] وقوله تعالى [ ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ] وقوله تعالى [ ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ] وقوله تعالى [ ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً ] وقوله تعالى [ وكأين من بني قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين * يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين * بل الله مولاكم وهو خير الناصرين * سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين * ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ] ومن أمثال قوله تعالى [ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ] وقوله [ إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ] وقوله [ لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون * ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ] وقوله تعالى { أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير * وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين * وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو أدفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون * الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرأوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين * ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل ا لله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين * الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } وهناك الآيات الكثيرة في كتاب الله مما تعين على ثبات الأمة وصبرها وجهادها وترابطها ورباطة جأشها أمام آلة العدو القاهرة وأمام مكر وكيد المنافقين ليعلم كل مؤمن أن العاقبة للمتقين وأن الدائرة على الباغين المتآمرين المهزومين بإذن رب العالمين .

3- لا بد من كشف أساليب المنافقين وكيدهم لهذه الأمة المسلمة وتآمرهم مع الصهاينة والأعداء لطعن الأمة في خاصرتها ولإضعاف شوكة الجهاد وأهله ، وهؤلاء المنافقون هم الخطر الحقيقي وقد حذر الله منهم في سورة التوبة وغيرها فلا بد من كشف أسرارهم وصفاتهم وتحركاتهم وتآمرهم على الأمة ولهذا خاطب الله نبيه بمجاهدتهم وكسر شوكتهم بقوله تعالى [ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير * يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله من فضله فإن يتوبوا يك خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ] ومنافقوا اليوم هم نسخة من منافقي الأمس فقد حاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم لاستئصال الدين وأهله ومنافقوا اليوم يحاولون قتل أمة الجهاد وأمة الدعوة لتستسلم الأمة للأعداء ذلاً وطواعية ولكي لا يبقى للإسلام إلا اسمه وللقرآن إلا رسمه ، وهم على خطى الكافرين سائرون فمحاربة الدعوة والدعاة هي ديدن الكافرين وأذنابهم من المنافقين قال تعالى { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ومالهم من ناصرين }

4- يجب على العلماء تذكير الأمة بواجب الاستعداد والتأهب لقتال الأعداء الذين يتربصون بالأمة الدوائر بل هم مستمرون في القتل والتدمير والاحتلال والأمة بحكامها وعلمائها ودعاتها في سبات عميق إلا من رحم ربك وقليل ما هم .فلا بد من أخذ الحذر والحيطة وأن تربي الأمة على الجهاد والدفاع عن دينها وعقيدتها وأن تفتح أبواب التجنيد لإعداد شباب الأمة للجهاد ، فللأسف لم تعد كثير من جيوش البلدان الإسلامية إلا سياطا على الشعوب الإسلامية فهي لا تملك عقيدة الدفاع عن الأمة وعقيدتها وهذه القضية من أهم القضايا التي ينبغي للعلماء والدعاة والغيورين على حمى الأمة التنبه له فهناك خلل كبير في بناء جيوش الأمة الإسلامية .إن من الخطر الكبير أن تفاجأ الأمة بغزو صليبي صهيوني شامل على الدول الإسلامية وإذا بها لا تملك جيشاً ولا سلاحاً تستطيع الدفاع عن حمى الأمة وعقيدتها .

5- على العلماء والدعاة الحرص على اجتماع الكلمة وتوحيد الصف على المنهج المستقيم ومنهج الله المستقيم واضح لكل طالب حق ولا يجوز بحال من الأحوال استغفال الأمة بطرح رؤى التخاذل والدعوة إلى حوار الأديان والحضارات ونظريات التبرير والتخدير وإغراق الأمة بالشهوات وبالمناهج الغربية وبمفاهيم لا شرعية لها تؤسس لابتذال الدين وتمييع حقائقه من مفهوم الإنسانية وحوار الآخر مع رفض الآخر للحوار إلا بالانصياع للثقافة الغربية أولاً والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه بكل وضوح { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } وقال سبحانه { إن الدين عند الله الإسلام } وقال { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } وكم هو مؤسف ومحزن حين تسمع من يدافع عن الغرب وإنسانيته وهو يرى هذا التدمير الذي لا مثيل له في غزة ومن قبل في العراق وأفغانستان بل وحتى النازية والوحشية لا يمكن أن تقدم على مثله ودولة صهيون هي نتاج الغرب بل هم معها متآمرون ومشتركون في الجريمة فأي حضارة وأي إنسانية وأي أخلاق عند أولئك ، إنهم لا يصلح معهم إلا القوة بعزة وكرامة أو الاستسلام في ذل وهوان ولذلك صرح مفكروهم في اجتماع الدوحة للحوار بين الإسلام والغرب بأنه لا بداية لأي حوار قبل أن يلتزم العالم الإسلامي بالثقافة الغربية وأصولها ، فهل يستفيق دعاة الحوار والاستسلام ؟

6- لا يجوز أن تسبق الأحداث دائماً تخطيط الأمة المسلمة وتفكيرها بل لابد من رسم سياسة المواجهة بشكل مخطط له وبرنامج عمل محكم فلا ينبغي أن تستمر هذه الأمة بنخبها في سياسة رد الفعل وأن تتكرر عليها الأحداث وتتكرر نفس السياسة بل لا بد من عمل جاد وقوي ومستمر يقوم به علماء الأمة ودعاتها ومفكروها والغيورون فيها لإخراج الأمة من أسر الذل والهوان والتبعية إلى رحابة العزة والكرامة ، فهكذا تمر الأحداث فننفعل لها ثم تختفي فننام ولا نصحوا إلا على وقع الدمار والأشلاء مع أن أمة الإسلام هي أمة الجهاد والدعوة والتخطيط { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم } وكم مضى على غزة وهي محاصرة تحت سيف التجويع والتهويل والتخوين بجوار إخوانها من أهل مصر فأين كان تحرك العلماء والدعاة والحركات الإسلامية ومؤسسات الضغط الإعلامي والاقتصادي والسياسي . لقد كان الجميع في سبات عميق إلا بقايا من أهل الغيرة والصلاح وكان الأولى هو فك الحصار من الجانب المصري مهما كلف ذلك وأن يضغط على الحكومة المصرية بكل وسائل الضغط فما فعلته مع غزة جريمة قتل وتجويع لا تغتفر مهما كانت الأسباب والمبررات التي تدعيها .

7- على الأمة أن تُعوّد نفسها على الصبر والالتزام بالمنهج الشرعي عند نزول المصائب وأن ترجع لعلمائها الربانيين لتستلهم منهم الموقف الشرعي المبني على إعمال القواعد الشرعية المحكمة لاتخاذ الموقف الشرعي المناسب لئلا يتعجل متعجل بما لا تحمد عقباه وبما قد يكون مآله وبالاً على الأمة بأسرها .

8- الاجتهاد في الدعاء والابتهال إلى الله سبحانه واستخدامه كسلاح قوي ضد العدو فقد كان صلى الله عليه وسلم في غزواته يعد العدة التي يستطيعها ثم ينقطع إلى الدعاء رافعاً كفيه الشريفتين مبتهلاً إلى الله سبحانه لأنه هو وحده الذي بيده النصر والتمكين كما قال تعالى { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } فيجب على كل مسلم الدعاء لإخوانه المستضعفين في غزة وغيرها وأن يتحين أوقات الإجابة لعل دعوة منه تستجاب فيدفع الله بها شراً عن المسلمين وعلى أئمة المساجد في بلاد المسلمين الاستمرار في القنوت في جميع الصلوات الخمس كما هي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهذا أقل الواجب لنصرة المستضعفين من هذه الأمة المكلومة .

9- بذل كل الوسع في نصرة أهل غزة وغيرهم من أهل الجهاد في العراق وأفغانستان والصومال وكشمير وغيرها بالتبرع لهم بالمال والذود عنهم بالقلم واللسان كل بما يستطيع وذلك باستخدام جميع الوسائل الإعلامية بدءاً من المسجد وانتهاءً بالقنوات الفضائية الإسلامية

10- على العلماء والدعاة والمصلحين واجب إخراج الأمة من واقع الذل والهوان الذي تعيشه والذي هو نتاج تطبيع الحكومات لهذا الذل والهوان وتآمرها مع الأعداء على فرضه على الأمة بالقوة كواقع لا مفر منه لأن كثيراً من أصحاب القرار في هذه الحكومات ما عرف إلا حياة الترف ولم يتربى على مفاهيم الجهاد ومقارعة الأعداء فهمه الأول والأخير هو كرسيه وشهواته ولو ذهبت الأمة بكاملها . ولذلك لا بد من استخدام كل ما أمكن من وسائل الضغط المشروعة لإرغام هذه الحكومات على تغيير سياساتها ومواقفها الذليلة والوقوف مع شعوبها في عزة وكرامة وإعداد الأمة للمواجهة الشاملة مع أعدائها وعلى العلماء أن يتقوا الله فيما يصدر عنهم من فتاوى في نوازل الأمة وأن يحذروا مما قد يصدر منهم من فتاوى تبيح للعدو احتلال بلاد المسلمين فإن ما يحدث اليوم من ذل للحكومات وتسلط الأعداء من أسبابه بعض الفتاوى المتعجلة التي تساهلت في الفتوى بالسماح لجيوش الكفر بالدخول لبلاد المسلمين واحتلال بحارها ومحيطاتها حتى أصبح من يرفع رأسه من الحكام يضرب بصاروخ كروز أو مدمرة كول وهكذا يجني بعض العلماء على أمته بقصد أو بغير قصد فتقع الأمة أسيرة لذل الأعداء وتسلطهم فما يحدث اليوم في بلاد المسلمين استعمار بكل معانيه واحتلال لبلاد المسلمين ولكنه محاط بسياج من الجمال المزور والدعاوى الكاذبة بأنها تريد حماية المسلمين واستتباب أمنهم . وأخيراً أقول لأهلنا في غزة ثقوا في الله سبحانه واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ، فبقدر ما في قلوبنا من الألم والحزن والأسى مما نشاهده إلا أننا نهنئكم باختيار الله لكم أن تكونوا طليعة هذه الأمة المجاهدة وتاج عزتها وقد اصطفاكم الله بكرم الشهادة فأنتم الأحرار ونحن في القيود مصفدين ، انتم في رياض الجهاد وعزة المقاومة ونحن تحت عتبات الذل والهوان مأسورين فالله الله أن تلين لكم قناة أو تضعف لكم عزيمة فالنصر صبر ساعة وهو آت بإذن الله { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً } وتذكروا دائماً قول الله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين }.