28 صفر 1432

السؤال

لى أخ أصغر مني بحوالى7سنوات وهو يدرس فى المرحلة الإعدادية وفي حلقة تحفيظ إلا أن سلوكه بدأ ينحرف ولايهتم بدراسته..فكيف أعالج ذلك دون اللجوء إلى العنف..وما هى الأساليب المقترحة فى التعامل معه إذا علمت أنه يشرب السجائر ولم أره.. أفيدونا أفادكم الله.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائل الكريم...
هذه المرحلة العمرية تتأثر بمؤثرين أساسيين هما الأصدقاء والقدوة : ويمثل الأصدقاء في هذه المرحلة العمرية مؤثرا هاما حيث يبدأ الصبي في محاولة تكوين نموذج من الشخصية خاص به ويريد أن يرتكز على مرجعية حية بعد رفضه لتقليد المرجعية المنزلية , فيسعى دوما إلى التشبه بالأصدقاء الذين يحيطونه
لذا نقول أن التحكم والتدقيق في مجموعة الأصدقاء في هذه المرحلة العمرية يعد من اكبر المؤثرات في التوجيه والتكوين بل واكتساب الصفات المختلفة .
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه " المرء على دين خليله " حديث صادق تطبيقيا ويبين أكثر ما يبين في مثل تلك المراحل الوسطية في عمر الشاب .
وهناك صنفان من جماعات الأصدقاء السلبيين يتعرض لهما الشاب في تلك المرحلة , أولها جماعة الأصدقاء غير المتطابقين في سلوكهم معه إذ يكون الفتى ذو سلوك انطوائي أو هادىء أو كتوم واضح أو أن يكون قد تعرض لضغوط نفسية متكررة أو مر بأزمات أسرية مختلفة أو غيره , وتكون مجموعة أصدقائه يتصفون بسلوك منحرف في مجال من المجالات كشرب الدخان أو المخدرات أو ارتكاب المخالفات الجنسية أو ماشابه , وهو هنا لا يندمج معهم بقدر محاولته الاستمرار معهم وتكوين شكل انحرافي خاص به يمتزج بين ماهم فيه وما يبتدعه لنفسه, وربما يزيد عليهم في الانحراف في بعض الأحيان , فيستمر معهم متأثرا ببعض سلوكهم ومكونا لنفسه نموذجه الخاص المشوه أيضا , فنرى صفاته يغلب عليها الهدوء والانطواء مع الانحراف في مجالات مختلفة .
والصنف الآخر من جماعات الأصدقاء السلبيين هم الجماعة التي يمكن أن يندمج معهم وغالب أحوال الصبي ههنا أن يكون ذو نفسية منفتحة وأن تكون صفاته طبيعية غير مرضية إلى حد كبير , لكنه يتأثر بهم تأثرا كبيرا ويتضح ذلك جليا في تقليدهم والحياة في ثوبهم وبأخلاقهم وتبدو عليه سلوكيات الانحراف ظاهرة وتكون خطواته نحو الانحراف أسرع من الأول ولكنها في ذات الوقت أقل خطرا .
والعلاج في النوع الأول يحتاج إلى مختص نفسي وتربوي لمتابعة الحالة , ويقوم العلاج أساسا على إبعاده عن أصدقائه وتعديلات التصور وتكوين مرجعيات نفسية الانتماء النفسي , وعادة ما تحتاج تلك النوعيات إلى جهد كبير ووقت طويل .
وأما النوع الآخر وهو الصبي المندمج أو الذائب مع مجموعة الأصدقاء فيقوم علاجه على منع أصدقائه المنحرفين منه مع استبدال نوعيات أخرى حسنة ومتميزة وإحاطته ببيئة نظيفة , مع عوامل التشجيع والدعم النفسي المختلفة وهو نوع عادة ما ينجح علاجه سريعا .
أما تأثير القدوة فيتمثل ههنا في نماذج ناجحة يراها الصبي ويسعى للتشبه بها بينما يراها بعيدة عنه , ويحتاج المربون دوما في مثل تلك المرحلة لإعمال ما يمكن أن نسميه المربي المخالط , يعني المعايش لهم بصفاته المتفقة مع نموذج الاقتداء التي نريدها ويكون تأثيره إيجابي إلى حد بعيد وعادة ما يؤتي ثماره سريعا أيضا .
أردت فيما سبق أن أصف لك الموقف بمؤثراته لتكون على بيان لأهم ما يؤثر فيه , ثم دعني أطرح عليك بعضا مما أراه مؤثرا في موقفه من جوانب أخرى :
أولا : ذكرت أنه يحفظ القرآن أو كثيرا منه , وههنا خطأ متكرر عند كثير من الآباء أنهم يحفظون الأبناء القرآن ويهملون تفسيره وتعليمه الأخلاق والاهتمام بتطبيق ما يحفظ , والذي أراه ههنا هو إشراكه مع مجموعة لمدارسة بعض المعاني الإيمانية بغير تكليفات في الحفظ والمدارسة .
ثانيا : أرى اختيار المربي الذي سيتحمل مسئولية توجيهه بحيث يكون قادرا على الاقتراب منه نفسيا ويستطيع دعمه معنويا ويحسن أن يكون في مرحلة الشباب أيضا ليمكنه التواصل معه .
ثالثا : لا أرى ممارسة الضغط عليه بالانتقاص منه أو الاتهام له بالصفات السيئة أو غيره ولكن لنسعى جميعا ونحاول تحسين الأداء البيئي من حوله سواء الأسري أو المدرسي أو غيره .
رابعا : لنبحث عن الجانب المتميز فيه , ونختار معه نموذجا ليهتم به من الهوايات الإيجابية وندعمه فيها بقدر الإمكان وفقكم الله .