الأثر العقدي للقراءات القرآنية
12 جمادى الثانية 1440
د. زياد بن حمد العامر

مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن البحث في المسائل المشتركة بين العلوم يورث بياناً لمحكات النزاع، ويجلي مبهمات المسألة، ومما يدخل في هذا الباب البحث في المسائل المشتركة بين علم العقيدة وبين علم القراءات، ومن خلال مراجعتي لبعض المسائل العقدية وجدت أن هناك آثاراً عقدية متعلقة بالقراءات القرآنية الواردة في الآية المتعلقة بالمسألة، مما يجعلها مؤثرة في نتائج بحث المسألة، فأردت أن أمهد الطريق بذكر بعض المسائل في هذا الموضوع، وجعلت عنوان هذا البحث: (الأثر العقدي للقراءات القرآنية)

 

حدود البحث:
يتناول هذا البحث بيان أثر القراءات القرآنية في مسائل العقيدة، وذلك من خلال تناول ثلاثة مسائل ودراستها وفق منهج أهل السنة والجماعة.
وضابط القراءات التي أوردها في هذا البحث هي ما كان محتجاً بها ومعتمداً عليها عند أهل التخصص في القراءات القرآنية.
وقد سلكت في منهج البحث المنهج الاستقرائي في جمع مادة البحث العلمية، ثم المنهج التحليلي في التعامل مع هذه المادة العلمية واستخلاص النتائج منها.

 

وجاء ترتيب خطة البحث على ما يلي:
المقدمة
التمهيد
المبحث الأول / التساؤل بالأرحام.
المبحث الثاني / العذر بالجهل في مسائل العقيدة.
المبحث الثالث / دلالة القرآن على صفة الساق لله عز وجل.
الخاتمة

والله أسأل التوفيق والسداد في القول والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
 

تمهيد
ويشتمل على تعريف العقيدة، وتعريف القراءات، وبيان أهمية القراءات، وبيان ذلك كما يلي:

 

أولاً / تعريف العقيدة:
العقيدة والعقدية ترجع إلى أصل واحد (ع ق د)، والعقيدة في اللغة: اسم فعيلة من عقد، وهو الشد والربط والجزم.
قال ابن فارس: (العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شد وشدة وثوق، وإليه ترجع فروع الباب كلها... وعقد قلبه على كذا فلا ينزع عنه)(1).
وقال الفيومي: (اعتقدت كذا: عقدت عليه القلب والضمير، حتى قيل: العقيدة: ما يدين الإنسان به، وله عقيدة حسنة: سالمة من الشك)(2).

 

العقيدة في المعنى الاصطلاحي:
ذكر بعض أهل العلم أن لفظة العقيدة لم ترد في نصوص الكتاب والسنة(3)، ويمكن أن يُستدرك على ذلك(4) بحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يعتقد قلب مسلم على ثلاث خصال، إلا دخل الجنة)، قال: قلت: ما هن؟ قال: (إخلاص العمل، والنصيحة لولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)(5).

 

والمراد بالعقيدة في هذا البحث العقيدة الإسلامية، ويمكن تعريفها بأنها: (ما يشد ويربط الإنسان قلبه عليه من أصول الإيمان وما يلحق بها).
 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجزم واليقين متوجه إلى أصول الإيمان، أما بعض المسائل الاحتمالية غير القطعية مما يُلحق بأصول الإيمان فلا يلزم منه الجزم واليقين، وذلك من جنس اعتقاد دلالة قوله تعالى (يوم يكشف عن ساق) هل المراد بها صفة الساق لله؟ أم كشف الحرب عن شدتها؟(6).
 

ثانياً / تعريف القراءات:
عرفت القراءات بعدة تعاريف لعل من أجمعها أنها: (علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها معزواً لناقله(7))(8).

 

ثالثاً / أهمية القراءات:
تتجلى أهمية القراءات في أنها تبين معنى الآية، وتوضح ما يلتبس من دلالتها، وكل قراءة قد تزيد حكماً ليس في القراءة الأخرى، (ولم تزل العلماء تستنبط من كل حرف يقرأ به قارئ معنى لا يوجد في قراءة الآخر)(9)، إلى غير ذلك مما يبين أهمية القراءات.

 

وبعد بيان المراد بالعقيدة، والمراد بالقراءات، وبيان أهميتها على وجه الاختصار يحسن بيان بعض الأمثلة للمسائل العقدية التي تأثرت بالقراءات القرآنية، فمن ذلك:
1/ التساؤل بالأرحام.
2/ العذر بالجهل في مسائل العقيدة.
3/ قول ابن عباس في تفسير آية الساق.

 

المبحث الأول: التساؤل بالأرحام
المطلب الأول / القراءة في الآية والأثر العقدي المترتب على ذلك.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]

 

والأثر العقدي هو في قوله تعالى (والأرحامِ) على قراءة الخفض، وهي قراءة متواترة، وقد قرأ بها من القُرَّاء حمزة (10)، كما قرأ بها إبراهيم النخعي وقتادة والأعمش (11)، حيث يكون توجيه هذه القراءة أن الأرحام معطوفة على لفظ الجلالة المُقسَم به، والمعنى: اتقوا الله الذي تساءلون به، وتساءلون بالأرحام، فيوهم المعنى جواز الإقسام بالأرحام، وهذا من الإقسام بغير الله، ومن المتقرر شرعاً المنع من ذلك (12).
 

قال الزجاج عن قراءة حمزة أنها: (خطأ أيضاً في أمر الدين عظيم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحلفوا بآبائكم"(13) فكيف يكون: تساءلون به وبالرحم على ذا؟)(14).
 

وقد تعددت توجيهات أهل العلم لهذه القراءة على أقوال:
القول الأول / أن التوجيه الصحيح لقراءة الخفض أن (الأرحام) معطوفة بالواو على (تساءلون)، وأن دلالة كلمة (تساءلون) ليس المراد بها القسم بل المراد بها السؤال بالله (15)، والسؤال بسبب الرحم، فيكون معنى السؤال بالله في مثل قول القائل للآخر: أسألك بالله كذا وكذا، ويكون معنى السؤال بالرحم: أسألك بالرحم: أي أسألك بسبب الرحم التي بيني وبينك، فيكون هذا من صور التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة الذي هو من صور التوسل الجائز.
وممن اختار هذا التوجيه البغوي(16)، وابن تيمية، وغيرهما (17).

 

قال ابن تيمية: (أما على قراءة الخفض فقد قال طائفة من السلف: هو قولهم أسألك بالله وبالرحم، وهذا إخبار عن سؤالهم...
معنى قوله: أسألك بالرحم، ليس إقساما بالرحم - والقسم هنا لا يسوغ - لكن بسبب الرحم، أي لأن الرحم توجب لأصحابها بعضهم على بعض حقوقا كسؤال الثلاثة لله تعالى بأعمالهم الصالحة (18) وكسؤالنا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته.

 

ومن هذا الباب ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن ابن أخيه عبد الله بن جعفر كان إذا سأله بحق جعفر أعطاه وليس هذا من باب الإقسام؛ فإن الإقسام بغير جعفر أعظم بل من باب حق الرحم لأن حق الله إنما وجب بسبب جعفر وجعفر حقه على علي) (19).
 

وقال في موطن آخر: (وأما قول الناس: أسألك بالله وبالرحم، وقراءة من قرأ: (تساءلون به والأرحامِ) فهو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته، فسؤال السائل بالرحم لغيره، يتوسل إليه بما يوجب صلته: من القرابة التي بينهما، ليس هو من باب الإقسام، ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب، بل هو توسل بما يقتضي المطلوب، كالتوسل بدعاء الأنبياء، وبطاعتهم، والصلاة عليهم) (20).
 

وكثير ممن تكلم في تخريج قراءة حمزة كان جوابه (مبني على كون التساؤل بالأرحام هو قسماً بها، وهو خطأ، فإن السؤال بالله غير القسم بالله، والسؤال بالرحم غير الحلف بها.
 

وقد أوضح هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تيمية في القاعدة التي حرر فيها مسألة التوسل والوسيلة، فقال، وأجاد، وحقق كعادته جزاه الله عن دينه، ونفسه خير الجزاء) (21).
 

القول الثاني / أن تكون (الأرحامِ) معطوفة بالواو على الأمر بالتقوى، وهي مخفوضة بحرف الجر (في) المحذوف مع بقاء عمله، فيكون المعنى على ذلك: اتقوا الله واتقوه في الأرحام أن تقطعوها(22).
وممن قال بهذا التوجيه ابن عباس رضي الله عنه (23)، والحسن البصري (24)، وأبو عبيدة معمر بن المثنى (25)، والقرطبي (26).
قال ابن خالويه: (أما الكوفيون فأجازوا الخفض، واحتجوا للقارئ بأنه أضمر الخافض، واستدلوا بأن العجاج كان إذا قيل له: كيف تجدك، يقول: خيرٍ، عافاك الله، يريد: بخيرٍ.
 وقال بعضهم معناه: واتقوه في الأرحام أن تقطعوها)(27).

 

القول الثالث / أن تكون الواو هي واو القسم، والمقسِم هو الله، والمقسَم به هي الأرحام، وجواب القسم هو أن الله رقيب عليهم، ويكون المعنى على ذلك: وأقسم بالأرحام، أي أن الله أقسم بالأرحام، وجواب القسم: "إن الله كان عليكم رقيبا".
وممن قال بهذا التوجيه أبو حيان(28)، والقرطبي، وغيرهما(29).
قال القرطبي: (لا يبعد أن يكون "والأرحام" من هذا القبيل، فيكون أقسم بها كما أقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته وقدرته تأكيدا لها حتى قرنها بنفسه. والله أعلم.
 ولله أن يقسم بما شاء، ويمنع ما شاء، ويبيح ما شاء، فلا يبعد أن يكون قسما)(30).

 

المطلب الثاني: الترجيح.
مما سبق من عرض الأقوال في هذه المسألة، فإن أقوى التوجيهات هو القول بأن المراد بـ(تساءلون) هو السؤال بالرحم وليس القسم بها، مع جواز التوجيهين الآخرين.

 

ومما يقوي هذا الترجيح ما يلي:
1/ القول بأن الآية تعني أن المخاطبين يقسمون بالرحم، هذا يعتبر احتمالاً مشكلاً من الاحتمالات، وهناك احتمالات لا إشكال فيها (وإذا كان اللفظ محتملا لم يتعين الحمل على المعنى المشكل) (31).

 

2/ أن مما يجعل القول بأن الله هو الذي أقسم بالأرحام معنى مفضولاً هو أن هذا الأسلوب (يأباه نظم الكلام وسرده) (32) وإن كان ذلك مما يسوغ في اللغة.
 

3/ أن حمل المعنى على حذف حرف الجر مع بقاء عمله طريقة مفضولة عند النحاة – مع صحتها -، قال ابن مالك بعد ذكر قراءة حمزة: (ولأجل القراءة المذكورة والشواهد، لم أمنع العطف على ضمير الجر، بل نبهت على أن عود حرف الجر مع المعطوف مفضل على عدم عوده) (33).
 

4/ أنه لا يسوغ رد القراءة الثابتة - إذا لم يتبين معناها للمفسر - بكلام متكلف، (ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لان القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تواترا يعرفه أهل الصنعة، وإذا ثبت شيء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن رد ذلك فقد رد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور، ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو، فإن العربية تتلقى من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يشك أحد في فصاحته) (34).
 

5/ (أنه لا يجوز أن يُحمل كلام الله عز وجل ويُفسر بمجرد الاحتمال النحوي الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام، ويكون الكلام به له معنى ما، فإن هذا مقام غلط فيه أكثر المعربين للقرآن، فإنهم يُفسرون الآية ويعربونها بما يحتمله تركيب تلك الجملة، ويُفهم من ذلك التركيب أي معنى اتفق، وهذا غلط عظيم يَقطع السامع بأن مراد القرآن غيرُه.
 

وإن احتمل ذلك التركيب هذا المعنى في سياق آخر وكلام آخر، فإنه لا يلزم أن يحتمله القرآن، مثل قول بعضهم في قراءة من قرأ "والأرحامِ إن الله كان عليكم رقيبا" بالجر: إنه قسم.
 

... بل للقرآن عُرف خاص، ومعان معهودة لا يناسبه تفسيره بغيرها، ولا يجوز تفسيره بغير عرفة والمعهود من معانية، فإن نسبة معانية إلى المعاني، كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ، بل أعظم.
 

فكما أن ألفاظه ملوك الألفاظ وأجلها وأفصحها، ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي يعجز عنها قدر العالمين، فكذلك معانية أجل المعاني وأعظمها وأفخمها، فلا يجوز تفسيره بغيرها من المعاني التي لا تليق به، بل غيرها أعظم منها وأجل وأفخم، فلا يجوز حمله على المعاني القاصرة بمجرد الاحتمال النحوي الإعرابي.
 

فتدبر هذه القاعدة ولتكن منك على بال فإنك تنتفع بها في معرفة ضَعْفِ كثيرٍ من أقوال المفسرين وزيفها، وتقطع أنها ليست مراد المتكلم تعالى بكلامه) (35).
 

المبحث الثاني: العذر بالجهل في مسائل العقيدة
المطلب الأول / القراءة في الآية والأثر العقدي المترتب على ذلك.
قال تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 111 - 113]

 

والأثر العقدي هو في قوله تعالى (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ)، وقد استدل جمع من أهل العلم بهذه الآية على مسألة مهمة من مسائل الاعتقاد وهي مسألة العذر بالجهل في مسائل الاعتقاد، وأن من عوارض الأهلية المانعة من التكفير هو الجهل، وحدود الجهل الذي يعذر به صاحبه فإنه ليس كل جهلٍ معذور صاحبه إذ (لو عُذِرَ الجاهل لأجل جهله لكان الجهل خيراً من العلم إذ كان يحُط عن العبد أعباء التكليف، ويريح قلبه من ضروب التعنيف، فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ والتمكين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرُسل) (36)، ويتمثل الأثر العقدي في أن قول الحواريين(37) (هل يستطيع ربك) - وهي قراءة جمهور القراء عدا الكسائي (38) - يعتبر شكاً في قدرة الله على إنزال المائدة، والشك في قدرة الله كفرٌ لا يناسب حال الحواريين ومكانتهم حيث يُعتبرون بالنسبة لنبي الله عيسى عليه السلام كالصحابة رضوان الله عليهم بالنسبة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهم أولى الناس في معرفة قدرة الله الشاملة لكل شيء، ولكنهم لم يكفروا بسبب جهلهم، وقابلهم فريق آخر قرروا أن هذه الآية لا يستدل بها على هذه المسألة، لأن القراءة الأخرى لهذه الآية توضح أن الحواريين لم يكونوا شاكين في قدرة الله، وبسبب هذا الخلاف فقد تعددت أقوال أهل العلم في توجيه هذه الآية كما سيأتي إن شاء الله.
 

قال الشوكاني رحمه الله: (قرأ الكسائي: {هل تستطيع} بالفوقية ونصب {ربَّك} وبه قرأ علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد، وقرأ الباقون بالتحتية ورفع {ربك} واستشكلت القراءة الثانية بأنه قد وصف سبحانه الحواريون بأنهم قالوا: {آمنا واشهد بأننا مسلمون} والسؤال عن استطاعته لذلك ينافي ما حكوه عن أنفسهم) (39).
 

وقد تعددت أقوال أهل العلم في توجيه هذه الآية ويمكن إجمال أبرزها في مسلكين (40):
المسلك الأول / أن هذا القول الصادر من الحواريين يعتبر شكاً في قدرة الله، وقد اختلف أصحاب هذا المسلك في توجيه ذلك على أقوال:

 

القول الأول / أن هذا القول من الحواريين يعتبر شكاً في بعض أفراد القدرة لله عز وجل، وليس شكاً في أصل صفة القدرة لله سبحانه، والشك في بعض أفراد القدرة لله سبحانه موجب للكفر ومع ذلك فهم مؤمنون وليسوا بكفار بسبب جهلهم، وذلك لأن بعض صور أفراد قدرة الله قد تخفى على بعض الناس حتى ولو كانوا من الخاصة كالحواريين، مع أن هذا القول الصادر منهم قد يكون في أول إسلامهم قبل أن تستحكم معرفتهم بالله.
 

وجعل أصحاب هذا القول نظيرَ قول الحواريين ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر فوالله لئن قدر على ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحدا، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض: أدى ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت، فقال: خشيتك يا رب - أو قال – مخافتك، فغفر له بذلك) (41).
 

قالوا فهذا رجل شك في بعض أفراد قدرة الله ومع ذلك لم يكفر بسبب جهله، وجعلوا هذا دليلاً على أن الجهل عارض من عوارض الأهلية المانعة من التكفير.
وممن قال بهذا القول ابن حزم، والشوكاني، وطائفة من السلف (42) رحمهم الله.

 

قال ابن حزم بعد كلام له على أن الجهل مانع من موانع التكفير: (أبين من شيء في هذا (43) قول الله تعالى: "وإذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء" إلى قوله "ونعلم أن قد صدقتنا"، فهؤلاء الحواريون الذين أثنى الله عز وجل عليهم قد قالوا بالجهل لعيسى عليه السلام هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ولم يبطل بذلك إيمانهم، وهذا ما لا مخلص منه، وإنما كانوا يكفرون لو قالوا ذلك بعد قيام الحجة وتبيينهم لها) (44).
 

وقال الشوكاني: (هذا كان في أول معرفتهم قبل أن تستحكم معرفتهم بالله ولهذا قال عيسى في الجواب عن هذا الاستفهام الصادر منهم: {اتقوا الله إن كنتم مؤمنين} أي لا تشكوا في قدرة الله)(45).
 

القول الثاني / أن هذا القول والشك من الحواريين لا يصدر من مؤمنين، وأن عليهم الرجوع إلى الإيمان.
وذهب إلى هذا القول الطبري والزمخشري.
قال الطبري: (وأولى القراءتين عندي بالصواب، قراءة من قرأ ذلك: "هَلْ يَسْتَطِيعُ" بالياء "رَبُّكَ" برفع "الربّ"، بمعنى: هل يستجيب لك إن سألته ذلك ويطيعك فيه؟

 

وإنما قلنا ذلك أولى القراءتين بالصواب، لما بيّنّا قبلُ من أن قوله: "إذ قال الحواريون"، من صلة "إذ أوحيت"، وأنَّ معنى الكلام: وإذ أوحيت إلى الحواريون أن آمنوا بي وبرسولي، إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربَّك؟ فبيِّنٌ إذ كان ذلك كذلك، أن الله تعالى ذكره قد كرِه منهم ما قالوا من ذلك واستعظمه، وأمرهم بالتوبة ومراجعة الإيمان من قِيلهم ذلك، والإقرارِ لله بالقدرة على كل شيء، وتصديقِ رسوله فيما أخبرهم عن ربِّهم من الأخبار.
 

وقد قال عيسى لهم عند قيلهم ذلك له استعظامًا منه لما قالوا:"اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"، ففي استتابة الله إيّاهم ودعائه لهم إلى الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم عند قيلهم ما قالوا من ذلك، واستعظام نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم كلمتهم، الدلالةُ الكافيةُ من غيرها على صحة القراءة في ذلك بالياء ورفع"الرب"، إذ كان لا معنى في قولهم لعيسى، لو كانوا قالوا له:"هل تستطيع أن تسأل ربَّك أن ينزل علينا مائدة من السماء"؟ أن يُستكبر هذا الاستكبار.
...
"اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا". فقد أنبأ هذا من قيلهم أنهم لم يكونوا يعلمون أن عيسى قد صدقهم، ولا اطمأنت قلوبهم إلى حقيقة نبوته، فلا بيان أبين من هذا الكلام، في أن القوم كانوا قد خالط قلوبهم مرض وشك في دينهم وتصديق رسولهم، وأنهم سألوا ما سألوا من ذلك اختبارا.
...
وأما قوله: "قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين" فإنه يعني: قال عيسى للحواريين القائلين له: "هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء" راقبوا الله، أيها القوم، وخافوه أن ينزل بكم من الله عقوبة على قولكم هذا، فإن الله لا يعجزه شيء أراده، وفي شككم في قدرة الله على إنزال مائدة من السماء كفر به، فاتقوا الله أن ينزل بكم نقمته.

 

"إن كنتم مؤمنين"، يقول: إن كنتم مصدقي على ما أتوعدكم به من عقوبة الله إياكم على قولكم:"هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء"؟) (46).
وقال الزمخشري: (فإن قلت:
كيف قالوا: " هل يستطيع ربك " بعد إيمانهم وإخلاصهم؟
قلت: ما وصفهم الله بالإيمان والإخلاص، وإنما حكى ادعاءهم لهما (47) ثم اتبعه قوله " إذ قالوا " فآذن أن دعواهم كانت باطلة وأنهم كانوا شاكين.

 

وقوله " هل يستطيع ربك " كلام لا يرد مثله عن مؤمنين معظمين لربهم، وكذلك قول عيسى عليه السلام لهم معناه اتقوا الله ولا تشكوا في اقتداره واستطاعته ولا تقترحوا عليه ولا تتحكموا ما تشتهون من الآيات فتهلكوا إذا عصيتموه بعدها
" إن كنتم مؤمنين " إن كانت دعواكم للإيمان صحيحة) (48).

 

القول الثالث / أن هذه المقالة (هل يستطيع ربك) ليست من قول الحواريين، وإنما مِن قول مَن كان مصاحباً لهم.
وذهب إلى هذا القول القرطبي.
قال القرطبي: (الحواريين خُلصان الأنبياء ودخلاؤهم وأنصارهم كما قال: " من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله " [الصف: 14].

 

وقال عليه السلام: " لكل نبي حواري وحواري الزبير "(49) ومعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جاءوا بمعرفة الله تعالى وما يجب له وما يجوز وما يستحيل عليه وأن يبلغوا ذلك أممهم، فكيف يخفى ذلك على من بَاطَنَهم واختص بهم حتى يجهلوا قدرة الله تعالى؟
 

إلا أنه يجوز أن يقال: إن ذلك صدر ممن كان معهم، كما قال بعض جهال الأعراب للنبي صلى الله عليه وسلم: " اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " (50)، وكما قال من قال من قوم موسى: " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة " [الأعراف: 138]) ثم حكى توجيهاً آخر وقال بعده (قلت: وهذا تأويل حسن، وأحسن منه أن ذلك كان من قول من كان مع الحواريين) (51).
 

المسلك الثاني / أن هذا القول الصادر من الحواريين لا يعتبر شكاً في قدرة الله، وقد قال ابن الأنباري: (لا يجوز أحد أن يتوهم على الحواريين أنهم شكوا في قدرة الله تعالى) (52)، وقال ابن عطية (لا خلاف أحفظه أنهم كانوا مؤمنين، وهذا هو ظاهر الآية) (53)، وقد اختلف أصحاب هذا المسلك في توجيه ذلك على أقوال منها:
 

القول الأول / أن قول الحواريين (هل يستطيع ربك) ليس شكاً في قدرة الله، وإنما هو جار على طريقة العرب في العرض يقولون للمستطيعِ لأمر: هل تستطيع كذا؟ على معنى هل تفعل كذا؟.
 

وممن قال بهذا القول ابن الجوزي (54)، والواحدي (55)، وابن عطية (56)، والبغوي، وابن جزي، وابن هشام (57)، وابن تيمية، والطاهر ابن عاشور، والزركشي (58)، والسيوطي (59)، والسعدي (60)، وغيرهم (61) رحم الله الجميع.
 

قال البغوي: (لم يقولوه شاكين في قدرة الله عز وجل، ولكن معناه: هل ينزل ربك أم لا؟ كما يقول الرجل لصاحبه هل تستطيع أن تنهض معي وهو يعلم أنه يستطيع، وإنما يريد هل يفعل ذلك أم لا) (62).
 

وقال ابن جزي: (ظاهر هذا اللفظ أنهم شكوا في قدرة الله تعالى على إنزال المائدة، وعلى هذا أخذه الزمخشري، وقال: ما وصفهم الله بالإيمان ولكن حكى دعواهم في قولهم آمنا.
 

وقال ابن عطية وغيره: ليس كذلك لأنهم شكوا في قدرة الله، لكنه بمعنى هل يفعل ربك هذا، وهل يقع منه إجابة إليه، وهذا أرجح لأن الله أثنى على الحواريين في مواضع من كتابه، مع أن في اللفظ بشاعة تُنْكَر) (63).
وقال ابن تيمية: (كما يقال للرجل؛ هل تقدر أن تفعل كذا؟ أي هل تفعله؟ وهو مشهور في كلام الناس) (64).

 

القول الثاني /(65) أن قول الحواريين (هل يستطيع ربك) بمعنى: هل يستجيب لك إن سألته ذلك ويطيعك فيه؟ فتكون (يستطيع) بمعنى يطيع، يقال أطاع واستطاع بمعنى واحد، كقولهم أجاب واستجاب، معناه: هل يطيعك ربك بإجابة سؤالك (66).
وذهب إلى هذا القول السدي، وأبو هلال العسكري (67) رحمهما الله.
قال السدي: (المعنى هل يطيعك ربك إن سألته " أن ينزل " فيستطيع بمعنى يطيع، كما قالوا: استجاب بمعنى أجاب، وكذلك استطاع بمعنى أطاع) (68).

 

المطلب الثاني: الترجيح.
الذي يظهر رجحانه – والله أعلم – هو القول بأن الحواريين لم يشكوا في قدرة الله، وأن كلامهم محمول على أن هذا الأسلوب جار على طريقة العرب في العرض يقولون للمستطيع لأمر: هل تستطيع كذا؟ على معنى تفعل كذا؟، أو أن هذا القول بمعنى: هل يستجيب لك إن سألته ذلك ويطيعك فيه؟ فتكون (يستطيع) بمعنى يطيع، يقال أطاع واستطاع بمعنى واحد، كقولهم أجاب واستجاب، ومعناه: هل يطيعك ربك بإجابة سؤالك.

 

ومما يرجح هذا القول أمور /
1/ أن القراءة الأخرى المتواترة في الآية وهي (هل تستطيع ربَّك) بالتاء ونصب (ربك) تؤيد هذا المعنى، فقد قرأ بها علي، وعائشة، ومعاذ، وابن عباس، ومن التابعين مجاهد وسعيد بن جبير، ومن القراء الكسائي (69).
وقرأ باقي القراء (هل يستطيع ربك) (70).
فيكون معنى الآية على هذه القراءة هل " تستطيع " أي " هل تسأل لنا ربَّك "، فعبّر بالاستطاعة عن طلب الطاعة، أي إجابة السؤال.
وقيل: هي على حذف مضاف تقديره " هل تستطيع سؤال ربِّك "، فأقيم المضاف إليه " ربِّك " مُقام المضاف " سؤال " في إعرابه (71).
و على هذا المعنى لا يكون الحواريُّون قد قالوا ما قالوه شاكين في قدرة الله، ولا يكون مما يكفر به قائله، وبالتالي فلا حجّة في الآية على العذر بالجهل، فضلاً عن وقوعه.
قال الطبري: (قرأ ذلك جماعة من الصحابة والتابعين: " هَلْ تَسْتَطِيعُ " بالتاء " رَبَّكَ " بالنصب، بمعنى: هل تستطيع أن تسأل ربك؟
أو: هل تستطيع أن تدعوَ ربَّك؟
أو: هل تستطيع وترى أن تدعوه؟
وقالوا: لم يكن الحواريون شاكِّين أن الله تعالى ذكره قادرٌ أن ينزل عليهم ذلك، وإنما قالوا لعيسى: هل تستطيع أنت ذلك) (72).
وقال ابن جزي: (وقرئ " تستطيع " بتاء الخطاب " ربك " بالنصب أي هل تستطيع سؤال ربك وهذه القراءة لا تقتضي أنهم شكوا) (73).
وقال البغوي: (قرأ الكسائي "هل تستطيع" بالتاء "ربك" بنصب الباء وهو(74) قراءة علي وعائشة وابن عباس ومجاهد، أي: هل تستطيع أن تدعو وتسأل ربك) (75).

 

2/ أن جمعاً من الصحابة قرأ هذه الآية (تستطيع) رفعا للتوهم في شك الحواريين (76).
فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان الحواريون لا يشكون أن الله قادر أن ينزل عليهم مائدة، ولكن قالوا: يا عيسى هل تستطيع ربك؟) (77).
قال ابن عطية رحمه الله بعد ذكره لقراءة (يستطيع): (وبسببها (78) مال فريق من الصحابة وغيرهم إلى غير هذه القراءة، فقرأ علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وابن عباس وعائشة وسعيد بن جبير " هل تستطيع ربك " بالتاء ونصب الباء من " ربك " المعنى هل تستطيع أن تسأل ربك) (79).

 

3/ أن جمعاً من التابعين أيضاً قرأ هذه الآية (تستطيع) رفعا للتوهم في شك الحواريين (80).
فعن عن سعيد بن جبير رحمه الله: أنه قرأها كذلك: (هل تستطيع ربك)، وقال: (تستطيع أن تسأل ربك، وقال: ألا ترى أنهم مؤمنون؟) (81).

 

4/ أن جمعاً من أهل العلم جعل نظير هذه الآية آية إبراهيم في قوله تعالى (قال أولم تؤمن قال بلى)، فالحواريون (كانوا عالمين باستطاعة الله تعالى لذلك ولغيره علم دلالة وخبر ونظر فأرادوا علم معاينة كذلك، كما قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم: " رب أرني كيف تحيي الموتى " [البقرة: 260]...، وقد كان إبراهيم علم لذلك علم خبر ونظر، ولكن أراد المعاينة التي لا يدخلها ريب ولا شبهة، لان علم النظر والخبر قد تدخله الشبهة والاعتراضات، وعلم المعاينة لا يدخله شيء من ذلك، ولذلك قال الحواريون: " وتطمئن قلوبنا " كما قال إبراهيم: " ولكن ليطمئن قلبي ") (82).
 

5/ أن هذا أسلوب مشهور في لغة العرب يقولون للمستطيع لأمر: هل تستطيع أن تفعل كذا؟ أي نطلب منك أن تفعل كذا (83).
قال النحاس: (معروف في كلام العرب أن يقال هل يستطيع أن يقوم؟ بمعنى هل يستطيع أن يفعل ذلك بمسألتي، وأنت تعرف أنه يستطيعه) (84).

 

وقال الطاهر ابن عاشور: (جرى قوله تعالى: {هل يستطيع ربّك} على طريقة عربية في العرض والدعاء، يقولون للمستطيع لأمر: هل تستطيع كذا، على معنى تطلّب العذر له إن لم يجبك إلى مطلوبك، وأنّ السائل لا يحبّ أن يكلّف المسؤول ما يشقّ عليه، وذلك كناية فلم يبق منظوراً فيه إلى صريح المعنى المقتضي أنّه يشكّ في استطاعة المسؤول، وإنّما يقول ذلك الأدنى للأعلى منه، وفي شيء يعلم أنه مستطاع للمسؤول، فقرينة الكناية تحقّقُ المسؤول أنّ السائل يعلم استطاعته.
 

ومنه ما جاء في حديث يحيى المازني " أنّ رجلاً قال لعبد الله بن زيد: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله يتوضّأ " (85)، فإنّ السائل يعلم أنّ عبد الله بن زيد لا يشقّ عليه ذلك.
 

فليس قول الحواريّين المحكي بهذا اللفظ في القرآن إلاّ لفظاً من لغتهم يدلّ على التلطّف والتأدّب في السؤال، كما هو مناسب أهل الإيمان الخالص، وليس شكّاً في قدرة الله تعالى ولكنّهم سألوا آية لزيادة اطمئنان قلوبهم بالإيمان بأن ينتقلوا من الدليل العقلي إلى الدليل المحسوس، فإنّ النفوس بالمحسوس آنس، كما لم يكن سؤال إبراهيم بقوله {ربّ أرني كيف تحيي الموتى} [البقرة: 260] شكّاً في الحال.
وعلى هذا المعنى جرى تفسير المحققين) (86).

 

أما قول بعض أهل العلم بأن الحواريين لا يمكن أن يصدر منهم شك في بعض أفراد القدرة لله، فهذا القول محل تأمل فإن بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم قد صدر منه قريب من هذا القول، فعن سنان بن أبي سنان أنه سمع أبا واقد الليثي رضي الله عنه يقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بكفر - وكانوا أسلموا يوم الفتح – قال: فمررنا بشجرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط (87)، وكان للكفار سدرة يعكفون حولها ويعلقون بها أسلحتهم يدعونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: (الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " لتركبن سنن من كان قبلكم) (88).
 

وقول بعض أهل العلم بأن الحواريين قد خرجوا من الإيمان، محل تأمل، فإن الله أخبر عنهم بأنهم مسلمون كما في قوله{قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: 111]، وأخبر سبحانه أنه من يكفر بعد نزول المائدة فإن الله يعذبه كما في قوله{قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 115]، فدل على أن الحواريين لم يكفروا قبل نزول المائدة بسبب مقولتهم.
 

ومهما أمكن حمل قول الحواريين على المحمل الحسن فهو أولى بالتقديم من حمله على المعنى المستبشع، ومن ذلك أن حمل قول الحواريين على الطلب من الله أن ينزل عليهم المائدة أولى بالتقديم من حمل قولهم على الشك في قدرة الله أو حتى في بعض أفراد القدرة وأن ذلك كان جهلاً منهم أو كان في أول إسلامهم، والله أعلم.
 

المبحث الثالث: قول ابن عباس في تفسير آية الساق
المطلب الأول / القراءة في الآية والأثر العقدي المترتب على ذلك
قال تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42]، والأثر العقدي هو في قوله تعالى (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ)، وقد استدل جمع من أهل العلم بهذه الآية على اثبات صفة الساق لله عز وجل على الوجه الذي يليق به سبحانه وتعالى، وممن نُسب إليه القول بذلك ابن عباس رضي الله عنه، ولكن القراءة المنسوبة له تبين خلاف ذلك كما سيأتي بإذن الله.
ولم يقع التنازع بين الصحابة والتابعين في شيء من نصوص الصفات إلا في هذه الآية (89)، وأمثالها (90).

 

والخلاف في هذه الآية محتمل لأنه من المعلوم (أن قوله تعالى "يوم يكشف عن ساق " ليس نصاً في أن الساق صفة لله تعالى؛ لأنه جاء منكرا غير معرّف فيكون قابلاً كونه صفة وكونه غير صفة وتعيينه لواحد من ذلك يتوقف على الدليل) (91).
وقد اختلف أهل العلم في دلالة هذه الآية على صفة الساق على قولين:

 

القول الأول / أن هذه الآية تعتبر من نصوص الصفات، وبناء على ذلك فإنه تُثبت لله استنباطاً من هذه الآية صفة الساق على الوجه اللائق به سبحانه ولا يماثل صفات المخلوقين.
 

وممن قال بهذا القول أبو سعيد الخدري (92)، وابن مسعود (93)، والبخاري (94)، وأبي يعلى(95)، وابن القيم (96)، والشوكاني (97)، والسعدي، وابن باز (98)، وابن عثيمين (99)، والألباني (100)، وذكره ابن تيمية احتمالاً (101).
 

قال السعدي: (إذا كان يوم القيامة، وانكشف فيه من القلاقل والزلازل والأهوال ما لا يدخل تحت الوهم، وأتى الباري لفصل القضاء بين عباده ومجازاتهم فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء، ورأى الخلائق من جلال الله وعظمته ما لا يمكن التعبير عنه، فحينئذ يدعون إلى السجود لله، فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله، طوعًا واختيارًا، ويذهب الفجار المنافقون ليسجدوا فلا يقدرون على السجود) (102).
 

ومما استدلوا به:
1/ ما ورد من التفسير المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (103) في بيان معنى هذه الآية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا جمع الله العباد في صعيد واحد نادى مناد ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، فيلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ها هنا، فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجودا، وذلك قول الله تعالى {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون}، ويبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة)(104).

 

2/ مطابقة الآية لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل في وصف أحداث يوم القيامة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا)(105)، مما يدل على أن معنى الآية محمول على معنى الحديث (106).
وقد يُعترض على لفظة "ساقه" في هذا الحديث بأنها وردت بلفظ "ساق" بدون إضافة، قال ابن حجر بعد ذكره رواية "ساقه": (أخرجها الإسماعيلي كذلك، ثم قال في قوله "عن ساقه": نكرة (107).
ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ "يكشف عن ساق" قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء) (108).

 

والجواب على ذلك /
1/ أن هذا اللفظ إضافة لرواية البخاري له فقد رواه مسلم أيضاً في بعض نسخه قال البيهقي بعد ذكره لرواية البخاري: (رواه البخاري في "الصحيح"، عن ابن بكير، ورواه عن آدم بن أبي إياس، عن الليث مختصرا، وقال في الحديث يكشف ربنا عن ساقه.
ورواه مسلم؛ عن عيسى بن حماد، عن الليث كما رواه ابن بكير) (109).

 

2/ قال الألباني: (وإن كنت أرى من حيث الرواية أن لفظ " ساق " أصح من لفظ " ساقه "، فإنه لا فرق بينهما عندي من حيث الدراية، لأن سياق الحديث يدل على أن المعنى هو ساق الله تبارك وتعالى، وأصرح الروايات في ذلك رواية هشام عند الحاكم بلفظ: " هل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق... ".
قلت: فهذا صريح أو كالصريح بأن المعنى إنما هو ساق ذي الجلالة تبارك وتعالى، فالظاهر أن سعيد بن أبي هلال كان يرويه تارة بالمعنى حين كان يقول: " عن ساقه ". ولا بأس عليه من ذلك ما دام أنه أصاب الحق.

 

و أن مما يؤكد صحة الحديث في الجملة ذلك الشاهد عن ابن مسعود الذي ذكره البيهقي مرفوعا، وإن لم أكن وقفت عليه الآن مرفوعا، وقد أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " (ص 115) من طريق أبي الزعراء قال: " ذكروا الدجال عند عبد الله، قال: تفترقون أيها الناس عند خروجه ثلاث فرق... فذكر الحديث بطوله: وقال: ثم يتمثل الله للخلق، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف لنا عرفناه فعند ذلك يكشف عن ساق، فلا يبقى مؤمن ولا مؤمنة إلا خر لله ساجدا ".
 

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزعراء، واسمه عبد الله ابن هانىء الأزدي، وقد وثقه ابن سعد، وابن حبان، والعجلي، ولم يرو عنه غير ابن أخته سلمة ابن كهيل.
 

ووجدت للحديث شاهدا آخر مرفوعا وهو نص في الخلاف السابق في " الساق " وإسناده قوي، فأحببت أن أسوقه إلى القراء لعزته وصراحته وهو:
"إذا جمع الله العباد بصعيد واحد نادى مناد: يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ههنا؟
فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه، فيقعون سجدا وذلك قول الله تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) ويبقى كل منافق، فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة") (110).

 

القول الثاني / أن هذه الآية لا تعتبر من نصوص الصفات، وبناء على ذلك فإنه لا تثبت صفة الساق لله من هذه الآية.
ومما يحسن التنبيه عليه هنا أنه عند نسبة القول لأحد بنفي صفة الساق من هذه الآية فإنه لابد من التصريح بنفي صفة الساق من هذه الآية، ولا يكفي تفسيره الآية بالشدة أو النور، ونحو ذلك، وأكثر الذين نُسب لهم هذا القول لم أقف على كلام صريح لهم في نفي صفة الساق من هذه الآية، وإنما الذي وقفت عليه – على تقدير ثبوته - هو تفسيرهم لهذه الآية بالكرب والشدة، أو النور العظيم، وهذا التفسير لا يلزم منه نفي دلالة الآية على صفة الساق بل يمكن حمل الآية على المعنيين جميعاً.

 

ويُنسب هذا القول لابن عباس (111)، ومجاهد (112)، وسعيد ابن جبير (113)، وقتادة (114)، وعكرمة (115)، والحسن البصري (116)، والاسماعيلي (117)، وابن تيمية، والقول الثاني المتأخر لابن القيم (118).
قال ابن تيمية رحمه الله: (لا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال "يوم يكشف عن ساق" ولم يضفها الله تعالى إلى نفسه، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنها من الصفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف) (119).

 

ومما استدلوا به:
1/ ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى " يوم يكشف عن ساق " قال (عن نور عظيم فيخرون له سجداً) (120).

 

2/ (أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال " يوم يكشف عن ساق " ولم يضفها الله تعالى إلى نفسه، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنها من الصفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف) (121).
 

المطلب الثاني: الترجيح.
بعد بيان الأقوال في المطلب السابق يظهر –والله أعلم- أن الأقرب للصواب هو القول بأن هذه الآية تعتبر من نصوص الصفات، وأنه يثبت منها صفة الساق لله سبحانه وتعالى.

 

وذلك لما يلي:
1/ ثبوت التفسير النبوي للآية كما سبق في أدلة القول الأول.

 

2/ مطابقة حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين للآية، مما يؤيد أن معنى الآية محمول على معنى الحديث كما سبق في أدلة القول الأول.
 

3/ أن تفسير الكشف عن الساق في الآية بالكشف عن الشدة لا يصح، وذلك أن للكشف معنيين:
(يُقال: كَشَفَ البلاء: أي أزاله ورفعه.
ويقال: كَشَفَ عنه: أي أظهره وبينه.

 

فمن الأول قوله تعالى {ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون}، وقوله تعالى {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون}، وقوله تعالى {فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون}.
 

ومن الثاني قوله تعالى {يوم يكشف عن ساق}، لم يقل: يوم يكشف الساق، وهذا يبين خطأ من قال المراد بهذه كشف الشدة، وأن الشدة تسمى ساقا، وأنه لو أريد ذلك لقيل يوم يكشف عن الشدة، أو يكشف الشدة) (122).
 

فتفسير الساق بـ (الشِّدَّة لا يصح، لأن المستعمل في الشِّدَّة أن يقال: كشف الله الشِّدَّة، أي: أزالها، كما قال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ}، وقال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العَذَابَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ}، وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}، وإذا كان المعروف من ذلك في اللغة أن يقال: كشف الشِّدَّة؛ أي: أزالها؛ فلفظ الآية: {يكشف عن ساق}، وهذا يراد به الإظهار والإبانة؛ كما قال: {كشفنا عنهم}) (123).
 

ولغة العرب لا تساعد على تفسير الساق بالشدة (فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال كَشَفْتُ الشدةَ عن القوم، لا كَشَفْتُ عنها، كما قال الله تعالى " فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون "، وقال " ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ".
 فالعذاب والشدة هو المكشوف لا المكشوف عنه)(124).

 

4/ أن تفسير الكشف عن الساق بالشدة غير صحيح، وذلك أنه لو كان المراد كذلك لكان كشف الشدة يشمل المؤمنين والكفار، و(يوم القيامة لا يكشف الشدة عن الكفار)(125).
 

5/ أن تفسير الكشف عن الساق بإزالة الشدة غير صحيح وذلك لأن ذلك الموقف هو وقت حدوث الشدة، وليس زوال الشدة(126).
 

6/ أن تركيب الكلام وسياقه وتدبر المعنى يدل على أن ظاهر الآية فيه دلالة على صفة الساق لله(127)، ووجه هذا أن (ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود، والسجود لا يصلح إلا لله، فعلم أنه هو الكاشف عن ساقه)(128).
 

7/ أنه لم يصح تفسير ابن عباس للآية بالشدة (والرواية في ذلك عن ابن عباس ساقطة الإسناد)(129).
 

وحتى لو ثبتت هذه الرواية عن ابن عباس فلا يصح الاستدلال بها على هذه المسألة، وذلك أن بن عباس كان يقرأ هذه الآية بلفظ (يوم تكشف عن ساق) فهو يقصد يوم القيامة ولا يقصد الله عز وجل، فقد أخرج الفراء بإسناده (عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قرا (يوم تكشف عن ساق) يريد: القيامة والساعة لشدتها)(130)، قال أبو حاتم السجستاني: (من قرأ بالتاء: أي تكشف الآخرة عن ساق، يستبين منها ما هو غائب عنه)(131).
 

وممن ذكر قراءة ابن عباس هذه النحاس(132) وقال: (هذا اسناد مستقيم)، والقرطبي (133)، وقال السيوطي: (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن منده من طريق: عمرو ابن دينار، قال: كان ابن عباس يقرأ: {يوم تَكْشِف عن ساق} - بفتح التاء -، قال أبو حاتم السجستاني: أي تكشف الآخرة عن ساقها) (134).
 

8/ أنه وإن كانت الآية لا يقصد منها إثبات صفة الساق أصالة (135)، فإن هذا لا يمنع صحة إثبات صفة الساق من الآية استنباطاً.
 

الخاتمة
الحمد لله على ما يسر من إتمام هذا البحث، وقد توصلت الدراسة إلى ما يلي:
-    أهمية البحث في الموضوعات المشتركة بين العلوم، حيث يتجلى أثر كل علم على الآخر.
-    أهمية دراسة القراءات القرآنية ومدى تأثيرها على المسائل العقدية، حيث يتجلى بسببها كثير من الإشكالات.
-    أهمية تحريرثبوتكثيرمنالقراءاتالقرآنيةنظراًلمايترتبعليهامنأثرفيدلالةالآية.
-    أن القراءة الواردة في سورة النساء في قوله تعالى (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ) لها توجيهات صحيحة عند أهل العلم، منها أن المراد السؤال بالرحم وليس الإقسام بالرحم.
-    أن القراءة الواردة في سورة المائدة في قوله تعالى على لسان الحواريين (هل يستطيع ربك) لها توجيهات صحيحة عند أهل العلم، منها أن هذا جار على أسلوب العرب في الطلب من المستطيع وليس إنكار الاستطاعة.
-    أن القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى (يوم يكشف عن ساق) ليس نفياً منه لدلاله الآية على هذه الصفة لأنه كان يقرأ الآية بقراءة أخرى (يوم تكشف عن ساق) ويريد بذلك القيامة.

 

ومن التوصيات الناتجة عن هذا البحث:
-    جمع القراءات القرآنية في كامل القرآن والنظر في مدى تأثيرها على المسائل العقدية، سواء كان في رسالة ماجستير أو دكتوراه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

___________________________________

(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس 5/417.
(2) المصباح المنير للفيومي 2/421.
(3) ينظر: معجم المناهي اللفظية لبكر أبو زيد ص 666.
(4) ينظر: الانتصار لعبد المحسن العباد ص 23.
(5) أخرجه الدارمي رقم (235) وقال المحقق: إسناده صحيح.
(6) ينظر:مجموع الفتاوى لابن تيمية 11/336.
(7) وفي بعض المصادر وجدت العبارة "بعزو الناقلة" والفرق بينهما يسير.
ينظر: منجد المقرئين لابن الجزري 1/9.
(8) شرح طيبة النشر للنويري 1/53، اتحاف فضلاء البشر للبنا ص 6.
(9) إتحاف فضلاء البشر للبنا، ص 6.
(10) ينظر: السبعة في القراءات لابن مجاهد ص 226، معاني القراءات للأزهري 1/290، النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص 209.
(11) ينظر: إعراب القرآن للنحاس 1/431، معاني القرآن للفراء 1/252، شرح مشكل الآثار للطحاوي 1/223، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/7.
(12) ينظر: إعراب القرآن للنحاس 1/431، معاني القراءات للأزهري 1/291، المحرر الوجيز لابن عطية 2/5، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/7.
(13) أخرجه البخاري رقم (3836)، 5/42، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، ومسلم رقم (1647) ص 777.
(14) معاني القرآن للزجاج 2/6.
(15) ينظر: جامع البيان للطبري 6/343، تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين 1/345، زاد المسير لابن الجوزي 2/2، التسهيل لابن جزي 1/172، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/206.
(16) ينظر: شرح السنة للبغوي 13/18.
(17) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/11، روح المعاني للألوسي 4/184، تفسير المنار لمحمد رشيد رضا 4/334.
(18) يشير إلى حيث الثلاثة الذين توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، والحديث أخرجه البخاري رقم (3465)، 4/172، كتاب الأنبياء، باب حديث الغار، ومسلم رقم (2743) ص 1257.
(19) مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/339.
وينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 221، 29/139، 32/13.
(20) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 801.
(21) تفسير المنار لمحمد رشيد رضا 4/334.
(22) ينظر: فتح الباري لابن حجر 8/144.
(23) ينظر: جامع البيان للطبري 6/347.
(24) ينظر: جامعالبيان للطبري6/347.
(25) ينظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/113.
(26) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي6/11.
(27) الحجة في القراءات السبع لابن خالويه ص 119.
(28) ينظر: البحر المحيط لابي حيان 3/167.
(29) ينظر: الدر المصون للحلبي 3/555، البيان في غريب إعراب القرآن للأنباري 1/241.
(30) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي6/11.
(31) فتح الباري لابن حجر 13/462.
(32) المحرر الوجيز لابن عطية 2/5.
(33) شرح الكافية الشافية لابن مالك 3/1254.
وينظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 783.
(34)الجامع لأحكام القرآن للقرطبي6/10.
(35) بدائع الفوائد لابن القيم 3/876-877.
(36) ينظر: المنثور في القواعد للزركشي 2/17، وهذه المقالة للشافعي رحمه الله.
(37) الحواريون جمع حواري، وحواري الرجل: صفوته وخلاصته، وهو مأخوذ من الحور وهو البياض عند أهل اللغة، والحواري أيضا الناصر، وقد اختلف في سبب تسميتهم بذلك فقيل: لبياض ثيابهم، وقيل: لخلوص نياتهم، وقيل: لأنهم خاصة الأنبياء، قال الأزهري: الحَوارِيُّون خُلْصَان الأنبياء وتأويله الذين أُخْلِصُوا ونُقُّوا من كل عَيْب، وقال الزجاج: الحواريون: خلصان الأنبياء عليهم السلام، وصفوتهم.
ينظر: النهاية لابن الأثير 1/458 (حور)، تاج العروس للزبيدي 11/103 (حور).
(38) ينظر: الكافي للأشبيلي ص 360، النشر في القراءات العشر للجزري ص 228، اتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للبنا 1/545، غيث النفع للصفاقسي 2/ 565.
(39) فتح القدير للشوكاني 2/116.
(40) هذه أبرز أقوال أهل العلم، وهناك أقوال أخرى في توجيه الآية.
ينظر: تفسير الرازي 12/137، اللباب في علوم الكتاب لابن عادل الدمشقي 7/605.
(41) أخرجه البخاري رقم (3481) كتاب الأنبياء، باب رقم (54) بدون ترجمة، 2/4/176، وأخرجه مسلم رقم (2756) كتاب التوبة، ص1263، واللفظ لمسلم.
(42) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 20/36.
(43) أي في باب أن الجهل مانع من موانع التكفير.
(44) الفصل لابن حزم 3/ 296.
(45) ينظر: فتح القدير للشوكاني 2/116.
(46) جامع البيان للطبري 9/118-122.
(47) يقصد في قوله تعالى (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون (111) إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين).
(48) الكشاف للزمخشري 2/313.
(49) أخرجه البخاري رقم (7261) كتاب أخبار الآحاد، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم الزبير طليعة وحده، 4/9/89، وأخرجه مسلم رقم (2415) كتاب فضائل الصحابة، ص1134.
(50) أخرجه أحمد رقم (21897) 36/225، والترمذي رقم (2180) كتاب الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم، 4/475، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن القيم في اغاثة اللهفان 2/295، والألباني في كتاب السنة لابن أبي عاصم 1/37.
(51) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي8/284.
(52) زاد المسير لابن الجوزي 2/456، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبي 4/500، ولم أقف عليه في مظانه من كتب ابن الأنباري.
(53) المحرر الوجيز لابن عطية 2/260.
(54) ينظر: زاد المسير لابن الجوزي 2/456.
(55) ينظر: الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي 2/245، التحير والتنوير لابن عاشور 7/105.
(56) ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية 2/259.
(57) ينظر: مغني اللبيب لابن هشام 6/689.
(58) ينظر: البرهان للزركشي 3/407.
(59) ينظر: الإتقان للسيوطي 4/1512، 5/1697، تفسير الجلالين للسيوطي والمحلي ص 127.
(60) ينظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص 248.
(61) ينظر: مشكلات الأحاديث النبوية للقصيمي 1/115.
(62) معالم التنزيل للبغوي 3/117.
(63) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي 1/257.
(64) مجموع الفتاوى لابن تيمية 8/374.
(65) هذا القول مقارب للقول السابق في التوجيه وبين التوجيهين تلازم، وإنما أفردته لما رأيت تتابع أهل العلم على إفراده.
(66) ينظر: معالم التنزيل للبغوي 3/117.
(67) ينظر: الفروق اللغوية للعسكري ص 110.
(68) جامع البيان للطبري 9/117، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8 / 284.
(69) ينظر: إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي في القراءات العشر للقلانسي ص212، الإقناع في القراءات السبع للأنصاري ص 636، النشر في القراءات العشر للجزري ص 228، إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للبنا 1/545.
(70) ينظر: الكافي للأشبيلي ص 360، النشر في القراءات العشر للجزري ص 228، إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للبنا 1/545، غيث النفع للصفاقسي 2/ 565.
(71) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور 7/105، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/225.
(72) جامع البيان للطبري 9/117.
(73) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي 1/257.
(74)هكذا في المطبوع، ولعل الصواب: وهي.
(75) معالم التنزيل للبغوي 3/117.
(76) ينظر جامع البيان للطبري 9/117.
(77) أخرجه الطبري في تفسيره رقم 9/118 (وهذا لفظه)، وابن أبي حاتم في التفسير رقم (7014) 4/1243.
(78) أي بسبب ما فيها من إشكال.
(79) ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية 2/259.
(80) ينظر جامع البيان للطبري 9/117، المحرر الوجيز لابن عطية 2/259.
(81) أخرجه الطبري في تفسيره رقم 9/118.
(82)الجامع لأحكام القرآن للقرطبي8/284، وينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور 7/105.
(83) ينظر: تفسير ابن أبي زمنين 2/54، مجموع الفتاوى لابن تيمية 8/374.
(84) معاني القران للنحاس 2/385.
(85) أخرجه البخاري رقم (185) كتاب الوضوء، باب مسح الرأس كله، 48/1/1.
(86) التحرير والتنوير لابن عاشور 7/105.
(87) هي اسم شجرة بعينها من شجر السمر كانت للمشركين تعبد من دون الله ويعلقون بها سلاحهم تبركاً ويعكفون حولها فسألوه أن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك.
ينظر: النهاية لابن الأثير 5/128 (نوط)، لسان العرب لابن منظور 14/330 (نوط).
(88) أخرجه أحمد رقم (21897) 36/225، والترمذي رقم (2180) 4/475، كتاب الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم، وابن أبي عاصم في كتاب السنة (واللفظ له) رقم (76) 1/37، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في ظلال الجنه في تخريج السنة لابن أبي عاصم.
(89) ينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/472، مختصر الفتاوى المصرية للبعلي ص 202، الصواعق المرسلة لابن القيم 1/252.
(90) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/394.
(91) شرح كتاب التوحيد من البخاري للغنيمان 2/122.
(92) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/394، ولعل هذا القول منسوب إليه لأنه راوي الحديث الذي في التصريح بلفظ "فيكشف عن ساقه".
(93) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره رقم (3293) 3/335، ولفظه: عن ابن مسعود، في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} قال: (عن ساقه، يعني ساقه تبارك وتعالى).
وقال ابن منده في الرد على الجهمية 1/16: (أخبرنا علي بن العباس بن الأشعث الغزى بغزة ثنا محمد بن حماد الطهراني ثنا عبد الرزاق أنبأ الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن ابن مسعود في قوله جل وعز! " يوم يكشف عن ساق "! قال: عن ساقيه، قال أبو عبد الله: هكذا في قراءة ابن مسعود، و"يكشف" بفتح الياء وكسر الشين).
وقال السيوطي في الدر المنثور 14/643: (وَأخرَج عبد الرزاق، وعَبد بن حُمَيد، وَابن المنذر، وَابن منده عن ابن مسعود في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: عن ساقيه تبارك وتعالى، قال ابن منده: لعله في قراءة ابن مسعود يكشف بفتح الياء وكسر الشين...
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وَابن منده والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق إبراهيم النخعي في قوله: {يوم يكشف عن ساق}...
قال: وقال ابن مسعود: يكشف عن ساقه فيسجد كل مؤمن ويقسو ظهر الكافر فيصير عظما واحدا).
والدارقطني في الرؤية رقم (167) ص 269.
وقال الحاكم في المستدرك 2/587: (اسناد صحيح).
وذكر أثر ابن مسعود أبو يعلى في إبطال التأويلات رقم (160، 161)، 1/160.
(94) حيث بوب بلفظ آية سورة القلم ثم ذكر تحت الباب حديث أبي سعيد وفيه (فيكشف عن ساقه)، ينظر صحيح البخاري كتاب التفسير، باب (يوم يكشف عن ساق) رقم (4919) 6/159.
(95) ينظر: إبطال التأويلات لابي يعلى 1/159.
(96) ينظر: اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص 34.
(97) ينظر: فتح القدير للشوكاني 5/340.
(98) ينظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز 4/130.
(99) ينظر: دروس وفتاوى الحرم المدني لابن عثيمين 1/22.
(100) ينظر: السلسلة الصحيحة للألباني رقم (584).
(101) ينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/473.
(102) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص 881.
(103) ينظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان 2/121.
(104) أخرجه الدارمي رقم (2845)، 3/1848، كتاب الرقاق، باب في سجود المؤمنين يوم القيامة، وهذا لفظه، وأخرجه ابن منده رقم (8)، 1/17.
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (584).
(105) أخرجه البخاري كتاب التفسير، باب (يوم يكشف عن ساق) رقم (4919) 6/159، وأخرجه أيضاً في كتاب التوحيد، باب (وجوه يومئذ ناظرة) رقم (7439) 9/130.
(106) ينظر: الصواعق المرسلة لابن القيم 1/253، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص 34.
(107) أي مُنَكَّرة بدون اضافة.
(108) فتح الباري لابن حجر 11/18.
(109) الأسماء والصفات للبيهقي 2/182.
(110) السلسلة الصحيحة للألباني رقم (584).
وينظر: التعليق على فتح الباري لعبدالله الدويش ص 18.
(111) لم أقف على كلام صريح لابن عباس رضي الله عنهما في نفي صفة الساق من هذه الآية، وإنما الذي وقفت عليه – على تقدير ثبوته - هو تفسيره لهذه الآية بالكرب والشدة، وهذا التفسير لا يلزم منه نفي دلالة الآية على صفة الساق بل يمكن حمل الآية على المعنيين جميعاً كما سبق في النقل عن السعدي في القول الأول.
وقد جاء أثر ابن عباس هذا من عدة طرق منها ما أخرجه الفراء في معان القرآن 3/177، والحاكم في المستدرك رقم (3902) 2/587، والطبري في جامع البيان 23/187، والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (746)، 2/183.
وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد)، وحسن اسناده ابن حجر في الفتح 17/435.
وقال شيخ الإسلام عن رواية ابن عباس كما في الاستغاثة في الرد على البكري ص 293: (ساقطة الإسناد).
وقد جمع بعض الباحثين جميع طرق مرويات ابن عباس في هذا الأثر وتوصل إلى أنه لم يثبت منها شيء. ينظر: المنهل الرقراق في تخريج ما روى عن الصحابة والتابعين في تفسير " يوم يكشف عن ساق " لسليم بن عيد الهلالي ص 17.
وحتى لو ثبتت هذه الرواية عن ابن عباس فلا يصح الاستدلال بها على هذه المسألة، وذلك أن بن عباس كان يقرأ هذه الآية بلفظ (يوم تكشف عن ساق)فهو يقصد يوم القيامة ولا يقصد الله عز وجل، وسيأتي مزيد بيان في المطلب التالي إن شاء الله.
(112) ينظر: جامع البيان للطبري 23/188.
(113) ينظر: المرجع السابق 23/188.
(114) ينظر: المرجع السابق 23/188.
(115) ينظر: جامع البيان للطبري 23/195، البيهقي في الأسماء والصفات رقم (751)، 2/186.
(116) ينظر: إبطال التأويلات لأبي يعلى 1/159.
(117) ينظر: فتح الباري لابن حجر 11/18، ولم أقف على كلام الإسماعيلي عند غير ابن حجر.
(118) ينظر: الصواعق المرسلة لابن القيم 1/252.
واعتبرته هو القول المتأخر بدليل أن قوله الأول مذكور في كتابه: اجتماع الجيوش الإسلامية، وهذا القول مذكور في كتابه الصواعق المرسلة، وكتابه الصواعق المرسلة متأخر عن كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية بدليل أنه أحال في كتابه الصواعق على كتابه اجتماع الجيوش في أكثر من موضع منها: 4/1254، 4/1305.
(119) مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/394، وينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/473.
(120) أخرجه أبو يعلى في مسنده رقم (7283) 13/269، وابن جرير في التفسير 23/195، والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (752)، 2/187.
 وقال البيهقي: (تفرد به روح بن جناح - وهو شامي - يأتي بأحاديث منكرة لا يتابع عليها)، وأورده ابن كثير في تفسيره 8/199 وقال: (فيه رجل مبهم)، وضعفه ابن حجر في الفتح 11/18، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (1339)، 3/512.
(121) مجموع الفتاوى لابن تيمية 6/394، الصواعق المرسلة لابن القيم 1/252.
(122) الاستغاثة في الرد على البكري لابن تيمية ص 293.
(123) بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/473، وينظر: الصواعق المرسلة لابن تيمية 1/253.
(124) الصواعق المرسلة لابن القيم 1/253.
وينظر: مختصر الصواعق للموصلي 1/64.
(125) الاستغاثة في الرد على البكري لابن تيمية ص 293.
(126) ينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/474، الصواعق المرسلة لابن القيم 1/253.
(127) ينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/474.
(128) بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/473.
(129) الاستغاثة في الرد على البكري لابن تيمية ص 293.
(130) معاني القرآن للفراء 3/177.
قال النحاس في إعراب القرآن 5/15: (هذا إسناد مستقيم)، وقال شعيب الأرنؤوط (قلت: وهذا سند صحيح) كما في حاشية العواصم والقواصم لابن الوزير (8/341).
(131) الرد على الجهمية لابن منده ص 17.
(132) ينظر: إعراب القرآن لابن النحاس 5/15.
(133) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي21/175.
(134)الدر المنثور للسيوطي 14/646.
(135) ينظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 5/464، الصواعق المرسلة لابن القيم 1/245.