متى انتهت ولاية عباس؟
7 شوال 1429
زياد آل سليمان

مع صباح الخميس 14 جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 19 يونية 2008م , كانت التهدئة تدخل حيز التنفيذ بين الاحتلال الصهيوني وبين شعب كلما ازداد الحصار عليه قابله بالمزيد من الثبات والصبر والتضحية، وقد علم الجميع أن من أعظم عوامل صبر الشعب الفلسطيني هو اعتزازه بالإسلام واستعداده لتقديم كل شيء حفاظاً على إسلامية تلك الأرض المقدسة، وحفاظاً على القدس، وعلى حق العودة.

 

أوجدت تلك التهدئة حالة من الإحباط لدى الصهاينة، تلك الحالة امتدت لأطراف أخرى رأت في التهدئة تراجعاً لها واعترافاً بشرعية الشعب الصامد وشرعية مطالبه العادلة وحكومته المنتخبة، وفي جلسة مجلس وزراء العدو قال رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" يوفال ديسكين:" إن اتفاق التهدئة نال من مكانة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس وإن إسرائيل تلقت معلومات عن عدم ارتياح السلطة من الاتفاق رغم تأييدها له علناً".

 

في نفس يوم سريان التهدئة كانت صحيفة "الجريدة" تتحفنا بمقابلة تاريخية كشفت لنا عن حقائق لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها أو نسيانها أو غض الطرف عنها، بل أبطلت مفعول أي محاولة للتجميل وتحسين الصورة.

 

كان من بين أهم الأسئلة في تلك المقابلة سؤال هام عن محور الخلاف مع حماس وحقيقته واسمع أيها الشعب المسلم ويا كل مسلم على وجه الأرض ما قال: (أرفض قيام دولة فلسطينية إسلامية، لهذا السبب نعارض «حماس»، فنحن نختلف معها في مسألة تطبيق القوانين الدينية ، وتلك ليست نقطة يمكنني المساومة بشأنها. ينبغي أن تكون الأمة أمة أديان مختلفة لا دين واحد).

 

نحن هنا لا نتحدث عن تصريح لرئيس وزراء العدو إيهود أولمرت، ولا عن تصريح لوزيرة خارجيته تسفي ليفني، ولا عن تصريح كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، بل نتحدث عن مقابلة أجريت مع رئيس سلطة رام الله محمود عباس.

 

أليس من حق الشعب الفلسطيني المسلم بل حق كل مسلم على هذه الأرض أن يسأل ذلك السؤال الكبير: متى سنصلي في مسرى رسول الله ؟ متى سنشد الرحال إلى المسجد الأقصى؟

 

إن كان هنالك من لا يريد دولة إسلامية في فلسطين ، وإن كان هنالك من لا يريد تطبيق أحكام الشريعة، وإن كان هنالك من لا يرى أن الإسلام هو الدين الذي اختاره الله ، فإنا نذكر الدنيا كلها بأن فلسطين أرض إسلامية ، أرض مباركة ، لم ولن تكون يوماً ما خاضعة للمخططات والمؤامرات الرامية لعزلها عن الإسلام والمسلمين.

 

ألم يقرأ القوم قوله عز وجل : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة: من الآية44) ، وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (المائدة: من الآية45) ، وقوله سبحانه : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(المائدة: من الآية47) .

 

إن الذي لا يرضى بحكم الله يعلن رفضه لألوهية الله –سبحانه وتعالى- إنه إعلان الرفض قولاً وفعلاً، ولغة العمل والواقع أقوى وأكبر من لغة الفم واللسان.

 

لا يجتمع الإيمان وعدم تحكيم الشريعة، لا تجتمع فلسطين أرض الأنبياء وأرض المحشر والمنشر مع إنكار لدين الله وأحكامه . {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (النساء:65).

 

وبالرغم من أن المجلس التشريعي الفلسطيني قد أقر بالإجماع قرارا للجنة القانونية بعدم قانونية تمديد ولاية الرئيس محمود عباس بعد انتهاء ولايته بتاريخ التاسع من يناير للعام 2009، وشدد على عدم وجود مسوغ للتمديد الذي في حال تم سيكون "انتهاكا للقانون ولرأى الشعب ويزيد من حدة الانقسام الداخلي". فإن عباس لا يزال يستمد شرعيته من الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ما يرغم أطرافاً أخرى لإبقاء التعامل معه، مع بقاء الحظر في التعامل مع الحكومة المنتخبة بل امتداد الحظر إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة!

 

إن الشرعية الحقيقية قد انتهت منذ أن أخذت سلطة رام الله على عاتقها مسؤولية القضاء على المقاومة، ومسؤولية إغلاق المؤسسات الخيرية، ومحاربة كل مظهر من مظاهر الإسلام. فهل سينجح القوم في القضاء على الإسلام في أرض الإسلام؟!

 

قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (الصف:8)