قدر الله في بوش

كثيراً كانت تطالعنا وسائل الإعلام بعبارات وكلمات بوش المتكررة بأنه يقاتل في العراق وأفغانستان باسم الرب، وأنه يشعر بتأييد الرب له خلال حربه.
فكان يتكلم باسم الرب، وغاب عن باله أن للكون رباً يسيره ويدبره كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} سورة آل عمران (5). وقال تعالى أيضاً: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} سورة القمر (49)، ويأبى الله تعالى أن يترك أحداً يفتري عليه الكذب، وينشر افتراءاته على الملأ وعلى رؤوس الأشهاد وتتناقل وسائل الإعلام افتراءاته على الله، ثم تمر تلك الحوادث بتلك الافتراءات هكذا، من غير أن يفضحه الله ويخزيه.
يأبى الله ذلك فهذه سنة من سنن الله في خلقه لا تتغير و لا تتبدل في الأولين والآخرين، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، وهذه من الأدلة التي استدل الله بها على المشركين في صدق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} سورة الأنعام (21)، حيث يأبى الله أن يترك أحداً يدعي أنه نبي ويتكلم على الله ثم تمر الأيام والسنون وينتشر خبره من غير أن يبين الله حقيقته للناس هل هو صادق أم كاذب؟
وإن كان ما حدث لبوش لا يقارن بحال النبي صلى الله عليه وسلم الصادق المطهر، وليس قصدي في مقالي هذا أن اعقد مقارنة بين نبينا صلى الله عليه وسلم وبين بوش حاشاه عليه السلام، ولا يشك عاقل أن هذيان بوش بأنه مؤيد من الرب وأنه يقاتل الإرهاب باسم الرب أنه محض افتراء أملته عليه شياطين الإنس والجن أراد أن يفتري الكذبة وصدقها، وغره في دينه ما كان يفتريه وهذه من عادة أهل الكتاب حيث قال تعالى عنهم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} سورة آل عمران (24).
 ولكني أردت أن اذكر بسنة من سنن الله في خلقه قد غفل عنها كثير من الناس في زماننا هذا وهي " يأبى الله أن يترك من يفتري عليه الكذب وعلى رؤوس الأشهاد يتركه يفتري ويمر هكذا من غير أن يفضحه الله وعلى رؤوس الأشهاد ".
ولو كان بوش يتكلم كما يتكلم ملوك وجبابرة الأرض من غير إقحام أو استشهاد بكلمات من الرب جل وعلا لقلنا يتكلم كما يتكلم الناس، ولكنه أراد أن يدجَل على الناس باسم الرب ففضحه الله أمام الناس، أراد أن يدجَل على شعبه وجنوده أنها حرب مؤيده من قبل الرب، فجاء حكم الرب فيه وعلى رؤوس الأشهاد بما قدره الله له في العراق من خزي وعار.