20 ذو القعدة 1429

السؤال

احب فتاه و ابي رافض خطبتى لها الآن ولكنني احبها جدا وادعو الله كثيراً وللأسف انى ممكن ان ابكي خوفا من ذهابها مني و اتحدث معاها منذ 6 أشهروترفض الكثير من العرسان لتكون فى انتظارى ...أبي يرضى ان أتحدث معاها وان تنتظرنى ولكنني خائف ان يزوجها أهلها غصبا فلا أستطيع أن أتزوجها ان انى خائف جدا وحائر جدا ..فماذا افعل ؟؟؟

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الأخ السائل , لا ادري الطريقة التي توصلت بها لمعرفة تلك الفتاة ولا لتعلقك بها , ولكن كثيرا من تلك الطرق يكون في غير الصواب , فكثير من شبابنا يقعون فيما يرونه حبا والحق إنه عشق لما يتصوره الشخص ذاته في خياله. ورغبة جسدية يريد تفريغها , والنفس تستسلم لتلك المعاني مع ضعف القلب تجاه الإيمان والاعتقاد.

وللأسف البالغ فإن الاستسلام لهذا الشعور مع ما يروجه المجتمع من سلبيان ومجون من سماع الأغاني العاطفية الرقيقة والكلمات التي تشجع على ذلك يصبح الشاب من ابنائنا اسيرا لتلك المشاعر التي يظنها حبا , والتي سرعان ما تنتهي وتتبخر عند أول مشكلة تمر بهم , وسرعان ما ينقلب الحب المزعوم بغضا .

أقول لك ذلك ابتداء لأني وجدت في رسالتك تعلقا شديدا بالفتاة قد يعيقك عن رؤية الصواب , ولكن أما وإنك قد خطوت خطوات عاجلة في سبيل الزواج فدعني ههنا أقف معك عدة وقفات مهمة :

أولا : أنصحك ألا تترك الهوى يسيطر على قلبك فتتمادى فيه فيقطع عليك كثيرا من فرص الخير, ويوصلك للغفلة , ويلهيك عن الطاعات , ثم يسبح بك في بحار الخيال والأمنيات , ثم تفيق فلا تجد نفسك إلا وقد خطوت للخلف خطوات واسعة , فاحذر من التمادي في ذلك على أية حال , بل إذا أردت أن تخوض غمار الحياة بما فيها من أحزان وأفراح وتعقيدات وحلول وفشل ونجاح فلا يمسن قلبك الهوى فهو أدعى للتخاذل والضعف والرعونة خصوصا وأنت في هذه السن قليل الخبرة وقليل التجربة في تلك الحياة ..

ثانيا : ثق أن السبيل الصحيح إلى الزواج هو أن تسير في خطى يحبها الله سبحانه ويرضى عنها , فعليك ابتداء بتقوى الله ربك والتعلق به وسؤاله أن يختار لك المرأة الصالحة التي تعينك على أمر دينك وتصلح معها دنياك واستخر ربك في ذلك .

ثالثا : لتعلم أن كل شىء بقضاء الله وقدره وان أمر الزواج من الأمور المقدورة فبربك كيف يخاف المؤمن ما قضى به ربه وهو أعلم وأرحم به من أمه وأبيه , ثم إجزع ما شئت إن أردت الجزع فليس لك إلا ما قدره لك .والله سبحانه يقول : " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرلكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وشر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " , فالله يعلم وأنت لا تعلم , فإن لنا في كثير من الأحيان ظواهر الأمور التي لا ندري بواطنها وما يتعلق بها حتى اننا لو اطلعنا على بواطنها لما أردناها بحال .

رابعا : أعظك أن تبدأ طريق الزواج بتطهير قلبك بغض بصرك عن تلك الفتاة , وتمنع نفسك عن رؤيتها أو الاطلاع على أحوالها ,أو محادثتها , وتأمر نفسك بالصالحات , حتى تستطيع أن تحكم على موقفك حكما عاقلا بعيدا عن الهوى , ومن ثم تبدأ في وزن موقفك من جميع الوجوه .

خامسا : عليك بالترو بعد كل ذلك .. وأقول لك هل حدثت نفسك جاداً ورأيت أنها الزوجة الصالحة التي ترضاها فعلاً أماً لأولاك وترضى خلقها ودينها ثم تحفظك في مالك وعرضك , وتعمل جاهدة على تنشئة أسرة مسلمة صالحة تأمر أولادك بالصلاة وتأمرهم بالمعروف وتناههم عن المنكر .. ماذا ؟ وإلا فعليك بالتخلي عنها فوراً والتحلي بالعفاف وإلا فأنت إذن مجرم في حق نفسك وأولادك من بعد والمجتمع كله إذا اخترت فتاة لمجرد هواك النفسي والشخصي .