1 صفر 1430

السؤال

أنا ملتزمة ومثقفة ولله الحمد، لكن زوجي يعمل معه نساء متبرجات، وزوجي يعيرني بهن، علماً أنني أتجمل بقدر استطاعتي لكن لا أصل إلى ماوصلن إليه مما يؤثر عليَّ نفسياً.. كيف أرضي زوجي مع العلم أنني أذكره بالله وغض البصر.. أرجو مساعدتي

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

للأسف أننا نعيش اليوم في عالم منفتح بشكل لا يمكن التحكم به، فقد غزت الفضائيات مجتمعاتنا الاسلامية بشكل عام ومنازلنا بشكل خاص، فالمشكلة لا تتوقف على الجهة التي يعمل بها زوجك فقط ولكنها مشكلة ضعف الوازع الديني وتوفر الأسباب المؤدية الى الفساد.
أختي الفاضلة..
تذكري أن العلاقة بين الرجل والمرأة لا تعتمد فقط على تبرج المرأة او جمالها، رغم أن الرجل يحب المرأة ويعشق الجمال وهذا الأمر فطري، الا أن العلاقات التي تبنى على الجمال فقط سرعان ما تنهدم وتزول لأن هذا الاساس سطحي وهش. أما اساس العلاقات التي تستمر وتصمد هي التي تبنى على اساس من التواد والرحمة وحسن المعاملة والعشرة الطيبة، ولهذا ذكر سبحانه في كتابه الكريم انه جعل بين الزوجين "مودة ورحمة" ولم يقل سبحانه "حبا وجمالا وعشقا وغراما" لان كل ذلك زائل.
لذا عليك أن تثقي بنفسك وجمالك الذي وهبه لك الله، وأن لا تهتمي فقط بتحسين مظهرك الخارجي وجمال وجهك وجسدك، بل عليك ان تعززي كل ذلك بجمال الخلق والروح فهذا الجمال باق لا يفنى باذن الله كما انه هو الذي ينتصر في النهاية.
فعليك أن تتعرفي على شخصية زوجك وطباعه، وتدرسيها ثم تفهميها جيدا لتتمكني من التعامل معه بالاسلوب الذي يؤثرعليه، ويجعله طوعا لك عن حب لا بالاكراه، فهذا هو المفتاح الذي يجب ان تبحثي عنه لتتمكني من فتح باب السعادة والاستقرار في حياتك انت وزوجك واسرتك باذن الله.
عليك بالصبر على زوجك واحواله، ومداراته برفق، تعودي على استخدام العبارات الإيجابية، كالدعوات الصالحة، وكلمات الثناء الموجهة له، قابلي اساءاته لك بالاحسان اليه وتذكري قول الله تعالى " وسارعو الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين* الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين". وتأ كدي انك اذا اخلصتي النية لله تعالى وتوكلت عليه سبحانه واجتهدتي في الدعاء فسيكون ذلك مدعاة لرجوعه الى طريق الهداية والحق باذن الله سبحانه، وأنه كلما رأى منك رفقا واحسانا وصفحا وغفرانا فإنه سيلوم نفسه، وسيدرك انك انت الجوهرة المصونه التي لا يمكن ان يستبدلها أو تغنيه عنها نساء العالم مهما كن.
اكثري من الدعاء واسألي الله باسمائه الحسنى أن يهديه وأن يحفظه من كل سوء ويحفظه من الوقوع في الحرام فهو بيده مفاتيح كل شيء، وهو مقلب القلوب يقلبها كيف يشاء، ومن الأدعية التي انصحك بالإكثار منها والمداومة عليها يوميا "اللهم هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما" و "اللهم اغنه بحلالك عن حرامك واكفه من فضلك عمن سواك" و "انا لله وانا اليه راجعون، اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها" و " يا جبار اجبرني". وتذكري ان الله قد قال " واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع" ولكن حذار ان تتعجلي الإجابة وتذكري ان من شروط الاستجابة التذلل لله والالحاح في الدعوة والتوبة والاستغفار من الذنوب والمعاصي.
يمكنك اللجوء الى احد الاشخاص الملتزمين الثقاة المقربين له، ليقدمو له النصح ويذكروه بحقوق الله عليه.
كما يمكنك الاستماع الى الأشرطة الدينية التي تناقش هذه المشكلة، وعليك أن تحاولي بهدوء ان تجعليه يستمع اليها، فقد يجعل الله منها سببا لهدايته.
عليك أن تخصصي وقتا للحوار معه، لتتحدثي عن الماضي وذكرياتكما الجميلة، وعن المستقبل الذي تحلمين به وتتمنين تحقيقه معه انت واولادك، ولا تنسي ان تتحدثي ايضا عن الحاضر بإيجابياته وسلبياته، ولكن حاولي عندما تتحدثين عن الحاضر خاصة عندما تتحدثين عن هذه المشكلة ان تختاري الوقت والمكان المناسب لتبدأي معه جلسة حوار هادئة، تخبريه فيها عن معاناتك من الوضع الحالي وقدر تأثير هذا الوضع على نفسيتك وما يترتب عليه من قصور منك في تربيتك لأطفالكما بشكل جيد.
حاولي أن تستمعين الى وجهة نظره بهدوء، ابتعدي عن الانفعال وتوجيه الاتهامات له بأي شكل كان.
اخبريه عن مخاوفك ومصدر قلقك، ولا تنسي أن تذكريه أن أحد مخاوفك هو خوفك على مصيرك ومصير بناتك، فمن لا يحافظ على محارم الله ستنتهك محارمه ولو بعد حين.
احذري ان يصل لزوجك الشعور بأنك وصية على جميع تصرفاته، ولو من باب النصح، فكثيرا من الزوجات الملتزمات يستخدمن عبارة " هذا حرام" في معظم الأحيان من باب النصيحة، ولكن هذا الأسلوب منفرولا يقبله معظم الأزواج خاصة قي مجتمعنا مهما كان الحق مع الزوجة.
اطلبي منه أن يوجد لك الحلول الممكنة التي يمكنها ان تساعدك وتحد من قلقك وتوترك.
لا تنسي ان تضعي الله نصب عينك في كل خطوة تخطيها لحل مشكلتك، وتوكلي عليه حق التوكل، وثقي به وأحسني الظن به، وتأكدي أنه لن يضيعك ابد فقد قال سبحانه في الحديث القدسي" انا عند حسن ظن عبدي بي فليظن عبد بي ما يشاء".