النيران تلاحق اللاجئين
6 رمضان 1439
خالد مصطفى

ملايين من المدنيين معظمهم من المسلمين فروا من ديارهم خلال الأعوام القليلة الماضية هربا من الصراعات والحروب وحملات التنكيل التي تستهدفهم وبدلا من أن يجدوا أيادي حانية تقف إلى جوارهم لاحقتهم النيران والعواصف في الكثير من الأماكن والدول التي لجؤوا إليها..

 

فقد لجأ ملايين من السوريين إلى لبنان بعد المعارك التي اشتعلت في بلادهم ووحشية نظام الأسد تجاههم وهناك ولأن لبنان تعاني من مشاكل كثيرة تتعلق بالتركيبة السياسية والطائفية وموقف "حزب الله" صاحب النفوذ والموالي لنظام الأسد من اللاجئين حيث أن معظمهم من أهل السنة المعارضين لنظام الأسد فقد تعرضوا لحملات عنصرية من قبل بعض الإعلاميين والسياسيين المحسوبين على الحزب الشيعي أضف إلى ذلك تجاهل الأمم المتحدة للأزمة وعدم رصدها لأموال كافية من أجل إعالة اللاجئين وتوفير الحياة الكريمة لهم..

 

ومع العنصرية التي يعاني منها اللاجئون من بعض فئات المجتمع اللبناني يعانون أيضا من الظروف المناخية المتقلبة خصوصا في فصل الشتاء حيث تتجمد أطراف الأطفال من شدة البرد في ظل نقص الأغطية والملابس الشتوية وأدوات التدفئة..كما يعاني اللاجئون في بعض الدول من القوانين المجحفة التي تريد بعض السلطات فرضها من أجل تقييد حرية اللاجئين والتنكيل بهم فقد انتقدت الخارجية النمساوية مشروع قانون بشأن اللاجئين أصدرته وزارة الداخلية، على خلفية مخالفته للدستور ولحقوق الإنسان...

 

وذكر بيان صادر عن المكتب الحقوقي لوزارة الخارجية، أن بعض مواد المشروع، الذي يدخل حيز التنفيذ نهاية العام الجاري في حال مصادقة البرلمان عليه، تتعارض مع الدستور وحقوق الإنسان...وأوضح أن مشروع القانون يقترح إخضاع الأطفال اللاجئين للعديد من العقوبات، لا سيما معاملتهم كالبالغين في حال ارتكابهم جرائم، وترحيلهم خارج الحدود...

 

وأكد أن هذه العقوبات تتعارض مع قانون الشباب النمساوي، والقانون الدولي أيضًا...من ناحيته قدم وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، مقترحا للحكومة، يضم قواعد جديدة "تقيد" عمليات لم شمل أسر اللاجئين الحاصلين على حماية ثانوية (إقامة مؤقتة)، كما تشمل الإجراءات، استبعاد الزوجات اللاتي لم يتزوجهن اللاجئون في البلد الأصلي، من عمليات لم الشمل...كما يعاني اللاجئون في بعض الدول من وضعهم في مراكز احتجاز عير ملائمة كما يحدث في اليونان فقد  دعت الأمم المتحدة، حكومة اليونان إلى تحسين أوضاع طالبي اللجوء في مراكز الاحتجاز "ذات الإمكانيات المحدودة للغاية"...وشددت على أن تلك الدعوة تأتي في ظل "الارتفاع الأخير في عدد الأشخاص الذين يصلون إلى منطقة إفروس، عبر الحدود البرية مع تركيا"...وأضافت, أن "الزيادة في عدد الوافدين أدت إلى الضغط على مركز الاستقبال وتحديد الهوية الوحيد في المنطقة"...

 

وتابعت "ولجأت السلطات إلى وضع مئات الأشخاص في مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة حيث الخدمات محدودة للغاية"..كذلك يعاني اللاجئون من التمييز على أساس الدين فقد اتهمت منظمات مدنية بلجيكية، وزير الهجرة واللجوء في حكومة بروكسل تيو فرانكين، بالتمييز بين اللاجئين المسلمين و"المسيحيين" الوافدين إلى البلاد...جاء ذلك في إطار الجدل الحاصل في بلجيكا بشأن رسالة بعثها فرانكين مؤخراً، قال فيها إنّ اللاجئين "المسيحيين" الذين يأتون إلى بلاده يحظون بمعاملة خاصة تميّزهم عن غيرهم...

 

ودعت المنظمات في بيان، إلى وجوب المساواة في التعامل مع كافة اللاجئين، وتوفير الحماية لهم بحسب حاجتهم...وشدد البيان على وجوب الامتناع عن التعامل مع اللاجئين وفقا لانتماءاتهم الدينية، مبيناً أنّ جميع اللاجئين تضرروا من الحروب على حد سواء...كما يعاني اللاجئون من ظروف نفسية قاسية فقد ذكر معهد كارولينسكا الطبي، في العاصمة السويدية استوكهولم، أنّ 12 طفلا لاجئا دون معيل، أقدموا على الانتحار عام 2017 في عموم البلاد...وأشار المعهد في تقرير ، إلى أن أغلب الأطفال هم من المهاجرين الأفغان، أقدموا على الانتحار بعد رفض طلبات لجوئهم...

 

ولفتت خبيرة الخدمات الاجتماعية والصحة النفسية ألينور ميتيندورفير روتز، التي شاركت في إعداد التقرير، إلى أن الأطفال المنتحرين شهدوا صدمات نفسية كبيرة في حياتهم، وتعرضوا للتعذيب والمعاملة السيئة أثناء هجرتهم...من جانبه، أفاد بيان صادر عن مركز الصحة النفسية للشباب والأطفال السويدي، تعليقا على تقرير معهد كارولينسكا، أنّ عدد الأطفال اللاجئين المنتحرين لايعكس حقيقة الواقع، وأن الوضع أسوأ...

 

هذه بعض الأمور التي يتعرض لها اللاجئون حول العالم وغيرها الكثير تحتاج إلى تضافر جهود المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية من أجل إنقاذهم من النيران التي تحيط بهم داخل وخارج بلدانهم.

.