بأي ذنب قُتل هؤلاء ؟!
19 رجب 1439
د. زياد الشامي

أكثر من 100 شهيد منهم الكثير من حفظة القرآن الكريم ناهيك عن عشرات الجرحى من الأطفال واليافعين ومن المعلمين والمدرسين والوافدين على حفل تخريج دفعة جديدة من حملة كتاب الله وتسليم شهادات نهاية السنة للتلاميذ...إثر غارة جوية نفذتها طائرات الجيش الأفغاني أول أمس الاثنين واستهدفت مدرسة قرآنية قرب إقليم قندوز الذى تسيطر حركة طالبان على قسم كبير منه فى شمال شرق أفغانستان .

 

 

قائمقام منطقة داشتي أرتشي " نصر الدين سعدي" اعترف في تصريح للصحفيين بأنّ مقاتلة تابعة للقوات الجوية الأفغانية قصفت المدرسة القرآنية في منطقته و أنّ الغارة أدت إلى مقتل 100 شخص وإصابة 50 آخرين معظمهم من المدنيين , معربا عن خشيته من احتمال ارتفاع أعداد القتلى ، مبينا أنّ المقاتلة استهدفت المدرسة أثناء الاحتفال بتخريج دفعة من حفظة القرآن الكريم.

 

 

المسؤول الأفغاني حاول التغطية على الفجيعة وتبرير ما حدث بالقول : إن عددا من القياديين في حركة طالبان شاركوا بحفل التخرج، وأنّ من بين القتلى أسماء بارزة في الحركة.

 

 

وضمن نفس السياق قال المتحدث باسم ولاية قندوز "أنام الدين رحماني" : إنّ الغارة جرت أثناء عقد قيادات حركة طالبان اجتماعا داخل المدرسة ....وكذلك فعل الجيش والأجهزة الأمنية الذين اتهموا حركة طالبان بالتخطيط لاجتماع يضم قادتهم فى المدرسة حسب زعمهم .

 

 

الأمم المتحدة وصفت الحادثة بأنها "مزعجة" وقالت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة فى أفغانستان : إنها تحقق فى "تقارير مقلقة" عن خسائر فادحة فى صفوف المدنيين إثر غارة جوية للطيران الأفغاني أول أمس ضد مدرسة قرآنية فى ولاية قندوز بشمال شرق البلاد . مضيفة فى بيان مقتضب : "نذكر كافة الأطراف بالإلتزام بحماية المدنيين من أثر النزاع المسلح" .

 

 

حادث مزعج وتقارير مقلقة وفتح "تحقيق" في الحادث هو ما تمخض عن المنظمة الأممية العتيدة بعد حادث مروع راح ضحيته أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى من الأطفال الأبرياء....كلمات وعبارات باتت معتادة من منظمة تقودها وتتحكم بها دول معروفة خصوصا حين يكون ضحايا الحادث من المسلمين أو ممن يتصفون بالالتزام بدين الله الحق....بينما يتم تفعيل جميع نصوص قوانين الأمم المتحدة وتستنفر كل منظماتها الحقوقية حين يكون الضحايا من غير المسلمين .

 

 

لا شيء يمكن أن يبرر الحادث المروع في المدرسة القرآنية الأفغانية أول أمس بتوقيع مقاتلات الحكومة , فوجود عدد من حركة طالبان – على فرض صحته - لا يبرر بأي حال من الأحوال استهداف مجموعة كبيرة من المدنيين الأبرياء بينهم أطفال وتلاميذ وآباء ومعلمين وزائرين......الخ .

 

 

إن شعار محاربة ما يسمى "الإرهاب" الذي تم تجاهل تحديد معالمه وحدوده وتجنب تعريفه وتوضيح ملامحه عن عمد وقصد....لم يجلب على العالم إلا الخراب والدمار ولم ينجح سوى في زيادة حدة العنف ومضاعفة أعداد المتطرفين .

 

 

تحت هذا الشعار تقوم قوات الاحتلال الصهيوني بقتل الأبرياء من المقاومين والمدافعين عن حقوقهم من الفلسطينيين , وباسم هذه الأكذوبة يتحول المحتل الغاصب إلى كيان و"دولة" و صاحب الحق والأرض إلى متطرف و"إرهابي" !!!

 

 

العجيب في هذا المصطلح "الإرهاب" أنه لم يطلق إلا على المسلمين الموحدين رغم كونهم أكثر ضحاياه في مفارقة عجيبة وتناقض صارخ غريب , فالمسلمون رغم كونهم المعتدى عليهم والمسلوبة حقوقهم والمضطهدون في كل مكان....هم أنفسهم "إرهابيون" تجب محاربتهم وقتلهم لمجرد مطالبتهم برفع الظلم عنهم ومجاهرتهم بضرورة استعادتهم لحقوقهم المشروعة .

 

 

لم يكتف أعداء الإسلام باستعمال هذا الشعار واستخدامه للنيل من المسلمين فحسب , بل عملوا على تمريره لعملائهم و وكلائهم في بعض الدول الإسلامية , ليصبح قتل أطفال سورية وأبريائها وتهجير اكثر من نصف أهلها خارج أرضهم على يد طاغية الشام مبرر ومشروع بذريعة وجود مقاومين وثائرين تم اعتبار جلهم "إرهابيين" وتم السماح بقصفهم بمن معهم من المدنيين الأبرياء بكافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا .

 

 

الإجابة على السؤال المتداول على لسان كل من يطلع أو يقرأ عن حادث المدرسة القرآنية المروع في إقليم قندوز بأفغانستان : بأي ذنب قتل هؤلاء ؟!! هو في الحقيقة من الضرورة بمكان إن كانت الحكومة الأفغانية جادة في إنهاء حالة الاقتتال مع حركة طالبان والجلوس على طاولة المفاوضات .