7 ربيع الأول 1430

السؤال

أنا شاب ملتزم وكثيرا ما أعاني عند خروجي من المنزل سواء لأغراض شخصية أو دراسة أو طلب علم شرعي أو حتى نزهة مع أصدقائي لا سيما أنهم أصحاب خير والتزام.. أعاني من التصادم مع الوالد مع أنه صاحب خير إلا أنه لا يرضى أن أخرج من البيت علماً أنني في أواخر دراستي الجامعية وأعامل من قبله كصبي في المتوسط أو الثانوي مما يجعلني أكذب أو أوري كل أو كثير من الأحيان.. لأستطيع أن أكون نفسي من جميع الجوانب.. أما عن صحبتي فهم أصحاب خير ملتزمين ذوي توجه صحيح والحمد لله.. وأما عن دراستي فأنا في كلية العلوم الطبية.. علما أنني أكبر الأبناء الذكور...ما هو التصرف السليم لمثل هذا؟؟ وهل كذبي لمصلحة ملحة جائز؟؟ أسال الله لكم الجنة..

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على ثقتك في موقع المسلم وأسأل الله تعالى لك التوفيق والرشاد.
كثيرة هي الحالات التي نعيش فيها بعقول غيرنا، وقليلة هي الحالات التي نعيش فيها واقعنا ونفهم من حولنا، ومن الأمور التي أصبح لها رد فعل عكسي أو سلبي هي تلك السيطرة المطلقة على تصرفات الآخرين وعدم الثقة في قدرتهم على إدارة حياتهم، وهذا يرجع إلى أسباب متنوعة منها عدم الثقة في التربية التي نشأ عليها الآباء الأبناء، ومنها التضخيم الإعلامي للمخاطر المحدقة بالشباب والمفروضات اللازمة من الأولياء لمراقبتهم بصرامة وشدة والأخذ على أيديهم خشية الانجراف في براثن الإرهاب أو المخدرات أو مهالك الانحلال الخلقي، ولقد نجح الإعلام أن يزرع في نفوس الكبار والآباء الرعب على أولادهم، فقبض الآباء على الأبناء في البيوت، كما وضعوا جداول لمراقبة الأبناء عند خروجهم وسجلات متابعة لحضورهم وذهابهم إلى غير ذلك مما نراه ونلمسه، ولقد أنتجت هذه التصرفات والسلوكيات شباباً خانعاً ضعيفاً مستكيناً راضخاً لأحكام وأوامر لا يؤمن بها ولكنه مجبر على العمل بها، وما أن تلوح له الفرصة وينبثق نور من جدار إلا ويكسر كل الحواجز وتضيع كل المخاوف وتنهار كل القيم انتقاماً وتعويضاً لما فات.
وعلى الابن في مثل هذه الحالة أن يكون هو الأعقل والأكثر حكمة وحنكة ودهاء، وأن يعيد الأب بهدوء إلى الواقع، لأن كثيراً من الآباء لا يبذلون أي جهد في التعرف على احتياجات أبنائهم الجسمية والعقلية والفكرية والنفسية، ويمكن للابن إتباع الخطوات التالية:
- التقرب إلى الأب بالاحترام والطاعة وسماع القول وتنفيذ الأوامر وإبداء الرغبة بل والعمل على ترضيته فهذا واجب شرعي، وكذلك هو عمل يزرع الثقة في نفس الأب والاطمئنان تجاه الابن.
- أن يطلب من الأب أن يحكي له أيام شبابه وماذا كان يعمل وماذا كان يفعل ومن هم أصدقاءه وكيف كان يخرج معهم وماذا كانوا يعملون.
- أن يقوم بدعوة بعض أصدقائه في البيت أو يتفقون على الاجتماع في إحدى الصلوات في المسجد القريب من البيت الذي يصلي فيه الوالد، ويتعرفون على الوالد ويقدمون له الاحترام والتقدير ويخبرونه بأنهم جاءوا لزيارة صديقهم ونتمنى أن يأتي لزيارتنا كذلك.
- أن يطلب الابن من الأب السماح له بالخروج في أوقات لا يرى الوالد فيها بأساً، ولا يصرّ على ذلك فيقول إن أذنت أو سمحت، ولا يظهر إصراراً ولا إلحاحاً.
- أن يناقش الوالد في بعض الأمور الخاصة بالشباب والتعرّف على رأيه، ولا يحاول تسفيه أو رفض الرأي ولكن يظهر تجاوباً مع رأي الوالد ما لم يخالف نصاً شرعياً.
- أن يحاول إقناع الوالد بشكل غير مباشر في الخروج مع الأصدقاء خاصة في الأعمال التي لايعترض عليها الوالد في الأصل.
تبقى نقطة مهمة وهي أن الأمر بطاعة الوالد في غير معصية الله واجبة، وأما الأمر فيما يتعلق بالتوافق معه في آليات الخروج والإقناع والمشاركة في الأعمال الخيرية والدعوية وغيرها يحتاج إلى إقناع وتوافق وسوف تأتي الأيام ويقتنع الأب بوجهة نظرك ولا أظنها بعيدة إذا ما اتبعت بعض ما ذكر من تودد وتلطف ومصاحبة للوالد فسوف يقتنع ويبادر هو بالخروج معك أو بالسماح لك بالخروج لما فيه خير في دينك ودنياك.
والله معك.