أحلام الملالي تفجر غضب الإيرانيين
12 ربيع الثاني 1439
منذر الأسعد

فوجئت السلطات الإيرانية بعاصفة احتجاجات شعبية واسعة اجتاحت أربع مدن رئيسية في البلاد، تتصدرها (مشهد)- ثاني أكبر مدينة في إيران من جهة عدد سكانها، فضلاً عن مكانتها الدينية عندهم- ففيها كثير من الأضرحة والمزارات  وأهمها مرقد الإمام علي بن موسى الرضى و"مشهده" الذي أكسب  هذه المدينة اسمها بعد أن كانت قرية صغيرة تابعة لمدينة طوس التاريخية!!- .

 

انفجار السخط العام
ففي يوم أمس –الخميس- خرج أهالي مدينة مشهد الإيرانية،  في مظاهرات حاشدة احتجاجاً على البطالة والفقر ، ورفع المحتجون شعارات “الموت لروحاني والموت للديكتاتور”، ويراد بكلمة ( الديكتاتور) – عادةً- المرشد الأعلى علي خامنئي ، وقد رفع المحتجون لافتات تعلن رفضهم تدخلات إيران في البلدان العربية.

 

وكان المحتشدون احتجاجا على البطالة والغلاء والفقر تجمعوا، في ساحة “الشهداء” في مدينة مشهد ، وهتفوا  بشعارات مناوئة بالاسم للرئيس حسن روحاني الذي يتهمونه  بالفشل في تحقيق وعوده الانتخابية وأهمها: القضاء على البطالة والفقر في بلد يعد ثاني أكبر مصدّر للنفط بعد السعودية، وثاني مصدِّر للغاز بعد روسيا  إلا أن 25 مليون من سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر-بحسب الإحصاءات الرسمية-.

كما رفع المحتجون شعارات: “حولتم الإسلام إلى سلّم فأذللتم الشعب”  “انسحبوا من #سوريا وفكروا بنا” و”لا للبنان ولا لغزة.. نعم لإيران” في إشارة لدعم نظام الملالي للميليشيات الطائفية دعماً مالياً سخياً على حساب المواطن المثقل بالفقر والبطالة .

وانتقلت المظاهرات  من مشهد عاصمة محافظة “خراسان رضوي”  إلى “نيسابور” ثاني أكبر مدينة في المحافظة.  ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، أصيب عدد من المحتجين في اشتباكات مع قوات مكافحة الشغب.

 

وكانت   مظاهرات أقل حجماً اندلعت مطلع الأسبوع في أصفهان وسط إيران، احتجاجاً على أزمة البطالة ، وكان مسؤولون في هذه المدينة حذروا من تفاقم أزمة البطالة، حيث تشير الإحصاءات إلى طرد أكثر من 27 ألف شخص من العمل، بسبب إفلاس العديد من الشركات  خلال الأشهر التسعة الماضية.

 

آمالٌ محبطة
منذ مدة غير قصيرة، توقع المختصون بالشؤون الإيرانية انفجار الغضب الشعبي المكبوت؛نتيجة إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على مساندة بشار الأسد في البقاء في كرسي السلطة ضد شعبه الذي يطالب بالحرية والكرامة ووقف النهب المنتظم للثروات العامة.

في حين كان نظام خامنئي يراهن على تحسن أوضاع إيران الاقتصادية بتأثير الاتفاق النووي مع الدول الخمس +1 في ظل آمال كبرى على ارتفاع ملموس في أسعار النفط.

وعندما يعاني 15 مليون شخص –أي:أكثر من خُمس السكان- تحت خط الفقر في بلد غني بالنفط ومصادر المياه، يومتد طابور العاطلين عن العمل ليصل إلى 10 ملايين شخص،فإن الاستياء يتراكم ويشتد، وخاصة أن ثروة خامنئي الشخصية في البنوك الغربية لا تقل عن 95 مليار دولار –سنة 2015م وهو رقم يعادل 30 ضعفاً ثروة  الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي-

بينما تقدمه وسائل إعلامه في هيئة  "الناسك" المفرط في "الزهد"!! ويفترض فيه أنه لا يتحكم في المال العام، فمن أين جاءته هذه الأرقام الفلكية، بينما تتخذ 15 ألف عائلة مشردة من المقابر مساكن لها، في قلب العاصمة طهران نفسها؟  

وما يفاقم من الغضب في أوساط الفقراء والطبقة الوسطى المهمشة، تدفق مئات المليارات من إيران لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمليشيات الشيعية المسلحة في العراق وأفغانستان وباكستان وحزب الله اللبناني وجماعة  الحوثي في اليمن...ويقدر بعض المختصين إجمالي تلك التدفقات بما يربو على 306 مليارات دولار!!

ويرجح المعنيون بالشأن الإيراني  تصاعد التوتر داخلياً، في ضوء مشاعر  الأقليات الدينية والعرقية المكبوتة نتيجة السياسات العنصرية والطائفية للنظام الكهنوتي.

فهناك البلوش والعرب والكرد وأقلية سنية تعد بعشرات الملايين من المقموعين والمحرومين أبسط حقوقهم الفردية والعامة.