هل ينفرد "حزب الله" بالقرار اللبناني؟
23 شعبان 1439
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

أجريت أول أمس في لبنان الانتخابات البرلمانية لأول مرة منذ 9 سنوات وظهرت نتائج شبه نهائية أمس الاثنين وقد أثارت النتائج العديد من التساؤلات والملاحظات..

 

في البداية وقبل الولوج إلى ملف النتائج وتداعياتها على المشهد اللبناني تجدر الإشارة إلى امتناع أكثر من نصف عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع عن الإدلاء بأصواتهم وهو ما يعني يأس عدد كبير من اللبنانيين من حدوث تغيير ملموس في الأوضاع المتردية التي تشهدها بلادهم على كافة الأصعدة, كما يعني أن هذه النتائج لا تعبر بشكل حقيقي عن إرادة المجتمع اللبناني..

 

قبيل الانتخابات ذكرنا في مقال سابق أن أهل السنة تحديدا يخشون من مكاسب محتملة لـ "حزب الله" وحلفائه في الانتخابات بسبب استخدام سياسة العصا والجزرة أو "الترغيب والترهيب" وهو ما حدث بالفعل فقد تمكن "التيار الوطني الحر"، الذي ينتمي إليه رئيس البلاد والموالي لـ "حزب الله"، من اكتساب 5 مقاعد إضافية، ليرتفع تمثيله إلى 26 مقعدًا، فيما اكتسب تحالف "حزب الله" و"حركة أمل" 4 مقاعد، لتبلغ حصته البرلمانية 30 مقعدًا، بينما فقد تيار  "المستقبل" ـ وهو أكبر كتلة سنية في البرلمان ـ 13 مقعدًا، حيث تراجع تمثيله من 34 حاليًا إلى 21، من أصل 128 مقعدًا في المجلس..

 

للوهلة الأولى تظهر النتائج فوزا هاما لتحالف "حزب الله" يمكنه من الانفراد بالقرار اللبناني ولكن الحقيقة أن التركيبة السياسية في لبنان لا تسمح للحزب بذلك فالحزب يحتاج لمقاعد التيار الوطني الحر وهو حزب "مسيحي"  برجماتي تحالف مع "حزب الله" لكي يستفيد من قوته ونفوذه داخل البلاد وبينهما العديد من الخلافات وأكبر دليل على ذلك أن حركة أمل الشيعية وزعيمها نبيه بري رئيس البرلمان السابق وأكبر شركاء "حزب الله" على الإطلاق دخلا في صراع محموم مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بعد اتهام الأخير لبري بأنه "بلطجي" والخلافات بين بري وباسيل قديمة ومعروفة وبالتالي هذا التحالف ليس بالتماسك المطلوب, من جهة أخرى استطاع حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع أن يضاعف عدد مقاعده في البرلمان حيث حصل في الانتخابات الأخيرة على 15 مقعدا بعد أن كان له 8 مقاعد فقط في البرلمان السابق وهذا الحزب من أكبر أعداء "حزب الله" ونظام الأسد وهو متحالف مع تيار المستقبل كما أن الانتخابات شهدت فوز عدد من المستقلين المعارضين لسياسات "حزب الله"...

 

كذلك ورغم حصول حزب الله وحلفائه على أكثر من نصف مقاعد البرلمان إلا أن المناوئين له يملكون ما يسمى بـ "الثلث المعطل" الذي يمنع الحزب من اتخاذ القرارات المصيرية في البرلمان والتي تحتاج لأغلبية الثلثين...ولكن هذا لا يمنع من أن هذه النتائج أفرزت العديد من المشاكل لأهل السنة وللتيار المناوئ لـ "حزب الله" في لبنان من أهمها أنه عند تشكيل الحكومة سيضغط الحزب وحلفاؤه من أجل الحصول على مقاعد أكثر وأهم بدعوى تمتعهم بالأغلبية النسبية في البرلمان..

 

كما أن هذه النتائج ستمثل عبئا على سعد الحريري ـ الذي يعد أقرب المرشحين السنة لرئاسة الحكومة القادمة ـ خلال مواجهته لمؤامرات ومخططات "حزب الله" نظرا لتراجع شعبيته وإن كان هذا التراجع في ـ رأي البعض ـ جاء نتيجة مهادنته لـ "حزب الله" وحلفائه في الفترة الأخيرة بعد موافقته على مرشحهم للرئاسة ما أدى لصدمة كبيرة في الأوساط السنية التي تشكو من التهميش والاضطهاد..