حول وفاة علامة الإيغور في المعتقل الصيني
17 جمادى الأول 1439
د. زياد الشامي

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبر قيام السلطات الصينية باعتقال أحد أبرز علماء تركستان الشرقية الشيخ محمد صالح كاشغري وبعض أفراد أسرته - ابنته السيدة نظيرة وصهره عادل تنياز – ليعقبه تداول نبأ استشهاد الشيخ في معتقله بعد 40 يوما من احتجازه .

 

 

لم تلتفت وسائل الإعلام ومحطات الأخبار والقنوات الفضائية لهذا النبأ ولم تبد أي اهتمام به في تجاهل واضح وصارخ لكل ما يهم المسلمين أو يتعلق بهم , في الوقت الذي تسلط فيه الماكينة الإعلامية العالمية الضوء على أتفه تفاصيل حياة شخصيات أخرى لا قيمة ولا وزن لها بمقياس العلم والعمل النافع .

 

 

لم يعد تجاهل وسائل الإعلام لمثل تلك الأنباء بجديد في ظل حملة الاضطهاد العالمية الممنهجة ضد المسلمين عموما والعلماء منهم على وجه الخصوص , ولم يعد تعامي الدول الغربية ومؤسسات ما يسمى حقوق الإنسان الدولية عن تجاوزات السلطات الصينية الفاضحة بحق مسلمي الإيغور واضطهادها المستمر لهم تحت شعار "مكافحة الإرهاب" .... بمستغرب بعد ثبوت تحاملها وتواطؤها ضد المسلمين .

 

 

لم تكن وفاة عالم بحجم الشيخ "محمد صالح كاشغري" الذي تجاوز عمره الثمانين عاما بعد اعتقاله من قبل السلطات الصينية بشكل تعسفي بعد فرض الإقامة الجبرية عليه منذ 13 عاما ....لتمر مرور الكرام لو كان يهوديا أو نصرانيا أو بوذيا أو ....ولكن كونه من أٌقية الإيغور المسلمة فقد مرت الجريمة دون حساب أو عتاب دولي أو حتى ضجيج إعلامي يتناسب وحجم الجريمة المرتكبة .

 

 

يعتبر الشيخ العلامة محمد صالح من أكابر علماء مسلمي تركستان الشرقية المعاصرين... ولد في بلدة أرتوج بالقرب من مدينة "كاشغر" ونشأ نشأة دينية في بيت علم وفضل , وحفظ القرآن الكريم وجوده في سن الحادية عشرة ، ثم تلقى العلم على والده الشيخ صالح داملا ، وملا عاشور ، وفاضل قاري ، وزين العابدين داملا وغيرهم من العلماء .

 

 

في عام 1956 التحق الشيخ بمعهد العلوم الإسلامية في بكين وتتلمذ على علماء الأزهر الوافدين ومنهم الدكتور بهى الدين الزياني، والشيخ حامد سليمان وغيرهم .

 

 

عمل الشيخ محمد بن صالح الكاشغري نائباً لرئيس الجمعية الإسلامية الصينية، ومدير المعهد الإسلامي بأورومـﭼـي سابقا، وعضو المؤتمر الاستشاري السياسي الصيني سابقا، ورشح لنيل جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1992م.

 

 

للشيخ الراحل العديد من المؤلفات أهمها : ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الأويغورية وطبعته مطبعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة ، ترجمة شرح القسطلاني على صحيح الإمام البخاري ، ترجمة الأدب المفرد للبخاري، ترجمة نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، ترجمة رياض الصالحين، تفسير جزء تبارك وعم، بالاضافة إلى ديوان أشعار وقصائد .

 

 

يمكن القول :إن الشيخ الراحل من أكثر العلماء الذين خدموا مسلمي تركستان الشرقية من خلال ترجمته للقرآن الكريم وكتب السنة والسيرة النبوية ومن الرموز المعروفين كذلك في العالم الإسلامي .

 

 

نعى الشيخ الراحل الكثير من الهيئات والمؤسسات الإسلامية وفي مقدمتها جمعية علماء مسلمي تركستان الشرقية التي أصدرت بيانا رسميا طالبت فيه السلطات الصينية بالإفراج الفوري عن أسرة الشيخ التي ما زالت رهن الاعتقال , وناشدت من خلاله الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والأمم المتحدة ومنظات حقوق الإنسان الدولية لمطالبة الصين بتوضيح مصير أسرة الشيخ والضغط عليها بشتى الوسائل من أجل الإفراج عنهم .

 

 

وفي إطار تفاعل العالم الإسلامي بوفاة علامة الإيغور أقامت عدة مساجد في العاصمة التركية أنقرة ومدينة إسطنبول صلاة الغائب على الشيخ محمد صالح كاشغري بعد الإعلان عن وفاته داخل سجون الاحتلال الصيني .

 

 

وقدرت بعض المصادر المعنية بقضية تركستان الشرقية عدد الحضور للصلاة على الشيخ الراحل في مسجد الفاتح بإسطنبول بنحو 15 ألف شخص؛ حيث حمل العديد منهم علم تركستان الشرقية .

 

 

لا يبدو أن الصين ستتوقف عن سياستها في اضطهاد مسلمي الإيغور واستهداف علمائهم بشكل خاص وهو ما يستدعي من الدول الإسلامية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف معاناة إخوانهم في العقيدة ومساعدتهم في نيل حقوقهم المشروعة .