متابعات سياسية: أوباما ومنطق الضعفاء.. الإرهاب.. الأزمة الاقتصادية
28 ذو القعدة 1429
د. محمد العبدة







 

 

 

 

(1)

منطق الضعفاء

 

أثناء زيارتي لبعض المدن العربية وبعض المناطق الإسلامية كان السؤال الذي يتكرر: هل نجاح (أوباما) سيغير من سياسة أمريكا؟ وهل سيكون ذلك في صالح المسلمين؟ هذه الأسئلة توحي بالضعف والسذاجة السياسية التي عليها هؤلاء وكأن أحوالنا وأمورنا متعلقة بأمريكا وليست متعلقة بنا فالحل عند هؤلاء يجب أن يأتي من الخارج وليس من خلال بحث قضايانا وأمورنا من الداخل, إنهم يأملون أن تكون أمريكا (أوباما) أقل شراً من عهد (بوش) الذي وقع في عهده احتلال أفغانستان والعراق, إن هؤلاء كالغريق الذي يتعلق بـ(قشة) كما يقال, وكنت أقول لهم: بالتأكيد إن أوباما ليس بوش وربما سيكون اهتمامه الرئيس بالداخل, بالاقتصاد والأمور الاجتماعية, ولكن انسحاب أمريكا من العراق وأفغانستان سيكون من خلال مصلحتها, ومن خلال ما يقوله الخبراء السياسيون والعسكريون و (أوباما) أولاً وأخيراً هو أمريكي وليس آسيوياً أو أفريقياً, ولا من الذين يفكرون في العالم الإسلامي لأن والده مسلم من كينيا.

 ثم إن أمريكا دولة مؤسسات ولا يديرها فرد برأسه كما هو الحال في كثير من دول آسيا وأفريقيا.

هذا التفكير السطحي هو الذي يجعل هؤلاء لا يعلمون كيف تدار أمريكا, وبعض الناس في أندونيسيا احتفلوا بنجاح (أوباما) لأنه عاش بعض طفولته هناك مع أمه وزوج أمه الأندونيسي! فلا داعي للتفاؤل كثيراً بأبي (حسين) كما وصفته بعض الصحف العربية.

شيء آخر لا يدركه هؤلاء وهو أن أمريكا اليوم غير أمريكا قبل سنوات مضت, حين كانت منتفشة بأنها القطب الأوحد وأنها شرطي العالم, اليوم ظهر أقطاب بعضهم ينافسها وبعضهم يعاندها, كالصين وروسيا والهند..

نحن لا نطلب الإنصاف والرحمة ممن لا يملكها, أو لا يريد الإنصاف لأهوائه الخاصة, ولكن يحق لنا أن نطالب الغرب بأن يحترم حقوق الإنسان, ولا تكون المصالح الخاصة والانتهازية السياسية هي المبدأ والمعاد, وذلك حين يساند ويؤيد الدول الديكتاتورية في العالم العربي أو الإسلامي, هذه الدول التي تفتك بشعوبها سجناً وتشريداً.

(2)

وما أدراك ما الإرهاب

 

لا أحد يريد حل المشكلة من جذورها, لأنها أصبحت قضية يتسلى بها السياسيون, أو يستخدمونها للهروب من الاستحقاقات الاجتماعية والسياسية المطلوبة, كما تاجر بعض الزعماء العرب بقضية فلسطين فأصبحت كما قال الشاعر

(من بيضها الثمين يأكلون)

الإرهاب الأمريكي الذي لم يتفقوا بعد على تعريفه! أو بالأصح على التعريف الحقيقي له, إذا كان المقصود به قتل الأبرياء وتدمير المنشآت وقرصنة السفن, فلا أحد من المسلمين الذين يفقهون دينهم يؤيد مثل هذه الأعمال, ولكن ألا يمكن حل هذه المشكلة المستعصية؟ لماذا لا يفكرون بإنصاف المظلومين في أفغانستان والعراق وفلسطين؟ هل هناك جديّة في حل مشكلة الصومال؟ أم أن الحل ربما يأتي بالإسلاميين المعتدلين, وهذا ما لا تريده أمريكا ولا يريده الغرب, فهؤلاء المعتدلون يمكن أن يضبطوا الأمور ويمنعوا القرصنة, ولكن أمريكا تفضل أن تبقى الأمور على ما هي عليه حتى يجدوا ما يعجبهم من الليبراليين العلمانيين, وهؤلاء غير مرغوب فيهم شعبياً, وهكذا يعيش الناس في دوامة.

الكل يتكلم عن الإرهاب, سمعت أمس الرئيس اللبناني يتحدث عن محاربة الإرهاب, ترى هل يعتبر احتلال بيروت السنية من قبل (حزب الله) إرهاباً؟ لقد أصبح الكلام بهذه الطريقة ممجوجاً, بعض الحكومات الغربية تضخم هذا الموضوع لتنجح في الانتخابات ولتقول للشعب: نحن نحميكم من الإرهاب؟!

(3)

الأزمة الاقتصادية

 

يقول أحد الخبراء عن هذه الأزمة التي وصل أثرها إلى كل مكان يقول: إنها أكبر عملية تلاعب بالأموال, ولا شك إن هذا التلاعب وهذا النظام الرأسمالي سيكون له تداعيات, وسيكون هناك مراجعات للنظام المالي العالمي, ولكن هذا لا يعني سقوط الرأسمالية كما يظن البعض, أو كما يتخيل, ولا أظن أن الغرب سيتنازل عن الرأسمالية ولكنه يعدلها ويصحح الأخطاء, وستقع دائماً أخطاء وأخطار لأن طبيعة النظام الرأسمالي القائم على الربا والجشع الفردي لا بد أن ينتج أزمات بين كل فترة وأخرى وستبقى الدول الغنية والدول الفقيرة, وليس من طبيعة الرأسماليين التفكير في مشاريع إنمائية إنتاجية التي يمكن أن تحل جزءاً كبيراً من مشكلة الفقر في العالم, فأهل الترف لا يتنازلون عن ترفهم, مع أن في الأرض أماكن كثيرة لم تُستغل بعد, وأصحاب المال يريدون الربح السريع, فلماذا يشغلون أنفسهم بمشاريع تخدم البشرية.