سقوط القناع عن هارون يحيى .. كيف نكتسب المناعة ضد المخادعين؟
22 رجب 1439
منذر الأسعد

من يصدق أن عدو الداروينية الشهير يدعو إلى إسلام عصري بصحبة راقصات شبه عاريات وكؤوس الخمر تدور في الجلسة، وصخب الموسيقا الفاجرة يطغى على جو يزعم أنه دعوي؟!!

 

ما قصة الاسمين؟
كانت المفاجأة الأولى بأن ( هارون يحيى) ليس الاسم الحقيقي لمؤلف " أطلس الخلق" فاسمه : عدنان أوكطار.
ويبدو أن اتخاذ اسم حركي له لم يكن عبثاً.. فما دام له وجهان فلا بد من اسم لكل وجه.
فالوجه الآخر هو الترويج لإسلام زائف  بالرقص ولباس البحر الفاضح " البكيني" برفقة الخمر وممارسة الزنى والعياذ بالله .

 

في شهر فبراير/ شباط الماضي قرّر المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي وقف بث برامج قناة  "A9" التي يملكها أوكطار مع فرض غرامة مالية عليها، ولم يكن قرار الوقف سببه تناول برامج أوكتار لمواضيع دينية وهو بين فتيات يرقصن وأمامهن زجاجات الخمر، بل كان السبب هو أن برامجه "تنتهك المساواة بين الجنسين وحقوق النساء"!

 

وكان المذكور أطلق قناته المشؤومة في عام 2011، بهدف بث محاضراته "الدينية" على الهواء مباشرة، وسرعان ما حظيت حلقات برامجه التلفزيونية باهتمام كبير من وسائل الإعلام التركية والدولية بسبب غرابتها الشديدة، حيث يظهر بين  فتيات جميلات  يرتدين ملابس مثيرة  ويرقصن ويتناقشن مع  أوكطار في موضوعات عدة حول الإسلام!

 

 

يزعم  أوكطار   أن هدفه الأساسي هو تقديم نسخة عصرية من "الإسلام"، لكن رئيس الشؤون الدينية التركية الدكتور علي أرباش وصفه بأنه شخص يعاني من مشاكل عقلية، محذراً من مشاهدة قناته، بينما يرد أوكطار عليه بأن "رواتب الشؤون الدينية يتم سدادها من ضرائب بيوت الدعارة في تركيا".
وهنا تتجلى مأساة الإرث الأتاتوركي القبيح فكلاهما يقول أجزاء من حقيقة مؤلمة، سببها التغريب القسري منذ تسعين سنة، وفرض فصام الشخصية على الشعب التركي .

 

وجه للأتراك وآخر للعرب!
صاحب نحو 300 كتاباً في الدين والعلوم السياسة، وتُرجم معظمها إلى عشرات اللغات. ويملك محطة تلفزيونية خاصة، ومواقع إلكترونية متعددة تتيح لمتابعيه التواصل معه. بالإضافة إلى أنّ "المفكر الإسلامي العصري"، كما يحب أن يعرِّف عن نفسه، يملك قضية "مهمة"، ويعمل من أجلها دون كلل.
أوكطار يُعادي الإلحاد بشكل عام  والنظرية الداروينية حول "النشوء والارتقاء" بشكل خاص

 

 

أما أشهر ما يثيره يحيى من جدل في تركيا، كما عند مكتشفي ظاهرته، فهو "استقدام" أجمل الفتيات التركيات إلى مكتبه وتقديمه أمامهن محاضرات دينية، بينما يقدمن عروضاً راقصة بين الحلقة الدراسية والأخرى. ورغم أن هذا الأسلوب يبدو ترفيهياً ومبتذلاً، أو حتى رخيصاً، فقد أثبت جدواه في استدراج الشباب إذ لا تزال نسبة مشاهديه مرتفعة.

 

 

أما طريقة إدارة برنامج يحيى المثير للجدل، فتبدأ بكلمة له في موضوع ديني ما، فيما الكاميرا تتنقل بينه وبين وجوه الفتيات وأجسادهن بلباسهنّ القصير والمثير دائماً. ثم، بعد نهاية الحلقة الدراسية الدينية الأولى، يتم بث الموسيقى الفلكلورية والطربية التركية فتتسابق الفتيات في الرقص الماجن أمامه، فيما يعمد هو إلى النظر إليهن أو الرقص معهنّ أحياناً، أو يكتفي، كما غالباً، بالتمايل في مقعده أحياناً أخرى. وبعد دقائق معدودة من الرقص والموسيقى، يعود "الانضباط" إلى الاستوديو، فيبدأ يحيى درساً "دينياً" جديداً.

 

وبعدما أثمر عمله شهرة في تركيا والبلقان وأوربا خلال السنوات الماضية، يعمل يحيى ومساعدوه هذه الأيام على التوجه إلى الجمهور العربي و"اقتحام" هذا العالم. وذلك عبر كتابته أخيراً مقالات في بعض الصحف والمواقع العربية، وعبر إنشاء صفحات إلكترونية وحسابات له تبث أفكاره وتعاليمه بلغة الضاد، بالإضافة إلى إعطاء "دروسٍ" تتعلق باللاجئين والوحدة الإسلامية والحضارة العربية.

 

الصهاينة وفقه "شحرور"
بلغت الجراءة عند أوكطار  - أو هارون- أنه يفتي بهواه خلافاً للمعلوم من الدين بالضرورة، فتاوى تشبه تخرصات مختلق "الإسلام الماركسي"
 محمد شحرور .. فعورة المرأة أمام الرجال الأجانب تقتصر عند يحيى على حلمتي النهدين والفرج فقط!!

 

في خط مُوازٍ كشفت صحيفة هآرتس الصهيونية عن صلة أوكطار بحاخامات يهود متشددين وساسة صهاينة من غلاة اليمين استضافهم في محطته التلفزيونية مثل عضو الكنيست يهودا غليك (الليكود)، ووزير الاتصالات أيوب قرّه والأغرب أنه يسدد نفقات استضافة هؤلاء كاملة...

 

وهو يدعو إلى وحدة الأديان باسم: الحوار بين الأديان .. ويلح على أن المسجد الأقصى ليس خاصاً بالمسلمين فيمكن –بحسب زعمه- أن يتسع لعبادات اليهود والنصارى!!

 

وتبقى نقطة لا تقل إثارة عن كل ما سلف، هي إنكار أوكطار أنه هارون يحيى!! والسبب على الأرجح أن الصهاينة اكتشفوا كتاباً لهارون يحيى عن الماسونية، ويعتبرونه " معادياً للسامية" ..

 

بناء المناعة
هارون يحيى – أو: عدنان أوكطار- ليس أول شخص من نوعه..

 

ربما لا يعرف أبناء اليوم خديعة الناس برشاد خليفة صاحب أسطورة الإعجاز العددي ، الذي حصر كل إعجاز القرآن الكريم بالرقم 19 .. وافتتن الشباب به مدة غير قصيرة. وقد تصدى له أهل الذكر فأسقطوا دعواه البائسة.
ثم هتك الله ستره فإذا هو بهائي خبيث..
وانتهى بادعاء النبوة..

 

هذه النماذج التي تتكرر تقتضي تحصين الأمة لئلا تقع فريسة حسن ظن مفرط في غير موقعه فتبدو أقرب إلى السذاجة..

 

هنالك جهود فردية يستحق أصحابها الشكر، تتولى تمحيص الصحيح من السقيم، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي؛ لكن هذا لا يكفي فقد اتسع الخرق على الراقع.. ولا بد من عمل مؤسسي منتظم ينهض بهذا الواجب.

 

وأما الواجب على الفرد فيبدأ بأن يضع المسلم الأشخاص في حدودهم، فلا يبالغ فيهم لأنه لا حصانة للحي من الفتنة .. ولكي يمنح نفسه فرصةً فلا يغدو أضحوكة بين يدي ماكر يرتدي أقنعة العلم والتقوى.